في هذ المقالة سوف نواصل حديثنا السابق في الرد علي د.عارف حيث تكلم عن الحضرة النبوية، وكان الكاتب أولاً ينكر القيام عند ذكر النبى صلى الله عليه وسلم فلما أقمنا له الدليل على ذلك تهرب وقال أنه يقصد الحضرة فكتب قائلاً (وغير ذلك مما كتب نظماً ونثراً فى هذا الإعتقاد المبتدع وهو الحضرة ولا شك فى أنه غلو فى النبى عليه الصلاة والسلام ولم يدعى صحابى أو تابعى أو امام معتبر فى الشريعة حضور النبى صلى الله عليه وسلم لمجلس التفسير أوالحديث أو الفقه أو غيرها من مجالس العلم والمتصوفة يدعون حضور النبى عليه الصلاة والسلام لمجالس الرقص والصياح وضرب النحاس والطار والنوبات. اه الرد : نقول الحضرة أصلها من الحضور يقال حضر الغائب إذا جاء من غيبته وحضرت الصلاة جاء وقتها وحضرت جنازة فلان شهدتها. قال فى المصباح المنير وحضرة الشئ فناءه وقربه وبمحضره أي بمشهده.أه وأنكر الكاتب حضور النبى صلى الله عليه فى المولد وتعميماً للفائدة فإن العبادات لها حضرات عدة : حضرة المولى عز وجل وشهوده لعبادة عبده قال الله تعالى «وما تكون فى شأن وما تتلوا منه من قرءان ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه» «يونس 61». وقال تعالى (ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيمة إن الله بكل شئٍ عليم) (المجادلة 7) وفى حديث عمر رضى الله عنه من حديث جبريل عليه السلام الطويل والذى قال فيه أخبرنى عن الإحسان قال الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإن يراك. خرجه مسلم (1/36). فالمسلم إن كان فى عبادة سواء كانت واجبة أو مستحبة مثل الصلاة والتلاوة والذكر والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك من الأذكار فعليه أن يستشعر قرب المولى عز وجل منه وشهوده له مع مدوامة المراقبة لذلك عن أَنَسِ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً في الْقِبْلَةِ فَشَقَّ ذلك عليه حتى رؤي فى وَجْهِهِ فَقَامَ فَحَكَّهُ بيده فقال إِنَّ أَحَدَكُمْ إذا قام في صَلَاتِهِ فإنه يُنَاجِي رَبَّهُ أو إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فلا يَبْزُقَنَّ أحدكم قِبَلَ قِبْلَتِهِ وَلَكِنْ عن يَسَارِهِ أو تَحْتَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فيه ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ على بَعْضٍ فقال أو يَفْعَلُ هَكَذَا. خرجه البخاري (1/159). عَنْ كَرِيمَةَ بِنْتِ الْحَسْحَاسِ قَالَتْ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي بَيْتِ أُمِّ الدَّرْدَاءِ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا مَعَ عَبْدِي مَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ خرجه البخاري معلقا وابن حبان (3 / 97) وصححه فبقدر حضور العابد وشهوده لربه وأنه قريب منه يكون ثوابه وأجره فعن شفي قال ان الرجلين ليكونان في الصلاة مناكبها جميعا ولما بين صلاتيهما كما بين السماء والأرض وإنهما ليكونان في صيام واحد ولما بين صيامهما لكما بين السماء والأرض. خرجه ابن المبارك فى الزهد (2/24) أ_حضرة الملائكة للأعمال الصالحة وشهودها قال الله تعالى {إنا أنزلناه فى ليلة القدر ...إلى قوله تعالى تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هى حتى مطلع الفجر} ويروى عن قتادة عن أنس مرفوعاً قال : ( إذا كان ليله القدر نزل جبرئيل في كبكبة من الملائكة يصلّون ويسلّمون على كلّ عبد قائم أو قاعد يذكر اللّه سبحانه ). ب- شهودهم الصلوات واجتماعهم عند صلاتى الظهر والعصر عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وهو أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ. خرجه البخاري (1/203) ومسلم (632). وعن عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تَفْضُلُ صَلَاةٌ في الْجَمِيعِ على صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً قال وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ في صَلَاةِ الْفَجْرِ قال أبو هُرَيْرَةَ اقرأوا إن شِئْتُمْ ) وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كان