{ يظل الراحل مصطفى التماري أحد أبرز الأرقام الجميلة في تاريخ مريخ الأبيض وتاريخ الرياضة في شمال كردفان، لأنه لعب أدواراً محورية وريادية وأساسية في تاريخ هذا النادي العريق، بل كان أحد أصحاب الأكتاف العريضة التي نهضت بمريخ الغرب كما يحلو لأهل الغرب أن ينادوه عندما كان وحده يصول ويجول باسم كل غرب السودان. { ظل الراحل مصطفى التماري الوتد والسند في بناء هذا النادي وأجزل له العطاء بقلبه وعقله وجيبه أيضاً وكان يمثل أحد دهاقنة الإدارة بحكمته ومثابرته ومهاراته وشيطنته وقوة شخصيته وكاريزما القيادة التي يتمتع بها. { وخلال رحلة مدير إدارة الرياضة للإمارات التقى بابنه الأكبر الأستاذ إبراهيم مصطفى التماري، ولم يندهش عندما تعرف عليه من قرب ولم تكن مفاجأة أو مصادفة عندما وجد الابن امتداداً للأب نبلاً وأصالة وانتهزنا فرصة تواجدنا معه وأجرينا حديثاً مهماً معه، وكان والده الحاضر الغائب في أول حديث صحفي يصدر من أبنائه، وكان اللقاء بإبراهيم مثمراً وشكل لوحة في حب المريخ فتحدث بصدق المشاعر عن رحلة والده مع مريخ الأبيض. { تحدث الأستاذ إبراهيم التماري بلغة السهل الممتنع، لا سيما وهو محامي يزن كلماته بميزان الذهب بنظرات صائبة ورؤية عميقة وذكاء متقد، ففجر الكثير من المفاجآت في مشوار والده الطويل مع الأحمر والأصفر فكانت هذه الإفادات المهمة والقوية فماذا قال: طارق التماري إداري ناضج.. وهؤلاء مطبخ القرار في النادي الكبير } إبراهيم التماري يكشف أسرار جديدة من مكتبه في دبي } من الشمال الراحل التماري وأبنائه إبراهيم والتجاني جلوساً ووقوفاً طارق وإبن عمته الزين ٭ عيوننا تفتحت على الأحمر: سألت الأستاذ إبراهيم التماري الابن الأكبر للراحل مصطفى التماري، كيف تبدو علاقة أبناء الراحل بالمريخ وكيف أمكن لكل الأبناء أن يعشقوا الأحمر وفي كثير من الأحوال تجد انقساماً وسط الأسرة، بمعنى أن يكون هناك هلالاب داخل أسرة مريخية.. فكيف أجاب؟ - يرد إبراهيم قائلاً: حقيقة أن علاقتنا مع المريخ ليست ذات طابع شكلي هش بل هي من البداية تنطوي على حب شديد لكل ما هو أحمر وأصفر، فقد علمنا الوالد عليه رحمة الله أن نحب المريخ وأن نعشق تاريخه وأصبحنا منذ صغرنا مولعين بحبه، وحقيقة لقد كان تأثير الوالد علينا شديداً وعشنا في أجواء لا نرى فيها سوى اللونين الأحمر والأصفر، ونشأنا في أحضان والد مشبع بحب المريخ، لذلك فإن حبه بالنسبة إلينا راسخ في الوجدان. ٭ عندما اندهشت الوالدة: ويمضي الأستاذ إبراهيم قائلاً: استطيع أن أقدم إليك مئات المشاهد التي عشناها مع الراحل تصب في مريخيته المتشددة، ولكن دعني فقط أتوقف عند حادثة بعينها شهدها منزلنا، حيث قام الوالد بطلاء حوض شجرة الجوافة باللونين الأحمر والأصفر وجعلها في شكل نجمة وظهر جلياً عدم رضا الوالدة على هذا العمل، وهنا ثأر الوالد وعلا صوته غضباً لما أسماه تقليل الوالدة من شأن المريخ، إلى هذا الحد يحب الوالد المريخ فلا تنازل عن ثوابته، والرغبة والمزاج والراحة النفسية أن يرى كل شيء أحمر حوله. فألقى بحب المريخ على شغاف قلوبنا ولب عقولنا، وهكذا فنحن صورة طبق الأصل من الوالد. الخلاف الشهير بين والدي وغندور سألت إبراهيم التماري عن مواقف لا تنسى للوالد عبر مشواره وسنواته في المريخ، فرد بسرعة كأنه كان يتوقع هذا السؤال ليقول: أبرز هذه المواقف والمشاهد عندما نشب خلاف حاد بين والدي وأخي غندور، وكنت من جانبي في غاية التأثر والحزن لما حدث وصارحت والدي بالحقيقة على أساس أنه المخطئ الأمر الذي دفعني لأطالبه بالاعتذار لغندور، لأنه مثل ابنه، فرفض الوالد تحقيق رغبتي وكان يقول المصالحة مبدأ مقبول ولكن أتركني الآن، وقال أيضاً لا تظن أن الأمور مثلما تظنها من سوء، وقال إن