ياسر عرمان رجل معروف ورقم في السياسة السودانية، فهو قيادي بالحركة الشعبية أولاً، وبعد انفصال الجنوب أصبح قيادياً بالحركة الشعبية قطاع الشمال، ووصل فيها لدرجة أن يكون مرشحها لرئاسة الجمهورية في الانتخابات الأخيرة، وهو رجل قلق لا يعرف السكون أبداً.. ولا يريد أن يظل الوضع هادئاً في اي مكان يحل فيه.. وقد كنا نسمع عنه وعن أحاديثه وأفعاله، واقترب أكثر عندما بدأت مفاوضات السلام واتضحت صورته عندما وصلت الاتفاقية لشقها التنفيذي، ثم ظهر بالكامل بعد غياب د. جون قرنق.. وعلا صوتهم وتمدد مع مجموعة أخرى لا تبعد عنه كثيراً، وقد غلبت موازين الحكم في حكومة الجنوب، بعد أن فعلوا كما كان يفعل عرمان عندما كانت الحركة الشعبية شريكة في الحكم مع المؤتمر الوطني.. وإذارجعتم بذاكرتكم لتلك الفترة لوجدتم أنه كان يتعامل كحزب معارض للحكومة لا كشريك فيها.. لم يترك شيئاً إلا فعله حتى المظاهرات نظمها وكانت هي المرة الأولى التي نسمع فيها بجماعة تظاهر ضد نفسها.. المهم الآن مرت السنوات وانفصل الجنوب وأصبح دولة، رحلت الحركة الشعبية قطاع الشمال شمالاً وجلست في الحزام الرابط بين الشمال والحنوب، وتغيرت المطالبات ولم يبقَ منها شيء في مكانه إلا إسقاط النظام في الخرطوم وإقصاء المؤتمر الوطني من سدة الحكم، وعندما أصبحت المطالبات خاصة بأبناء تلك المناطق لم يبتعد عرمان ليترك القيادة لأبناء المنطقة الذين يعرفون مصلحتها أكثر من أي شخص آخر، حتى لو كان قيادي لا يشق له غبار فأبناء المنطقتين أدرى بها، ويمكنهم الوصول لاتفاق يخرج مناطقهم من عنق الزجاجة ويحفظ دماءهم ودماء أطفالهم الذين ضاعت سنينهم في الجري من أصوات الدانات والسلاح وعلاجهم من الخوف الذي عشعش في نفوسهم، والتنمية التي تراجعت كثيراً.. هذا بالإضافه للتشرد والنزوح وكل ويلات الحروب، بالإضافة للغرب الذي أصبح يتاجر بمعاناتهم الحقيقية وغيرها والسلاح المدمر الذي يدخل مناطقهم.. واعتقد أن كل هذه القضايا تحتاج لأصحاب الوجعة لمناقشتها، وحسمها فهم يعرفون متى يقدمون التنازلات ومتى يتعنتون، وهم الذين سيعترفون بنتائج المفاوضات وهم الذين سينفذونها ولا تحتاج لمن يزايدون بها.. فالوضع أصبح لا يحتمل التسويف ولا التعنت ولا اللف والدوران ولا محبي الظهور وخميرات العكننة، واعتقد أن هذا ما جعل بعض الأصوات تطالب بابعاد عرمان فلتة زمانه.