مَشْهُودًا. خرجه البخاري (1/232) ومسلم (1/450). ج- حضورهم لتلاوة القرءان وتدارسهم : فعن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فى حديث مطولا : وما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ من بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إلا نَزَلَتْ عليهم السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ الله فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لم يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ. خرجه ومسلم (2699). وغيره د- حضورهم مجالس الذكر الجماعية : عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً فُضُلًا يتبعون مَجَالِسَ الذِّكْرِ فإذا وَجَدُوا مَجْلِسًا فيه ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حتى يملؤا ما بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فإذا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إلى السَّمَاءِ قال فَيَسْأَلُهُمْ الله عز وجل وهو أَعْلَمُ بِهِمْ من أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ جِئْنَا من عِنْدِ عِبَادٍ لك في الأرض يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ قال وَمَاذَا يَسْأَلُونِي قالوا يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ قال وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي قالوا لَا أَيْ رَبِّ قال فَكَيْفَ لو رَأَوْا جَنَّتِي قالوا وَيَسْتَجِيرُونَكَ قال وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي قالوا من نَارِكَ يا رَبِّ قال وَهَلْ رَأَوْا نَارِي قالوا لَا قال فَكَيْفَ لو رَأَوْا نَارِي قالوا وَيَسْتَغْفِرُونَكَ قال فيقول قد غَفَرْتُ لهم فَأَعْطَيْتُهُمْ ما سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا قال فَيَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إنما مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ قال فيقول وَلَهُ غَفَرْتُ هُمْ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ. خرجه مسلم (4/2069). وعن أبي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُمَا شَهِدَا على النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عز وجل إلا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عليهم السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمْ الله فِيمَنْ عِنْدَهُ. خرجه مسلم (2700). وقد يتسنى لكثير من الناس رؤية هذه الملائكة عند حضرتها فعن أُسَيْدِ بن حُضَيْرٍ قال بَيْنَمَا هو يَقْرَأُ من اللَّيْلِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفَرَسُهُ مربوط عِنْدَهُ إِذْ جَالَتْ الْفَرَسُ فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ فَقَرَأَ فَجَالَتْ الْفَرَسُ فَسَكَتَ وَسَكَتَتْ الْفَرَسُ ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتْ الْفَرَسُ فَانْصَرَفَ وكان ابْنُهُ يحيى قَرِيبًا منها فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ فلما اجْتَرَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إلى السَّمَاءِ حتى ما يَرَاهَا فلما أَصْبَحَ حَدَّثَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقْرَأْ يا بن حُضَيْرٍ اقْرَأْ يا بن حُضَيْرٍ قال فَأَشْفَقْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَطَأَ يحيى وكان منها قَرِيبًا فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَانْصَرَفْتُ إليه فَرَفَعْتُ رَأْسِي إلى السَّمَاءِ فإذا مِثْلُ الظُّلَّةِ فيها أَمْثَالُ الْمَصَابِيحِ فَخَرَجَتْ حتى لَا أَرَاهَا قال وَتَدْرِي ما ذَاكَ قال لَا قال تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ الناس إِلَيْهَا لَا تَتَوَارَى منهم. خرجه البخاري (4730). وغير ذلك مما هو كثير جداً لو أردنا أن نستقصيه لطال المقال. ومن معانى كلمة الذكر ذكر أحكامه وأوامره ونواهيه وغير ذلك من العلوم الشرعية