خلافاتنا تنتهي بسرعة مهما بلغت درجاتها، وبعد فترة وجيزة علمت بأن الرجلين تحولت علاقتهما لما كانت عليه سمن على عسل و في حالة صفاء نادر. وأكدت الأيام أن الواحد منهما سريعاً ما يراعي المعايير الاجتماعية والعلاقات الإنسانية، وأننا في الوسط الرياضي والحمد لله نرجح كفة العقل ولا نترك للخلافات أن تفسد الود والرابط بين الرجلين أكبر من أن يفسده خلاف عابر، وتجسدت مشاعر الحب الصادق بين الرجلين وغندور يبكي والدنا أكثر منا ويقابل رحيله بمشاعر حزن مؤثر حتى كنا نشفق عليه وكان إحساس غندور بفقد الوالد كبيراً وعميقاً. ٭ عندما طالبته بترك المريخ! ومضى الأستاذ إبراهيم يحكي المواقف الكبيرة والمشاهدات التي رصدها من مشوار الراحل المقيم، ويقول لقد طلبنا منه ذات مرة أن يترك المريخ فجاء رده عليّ بصورة عاصفة أرجو ألا تعتقد بأنني أتحدث معك بطريقة النكتة أو المزاح أو أنني ألامس حدود المستحيل بالكلام فقط، وقال لي إنك بهذا الطلب تذهب بعيداً في طلبك الذي يحمل الكثير من المغالاة، وقال إن أولادي أربعة إبراهيم وتجاني وطارق وحسن ولكن خامسهم هو المريخ، فهل تريد مني أن أتخلى عن أي منكم وإذا كان ذلك ممكناً فسوف أتخلى عن المريخ. بقلوبنا وسيوفنا مع المريخ ورداً على السؤال إلى أي مدى ستواصل أسرة التماري مساندتها القوية للمريخ كان يقول الأسرة ستواصل سيمفونية العطاء للمريخ بدون انقطاع، ستتواجد في مشهده ومسرحه ولا شيء يعزلنا عنه. طارق على درب والدنا وأدواره فاعلة في نادينا الحبيب وعلى درجة كافية من النصح الإداري وسنبقى مع المريخ بقلوبنا وسيوفنا. ٭ إنجازات فارقة سألت الأستاذ إبراهيم عن أبرز الانتصارات التي عايشها على عهد والده، فكان يقول أولها تمثيل مريخ الأبيض أفريقياً والثانية صعوده للدوري الممتاز ووجود الوالد مع المريخ ليس مربوطاً بوجوده في مجالس الإدارة وتجده مهموماً به خارج مجلس الإدارة أكثر مما يكون بداخله مع صناع القرار في مريخ الأبيض وهم كثر ولكن على سبيل المثال لا الحصر الحاج عثمان السيد عبد الباقي الذي كان يناديني بابن الركابية ويتعامل معي بود شديد، وهناك فتح الرحمن العباس وصديق هاشم وغندور وغيرهم من الذين يمثلون بوصلة مساره وإصلاح حاله والحدثين يمثل كل منهما لحظة فارقة في تاريخ المريخ. ٭ لا ندم.. لا ندم! وسألت الابن الكبير وسط أبناء الراحل المقيم التماري عما إذا كان الوالد قد أظهر ندماً في يوم من الأيام على تضحياته في المريخ، وكان إبراهيم يرد قائلاً: بالرغم من أن طريقه ومشواره الإداري قد اكتنفته بعض العراقيل والآلام لم يجأر بالشكوى يوماً من الأيام ولم تصدر منه كلمة واحدة يشير فيها إلى أنه ندم على ما قدمه للمريخ، بل كان يفاخر بما تحقق على أيديه وزملائه الذين كانوا يعملون على قلب رجل واحد. ٭ أنا قادم بقوة! سألته هل تفكر بالعمل الإداري في النادي بعد عودتك النهائية للبلاد فكان يقول قلتها للأخوين الدرديري والرشيد يوسف إنني الآن غير مهيأ للعودة للبلاد ولكن إن شاء الله طال الزمن أو قصر فإن أحد تطلعاتي المشروعة قيادة العمل الإداري بنادينا الحبيب مستكملاً مشوار والدنا العزيز، حقيقة هذا ما يجول بخاطري ووفق ظني. ** على لسان إبراهيم التماري: ٭ ما حدث في أفراح زواج شقيقي من تقدير مريخي للأسرة بمشاركة فاعلة مؤثرة وتاريخية يجعلنا نشعر بمسؤولية مضاعفة تجاه مريخ الأبيض. ٭ علاقتي مع المريخ منذ الصغر، وعندما أعود بذاكرتي للوراء أجد نفسي متابعاً للمريخ منذ أن كان موقعه في حي القبة على الخور ولازالت أذكر شكل النجمة على بابه الحديدي. وتبقى الأيام الجميلة في الذاكرة عندما كنا نركب العربة الكومر مع نجوم المريخ، وهو الكومر الذي اشتراه المريخ من مزاد النقل الميكانيكي في الأبيض.