مدينة الكرو الأثرية التي تقع في أقاصي الولاية الشمالية ظلت وما تزال تمثل قبلة ومزاراً دائماً يرتاده السواح وعلماء الآثار من داخل وخارج البلاد خاصة الدول الأوربية والأمريكية، وهذه المدينة التي يحتضنها منحى النيل تحتضن بدورها (جبانة) الأسرة (25) السودانية التي حكمت مصر العربية (6) قرون وتم اكتشاف في هذه الجبانة على يد عالم الآثار (رايزنر) في أواخر العام 1918م، ولم يكن اكتشاف هذه الجبانة نهاية لسلسلة الاكتشافات للآثار والمعابد التي تزخر بها المدينة وقيد أيام قلائل اكتشفت بعثة جامعة (ميتشجان) الأمريكية معبد جنائزي منحوت بالصخور، ويتكون من عدة غرف لها إرتباط بالجبانة الملكية والتي تضم- حسب إفادات دكتور جمال جعفر عباس المدير الحقلي لموقع الكرو الأثري- عدد من الملوك السودانيين الذين حكموا مصر ومن بينهم الملك (كاشتا) وهو أول من شرع في فتح مصر و(بعانخي)، الذي اشتهر بعشقه للخيول، وقد أكمل مهمة فتح مصر بعد أن خاض حرباً شعواء مع الآشوريين في فلسطين ومن أبرز الملوك الذين تم دفنهم في الجبانة الملكية التي تعد الأول لمؤسسي حضارة نبتة الملك (شبكة) و(شباتكو) و(تانوت أمني) آخر الملوك المنسحبين من مصر ويقول جمال إن الملك (ترهاق) رغم أنه من الأسرة (25) التي حكمت مصر إلا أنه لم يتم دفنه بهذه الجبانة، ودفن بمنطقة (نوري) ويمضي قائلاً: إن بعثة الجامعة الأمريكية تقوم الآن باكتشافات في الهرم رقم (1) بالمنطقة.. وأردف إن إكتمال هذه الاكتشافات ربما يقود إلى تغيير جبانة الكرو، وإعادة كتابة التاريخ من جديد.. البعثة الأمريكية ليست وحدها التي تعمل في مجال اكتشاف الآثار، فهنالك بعثة دينماركية تقوم حالياً بمسح (جوفيزيائي)- أي مغناطيسي- للكشف عن المعالم الأثرية المنتشرة داخل الجبانة، ومنازل سكان منطقة الكرو التي تقع بالقرب منها، كما أن جامعة دنقلا أعادت اكتشاف المدافن الملكية لملوك الأسرة،(25) وهذا الاكتشاف سيكشف عن تفاصيل معمارية كثيرة لم تكن معروفة من ذي قبل، وقد حظي موقع الكرو في الآونة الأخيرة باهتمام كبير على مستوى المركز والولاية، وهو ضمن المواقع التي يشملها دعم دولة قطر المخصص لتنمية آثار النوبة.. وفي هذا الاتجاه وقف عضو المجلس التشريعي بالشمالية نائب الدائرة عبد الوهاب أحمد عبد الوهاب برفقة دكتور كمال الحاج الحسين عميد كلية الآداب السابق بجامعة دنقلا، ودكتور أبو القاسم التهامي رئيس قسم التاريخ بجامعة دنقلا، وقف على الاكتشافات الجديدة بموقع الكرو الأثري.. مشيراً إلى أن هذه الاكتشافات سيكون لها أثر كبير على السياحة بالولاية.. داعياً الجهات المختصة للاهتمام بهذه الآثار القيِّمة والتاريخية.