مع بدايات فجر يوم جديد يممنا وجهتنا شطر الولاية الشمالية في زيارة تعد الأولى من نوعها لتفقد الآثار بالمنطقة وزيارة المشروع القطري السوداني الذي يعمل في ترميم عدد من المواقع الأثرية، منها جبل البركل وعدد (53) هرماً بمنطقة البجراوية بمعية وزير السياحة والآثار والحياة البرية المهندس عبدالكريم الهد، ومعلوم أن الولاية تتمتع بكم هائل من المقومات السياحية «سياحة الصيد والسفاري والصحراء والسياحة العلاجية». ملامح حياة أخرى: أثناء انتظار وفد الوزير وتحديداً في منطقة غرب أمبدة أفلحت بائعة الشاي في الوصول باكراً قبيل «النباه» الأول ورائحة اللبن «المقنن» تفوح مع نسمات فجر بارد أغرت وفدنا بالنزول واحتساء كوب شاي، فالطريق يؤمه المسافرون تجاه طريق شريان الشمال واحتساء كوب شاي دافيء أقصى ما يطمح إليه المسافر في هذا الوقت تحديداً، والجمر يتوهج تحت الموقد والجميع في حالة ترقب سمعناه يقول لنا الطريق طويل ولابد من الزوادة، هكذا حدثنا المخرج التلفزيوني «كردش» الذي شرع في تحميص الخبز الطازج من الفرن وقدمه لنا كوجبة فاخرة مع شاي الصباح وملامح لحياة أخرى في الطريق. وتحدث مدير السياحة والآثار بالولاية عن ظهور الطفح المائي في منطقة البرقيق نتيجة زيادة المياه الجوفية الموجودة في الحوض النوبي نتيجة وجود بحيرة السد والسد العالي مما أدى لزيادة هطول أمطار بكميات كبيرة، وكشف عن إجرائهم عدداً من الدراسات للمحافظة على المواقع خاصة موقع الدفوفة الشرقية والغربية وموقع دكي. استقبال الوفد في دنقلا: استقبال حاشد تقدمه والي الولاية الشمالية إبراهيم الخضر وأعضاء حكومته ومنها توجهنا صوب المجلس التشريعي، حيث حذر رئيس المجلس التشريعي من خطورة الطفح المائي الذي يهدد الآثار بالمنطقة، وأكد أن السياحة عنصر فعال ومورد اقتصادي مهم، وأشار إلى أن المنطقة تزخر بالحضارة الإسلامية والمسيحية القديمة والفرعونية، وأكد وزير السياحة عبدالكريم الهد أن الزيارة تهدف للتنسيق والتوافق لإحداث نهضة في السياحة، وقال إن السياحة مرتبطة بأكثر من 145 نوعاً من الأشغال من صناعة السياحة والمنتجعات. وفي لقائنا بالوالي تحدث إلينا عن حضارة المنطقة والمعالم الأثرية المتميزة ووعد بتذليل كافة الصعاب للمستثمرين في مجال السياحة متاحف ومنتجعات ومواقع أثرية. كان متحف كرمة وموقع الكوة أول مناطق زرناها ومنها إلى منتجع الارتياح وفضل الذي حكى عن نهضة سياحية بالمنطقة، كما شملت الزيارة في اليوم الثاني موقع الخندق على حنية مجرى نهر النيل والتقينا مدير بعثة حفريات الخندق دكتورة انتصار صغيرون وحدثتنا عن أهمية المنطقة التجارية، فقد كانت ميناءً نهرياً حتى بدايات القرن العشرين، وأشارت إلى أن المنطقة تشتهر بالمدافن الجماعية من الفترتين الإسلامية والمسيحية، وقالت بوجود مناطق ارتبطت بأحداث تاريخية، فهناك ميدان الفاشر وميدان إلياس وحوش الشفيع الذي استقبل الزعيم الأزهري، والمسجد الحسيني بالخندق. من هناك توجهنا صوب منزل الصديق إبراهيم راوي التاريخ، ووجدنا البيت الذي تم ضمه إلى المناطق الأثرية وتحركنا من دنقلا العرضي إلى دنقلا العجوز مدينة المغرة، وفي منطقة ناوا وقف الأثر مسجد عبدالله بن أبي السرح شامخاً يحكي عن اتفاقية البقط ودخول الإسلام لدولة المغرة، وقف الأثر يقاوم الرمال التي أحاطت به وطمست معالم جمال المكان الروحي وكان الجانب السياحي الروحي يتحدث عن نفسه فال(99) قبة وشيخ عووضة القاج وغلام الله بن عايد الركابي والفكي عوض وسوار الدهب وعدد من المشايخ والعلماء كانت أرواحهم تحلق في المكان وتحيطه بخصوصية. اشتملت الزيارة جبل أبوصالح والمقابر المسيحية ومنطقة كدكول وموقع امنتجو. وفي موقع جبل البركل كانت البعثة القطرية تباشر أعمالها، وكشف المدير التنفيذي للمشروع القطري السوداني للآثار عن انتهاء الموسم الآثاري الأول في مارس وقال تعد البعثة الأولى من نوعها بالتعاون مع المعهد الألماني وعدد من الجامعات والمؤسسات، وأكد زيادة حجم البعثات إلى 40 في الموسم الآثاري القادم في سبتمبر، وزاد نهدف التحقق من وجود مقابر جديدة مكتشفة. في البيت النوبي استقبلتنا الإيطالية فالمينا كوستا بالثوب السوداني ضاحكة وهي تقول «أنا شايقية» ورافقت الوالي ووزير السياحة والوفد في جولة استعرضت فيها ملامح البيت النوبي القديم ببساطته واستخدام المواد المحلية المتاحة، وعرفتنا على أحد النزلاء النرويجي تور اوفيلن الذي يزور السودان للمرة الأولى، وعبر لنا عن إعجابه بالمكان وقال لم أحضر عن طريق الصدفة إلى هذا المكان، فلقد نصحوني إذا أردت أن تذهب للسياحة في السودان عليك التوجه شمالاً. }}