الخطوة التي اتخذتها حكومة ولاية الخرطوم ببسط الحريات وإطلاق حق التعبير خلال أسبوع قوبلت بردود أفعال متباينة من القوى السياسية المعارضة، وإن كانت وجدت استحساناً من حزب المؤتمر الشعبي. القوى السياسية قالت إن مسألة الحريات يحكمها قانون مركزي لا شأن لوالي الولاية به وليست من اختصاص الخضر، وذكرت أنها لا تتجزأ وتمنح ولاية دون الأخرى. أيضاً اعتبرت أن الحكومة قد ورّطت نفسها واعترفت بمصادرتها لحق كفله الدستور وها هي الآن تمن ببسطه. الحزب الشيوعي طالب الحكومة والحزب الحاكم بتقديم توضيح عن أسباب منعهم للحريات من الأصل؟ ولماذا قاموا بمنع ندوة شمبات وغيرها من المماثلات.. القيادي بالحزب الشيوعي يوسف حسين اعتبر أن تلك من علامات تلكؤ الحكومة، وزاد يوسف أن حديثها لا ينطلي علينا، وقال «الناس ما عندها قنابير»، وقال إن الحريات ليست من اختصاصات أو سلطات ولائية وإنما هي بيد السلطة المركزية وإن الحريات لا تجزأ. وذكر يوسف حتى لو كان ذلك من باب إبداء حسن النوايا للحوار، فنحن نقول الذي يفعله الوطني الآن ليس حواراً وإنما «استكراد» فكيف يدير حواراً وهو طرف في النزاع!! ونحن لا نقبل أن يكون الحكم والخصم شخصاً واحداً. الحركة الاتحادية أكدت أن قضية الحريات قضية قومية ومركزية وأنها ليست من مهام الولاة.. أبو الحسن فرح نائب الحركة قال إن هذا الحزب لا يستطيع أن يحكم إلا في ظل النظام الديكتاتوري ولا يتأتى إلا بالضغط الشديد الداخلي والخارجي وأن يتطور هذا الضغط مع تطور عنف النظام. قاطعاً بأنه لن يتخلى عن السلطة ولن يبسط الحريات «بأخوي وأخوك». وأردف أن الحريات لا يمنحها الخضر وإنما تنزع. المؤتمر السوداني وصف القرار بحالة تخبط يعاني منها الوطني لأن هناك تصريحان متضاربان لمجموعتين من قياداته، أحدها يؤكد منح الحريات خلال أسبوع وأخرى تؤكد أن هناك حريات تامة ومبسوطة فعلياً وممارسة.. وقال الأمين الإعلامي للحزب أبو بكر يوسف إن حديث الوطني اعتراف ضمني بأنه ليس هناك حريات، وزاد يوسف أن القانون الذي ينظم ممارسة العمل السياسي ليس ولائياً وإنما هو مركزي، ووالي الخرطوم ليس مضطلعاً بالإشراف عليه. واعتبر يوسف أن التصريح جاء نتيجة للحرج الشديد الذي وضعت الحكومة نفسها فيه، بما فعلته في ميدان الرابطة بشمبات. وما يشير لذلك تصريحات نائبة رئيس البرلمان سامية أحمد محمد بأن البرلمان ليس له علم بما حدث في ميدان الرابطة واصفة إياه بالانتهاك المرفوض. وأضاف يوسف أن حالة الاحتقان التي وصلت لها البلاد ليس لها مخرج إلا مزيد من بسط الحريات، ويجب أن لا تكون قضية مزايدات سياسية لأنها المدخل لإيجاد انفتاح بين القوى السياسية والحكومة، معتبراً أنه إذا حدث انفراج في مسألة الحريات فسيكون حق اكتسبته القوى السياسية عبر نضالها المستمر. حزب المؤتمر الشعبي خالف رأي القوى السياسية واعتبرها مؤشراً إيجابياً يستحق التثمين والإشادة. وقال القيادي بالحزب أبو بكر عبد الرازق إنها توجيه من سلطات أعلى للوالي لترتيبات كثيرة سيفعلها الوطني خلال هذا الأسبوع وفي إطار «مشهيات» الحوار وإبداء حسن النوايا ورسالة من الحكومة بأنها جادة فيما تقول، داعياً القوى السياسية الاستفادة من الخطوة للتعبير عن ممارسة سياسية راشدة تعبر عن حريات مسؤولة. وزاد ينبغي أن لا تغلق المظاهرات الشوارع والكباري ويجب أن تتحرك سلمياً، ولا يجوز للسلطة منعها بل عليها تأمينها كما تؤمن الكباري والشوارع. ولم يستنكر تصريحات الوالي، وقال إن الخرطوم رمزية للتعبير السياسي.