اختزن في الذاكرةالجمعية أن يوم الثلاثاء الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001م والذي تم فيه ضرب برجيَّ مركز التجارة الدولية بمنهاتن ومقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، بأنه هو اليوم الذي تحول فيه مسار التاريخ الحديث إلى ما يسمى بمحاربة الإرهاب العالمي، بعد أن حصد أكثر من ثلاثة آلاف شخص وآلاف الجرحى والمصابين في تلك المواقع الحساسة. وأدت هذه الحرب والتي انقسمت لاحقاً إلى حروب عدة، بقيادة أمريكا إلى سقوط الآلاف من الضحايا سواء من المستهدفين أو الأبرياء، مع وقع هجمات شرسة شملت أصقاع ومساحات واسعة من المعمورة، ولا زالت ذيولها باقية في باكستان وأفغانستان والصومال، وحتى كينيا ومالي وليبيا ومصر القريبة والحبيبة. ورغم حجم الخسائر البشرية والمادية الطائلة الناجمة من هذه الحرب المستعرة إلا أن الإرهاب الحقيقي الذي اجتاح السودان بنسبة مرتفعة، لم نسع بعد لاجتثاثه من جذوره - وتذكرني «اجتثاثه» هذه بتغريدة المعارضة إياها- إلا أنهم لم يفعلوا بل شاركوه في أكل الكعكة لتزداد الجذور رسوخاً. نعم نعود لنقول إن الإرهاب الحقيقي هو (إرهاب الفقر)، ما زال يتعمق في صميم حياتنا كمواطنين نساء ورجالا شيباً وشباباً، وبات يهدد حياة الملايين من السودانيين الذين استحالت عليهم سبل العيش الكريم بعد أن اختلط الحابل بالنابل. نعم هناك فئة أبطرت وأفحشت في الغنى وفئة عظمى غاصت في قاع الفقر والجوع والمرض، في ظل الغياب التام لرؤية اقتصادية أو سياسية تنقذ عباد الله من هذه الوهدة. أنظروا للكوادر المؤهلة وخاصة الأساتذة الجامعيين والأطباء، وهم يحزمون حقائب السفر بلا عودة ولأولئك الشباب من الخريجين الذين تسربوا إلى الأسواق والحافلات وأمجاد بل والرقشة بعد أن قذفوا بشهاداتهم بعيداً.. ولأولئك القلة من المحظوظين من الخريجين والخريجات الذين هربوا بجلودهم لخارج الوطن ليمتهنوا مهناً لا تتناسب في معظمها لمؤهلاتهم الدراسية والمهنية، ناهيك عن مآلات ذلك من تبعات اجتماعية خطيرة تفشت هنا وهناك لتنخر ب(سوسها) في صميم حياتنا اليومية. كل هذا يحدث في ظل إرهاب الجوع والفقر الذي ضرب أطنابه حتى اجتاح القرى والحضر، في حين أن ناس البرج العالي /ما شغالين بي زول، والدنيا تفوت والناس تموت، ياجماعة الخير - كما يقول صديقي ورفيق الدرب العكاظي- الشاعر المرهف عبدالعال السيد - السودان يحتاج لوقفة جادة، فهو لا يستحق كل هذه الوعثاء التي أدخلتموها فيه، ولا يستحق كل هذه الحروب التي حطمت المشاريع القائمة والنائمة، ووسعت من رقعة الفتق. أزيلوا هاجس الخوف الذي تفشى في أوساطنا، أزيلوه بالإرادة الصادقة والتخطيط السليم، والقيادة الرشيدة الملهمة والمحفزة للإنتاج والعمل، مع بسط السلام والطمأنينة، قبل أن يأتي يوم لن تجدوا فيه من تلوحوا له بالعصا أو يلوح لكم بالعصيان. فاصلة: خاب عبد وخسر، لم يجعل الله في قلبه رحمة البشر. ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه.