الأستاذ هيثم كابو والأستاذ وجدي الكردي.. أكرمهما الله.. نبهاني إلى حفل أبوعركي في سوق الواقف المنقول عبر قناة روتانا الموسيقية.. فتابعت بقية الحفل بعين مبهورة.. إذ فاتني أن أشاهد الفنان الجميل مصطفى السني.. لاحظت أن «أبوعركي» غنى كما لم يغنِ من قبل كان في مزاج عالٍ .. مما جعلني أقول إنه خارج السودان.. في جو مبهر.. في مسرح مزدان ببهاء انعكس ذلك على جمهور سوداني سمح المحيا والتجاوب .. جمهور أيضاً عالي المزاج .. هنالك جرثومة تشيع الإحباط والوهن حتى في الإبداع.. تحلق في سماواتنا بالداخل.. لم نستطع بعد تحديد كنه هذه الجرثومة ومن ثم القضاء عليها.. غابت الجرثومة تلك.. فانطلق أبوعركي .. وانطلقت الأوركسترا الفخيمة و انطلق الجمهور العذب يعبر في حرية بهية.. أزعم إن في مثل هذه الحفلات الممتعة ..المخدومة فنياً بسخاء.. لم تكن هنالك عيوب في الصوت فانطلق واضحاً.. لم يكن هنالك قصور في الإضاءة تزغلل العيون.. لم تكن هنالك فوضى في التجاوب من الحضور.. فلم يكونوا «يبشِرون» بطريقة فجة.. ليس بينهم من يحمل طفله ليرغمه على تحية الكاميرا في اعتداء سافر على طفولته ثلاث مرات.. مرة بتعذيبه بالسهر فينبغي أن يكون نائماً في مثل هذا الوقت.. وثانية بإجباره على أفعال هي من شيم الكبار.. وثالثه بتحريكه وهزه بما لا يستقيم مع بضاضة جسمه وبراءة طفولته.. أزعم أن فيها ترويجاً حقيقياً لفن الغناء السوداني بحيث يغري من يقيمون المهرجان على تضمين الفن السوداني ضمن مناشطهم تلك مع ضمان جمهور راقٍ وكثيف مثل الجمهور السوداني.. وهذه رسالة فنية أتمنى أن تكون قد وصلت.. انتقلت إلى مهرجان تكريم الفنان صلاح بن البادية وجاءت فقره يغني فيها.. وفي البداية طلب من الجمهور أن يعبروا عن أفراحهم من على البعد لأن الاقتراب منه يشوش عليه.. فهو من الفنانين الذين «يتسلطنون» حين يغنون «والسلطنة» لا تستقيم مع التبشير والإمساك بكتف الفنان أو الوقوف أمامه «تنطيطاً» لأنه يتسغرق في الغناء وقد كان .. فأبدع ود البادية في التغني وإبراز جمال صوته بطريقة آية في التطريب.. أرجو أن يعاد النظر في تعبيرنا عن أفراحنا وتجاوبنا مع الفنانين.. وقد أصبحت موضة أن يحمل الفنان ميكرفونه ويتحول مبشراً حول الجمهور.. بالعودة إلى حفل أبوعركي أودو أن أنبه إلى ضرورة «تنجيض» العمل خاصة في الحفلات التجارية.. أن يكون المسرح باهراً.. أن تراعى فنون الصوت والإضاءة.. أن يوكل الحفل إلى مخرج محترف يقوم بالإخراج الفني للحفل بما يضمن له حرفية عالية.. كما أزعم أن أغانينا ستعبر إلى المستمع العربي.. وأتمنى أن تكون الكلمات مكتوبة على الشاشة حتى تسهل عملية التلقي.. وهذه ليست بدعة فبعض الأغاني اللبنانية التي تكون لغتها عامية لبنانية قحه تصاحبها الكلمات مكتوبة على الشاشة.. رفع أبوعركي البخيت رأسنا عالياً .. كذلك يمكن أن يفعل عبدالقادر سالم إن صحبته فرقه راقصه للفنون الشعبية وعقد الجلاد والنور الجيلاني وشرحبيل وغيرهم وغيرهم .. علينا أن نعرف أين نخبئ كنزنا!!