وتعلمها وتعليمها ومدارستها ومنه ذكر رسله وصفاتهم وأفعالهم واقوالهم وذكر أنبيائه وأوليائه ومن انتسب إليه أو تقرب إليه بوجه من الوجه وسبب من الأسباب بنحو قراءة أو محاضرة أو شعر أو حكاية ونحو ذلك مما يتصل بالكتاب والسنة والعلوم الشرعية فإن كل ذلك من الذكر عند جمهور العلماء قال تعالى {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}. وقال عطاء مجالس الذكر هى مجالس الحلال والحرام. يعنى أحكامها. فهل يقال أنه لما لم ينقل حضور هؤلاء الملائكة لمجالس التفسير والحديث وتلاوة القرءان والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم وسير الأنبياء وغيرها فهل عدم نقل حضور الملائكة يدل على العدم على حسب منطق الكاتب. وأما شهود الملائكة وحضرتهم فى الجهاد وعند الحرب فثابت فى كتاب الله عز وجل وثابت بالسنن المتواترة وصح عن كثير من الصحابة أنهم رأوا هؤلاء الملائكة. والملائكة أيضاً يحضرون الميت ويجلسون منه مد البصر ويشهدون جنازته وربما حملوا نعش الميت مع الناس. فعن قَتَادَةَ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ قال لَمَّا حُمِلَتْ جَنَازَةُ سَعْدِ بن مُعَاذٍ قال الْمُنَافِقُونَ ما أَخَفَّ جَنَازَتَهُ وَذَلِكَ لِحُكْمِهِ في بَنِي قُرَيْظَةَ فَبَلَغَ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كانت تَحْمِلُهُ. خرجه الترمذي (3849) قال أبو عِيسَى هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وغير ذلك كثير جداً فى حضرة الملائكة وشهودهم للأعمال الصالحة بل على المرء أن يتنبه ويكون مع الله عز وجل ويتفطن إلى وجود الملائكة فى سائر أحواله عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ من فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا وإذا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ من الشَّيْطَانِ فإنه رَأَى شَيْطَانًا. خرجه البخاري (3127) وغيره. بل طلب منا الحياء منهم فعن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّيَ فإن مَعَكُمْ من لَا يُفَارِقُكُمْ إلا عِنْدَ الْغَائِطِ وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إلى أَهْلِهِ فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ. خرجه الترمذي (2800) و قال أبو عِيسَى هذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. فهل يقال أن الأذكار التى تقام فى هذا المولد وغيره والمحاضرات والدروس وسيرة النبى صلى الله عليه وسلم خارجة عن هذه العمومات المتقدمة من حف الملائكة بها وحضورها. حضرة أرواح الرسل والأنبياء للأعمال الصاحة : من ذلك حضورهم النبى صلى الله عليه وسلم حين أسري به فمن المتفق عليه أنه صلى الله عليه وسلم صلى بالأنبياء فى بيت المقدس وأنه مر بموسي عليه السلام وهو يصلى فى قبره وقطعاً هو ممن صلى بهم فى بيت المقدس ثم رآه فى السماء السادسة فراجعه فى أمر الصلاة وبه انتفع المسلمون. وعن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِوَادِي الْأَزْرَقِ فقال أَيُّ وَادٍ هذا فَقَالُوا هذا وَادِي الْأَزْرَقِ قال كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى مُوسَى عليه السَّلَام هَابِطًا من الثَّنِيَّةِ وَلَهُ جُؤَارٌ إلى اللَّهِ بِالتَّلْبِيَةِ ثُمَّ أتى على ثَنِيَّةِ هرشي فقال أَيُّ ثَنِيَّةٍ هذه قالوا ثَنِيَّةُ هرشي قال كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى يُونُسَ بن مَتَّى عليه السَّلَام على نَاقَةٍ حَمْرَاءَ جَعْدَةٍ عليه جُبَّةٌ من صُوفٍ خِطَامُ نَاقَتِهِ خُلْبَةٌ وهو يُلَبِّي قال بن حَنْبَلٍ في حَدِيثِهِ قال هُشَيْمٌ يَعْنِي لِيفًا خرجه مسلم (1/152) وغيره قال الإمام النووي شرح مسلم (2/228) قال فان قيل كيف يحجون ويلبون وهم أموات وهم فى الدار الآخرة وليست دار عمل فاعلم أن للمشايخ وفيما ظهر لنا عن هذا أجوبة أحدها أنهم كالشهداء بل هم أفضل منهم والشهداء أحياء عند ربهم فلا يبعد أن يحجوا ويصلوا كما ورد فى الحديث الآخر وأن يتقربوا إلى الله تعالى بما استطاعوا لانهم وان كانوا قد توفوا فهم فى هذه الدنيا التى هي دار العمل حتى اذا فنيت مدتها وتعقبتها الآخرة التى هي دار الجزاء انقطع العمل .اه فلو قال أحد ممن حج وفتح الله تعالى عليه برؤية أو نحوها فقال أن موسم الحج هذا شهده أحد الأنبياء أو نبينا صلى الله عليه وسلم أفيكون قد أشرك ؟ 4--- حضرة أرواح الصالحين للأعمال الصالحة وغيرها عن أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجَعَ من غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا من الْمَدِينَةِ فقال إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا ما سِرْتُمْ مَسِيرًا ولا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إلا كَانُوا مَعَكُمْ قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قال وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ.خرجه البخاري (4161). فهذا المسير إما بأبدانهم وإما بأرواحهم فلما أكد النبي صلى الله عليه وسلم معيتهم وكانت أبدانهم قطعا بالمدينة لم تكن المعية إلا بالروح وإلا صارت كلمة معكم لا معنى لها والنبى صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى. ومما يؤكد سريان الأرواح وحضورها للمعارف وسلامها ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأسماء بنت عميس قريبة منه إذ رد السلام ثم قال يا أسماء هذا جعفر بن أبي طالب مع جبريل وميكائيل وإسرافيل سلموا علينا فردي عليهم السلام وقد أخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا قبل ممره على رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث أو أربع فقال لقيت المشركين فأصبت في جسدي من مقاديمي ثلاثا وسبعين بين رمية وطعنة وضربة ثم أخذت اللواء بيدي اليمنى فقطعت ثم أخذت بيدي اليسرى فقطعت فعوضني الله من يدي جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل أنزل من الجنة حيث شئت وآكل من ثمارها ما شئت فقالت أسماء هنيئا لجعفر ما رزقه الله من الخير ولكن أخاف أن لا يصدق الناس فاصعد المنبر فأخبر به فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إن جعفر مع جبريل وميكائيل له جناحان عوضه الله من يديه سلم علي ثم أخبرهم كيف كان أمره حيث لقي المشركين فاستبان للناس بعد اليوم الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جعفر لقيهم فلذلك سمي الطيار في الجنة . خرجه الحاكم (3/232-234) والطبرانى وأبو جعفر بن البختري (1/225). ولهذا الحديث روايات أخري بمعناه هو بها صحيح قال الهيثمي إسناده حسن 5-الحضرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وهي حضور روح النبي صلى الله عليه وسلم أولا : على المسلم أن يستشعر حضور النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وذلك عند قوله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ومعلوم أن لفظة أي من أدوات النداء وتختص من بينها بنداء القريب فإن ياء للبعيد وأي للقريب والسلام على النبي بهذا اللفظ يدل على قربه صلى الله عليه وسلم بحسب ظاهر اللفظ وهذا نوع من الحضور . ثانيا : عن أبي هُرَيْرَةَ عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال ما من أَحَدٍ يُسَلِّمُ علي الا رَدَّ الله عز وجل إلي روحي حتى أَرُدَّ عليه السَّلاَمَ (مسند أحمد بن حنبل ج 2 ص 527) لم يبن في هذا لحديث مكان الرد هل يكون من القبر النبوي أومن مكان المصلي والمسلم والذي يترجح عندي أنه يكون عند مكان المصلي والمسلم ويحضر عنده وذالك للآتي : ا أجمع المسلمون على أن الشهداء أحياء في قبورهم وذالك بدلالة الكتاب والسنة ، وأجمعوا أيضا على أن الأنبياء أرفع درجة منهم وأنهم بأرواحهم في قبورهم أحياء وأرواحهم أقوى و أمضى فقوله رد الله علي روحي معناها حضور الروح عند المسلم ورجوعها ولا يتأتى معناها إلا بهذا. لأن روح النبى صلى الله عليه وسلم أصلاً حية وموجودة ومتعلقة بالجسد الشريف. وأما ما رواه أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجعلوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم. رواه أبو داود بإسناد صحيح