الحبوبات كن يسألن والسماء فوقنا صافية والقمر في ليلة تمامه: ماهو الشيء الذي إن شلناه ما بنشال وإن تركناه سكن الدار؟!.. كنا نقول بعذوبة وبراءة تلك الأيام: هو الرماد يا حبوبة! أما إذا سألت أبناء المزارعين بقرى «نهر النيل» هذه الايام عن حقيقة المثل فسيقولون لك على الفور: هو «البصل»!! البصل هذا العام كان حصاده هشيماً تذروه الرياح!! قبل أعوام كتبت في هذه المساحة عن أحوال المزارعين الذين يعتمدون في حياتهم على زراعة البصل بمناطق «نهر النيل».. والتي اشتهرت بزراعة هذا المحصول والذي كان يؤمن لهؤلاء المزارعين حياة هادئة مستقرة!! لقد قال لي أحد المزارعين وهو قريب لي: البصل «جاب السكري» للمزارعين سألته كيف؟ قال: إن جاء الموسم ناجحاً وكان السعر مجزياً فالفرحة تصيبنا في مقتل!! وإن «ضرب الواطة» فالخيبة أيضاً تسبب لنا «السكري»!! كتبنا وحذرنا وطالبنا باعتماد مواعين للتسويق ثابتة وأن تتولى الدولة هذه المهمة بدلاً من تركها للتجار يلعبون بالمزارع كيف يشاء!! في هذا الموسم الخسارة ضربت «الاثنين» المزارع والتاجر معاً! فترك الناس «البصل تحت الأرض» تأكله البهائم!! القصة بدأت عندما اتجه المزارعون للزراعة بكميات كبيرة في هذا الموسم الشتوي والسبب الغلاء الذي حدث في العام الماضي.. فالجوال فاق سعره ال 30 ألف جنيه!! تكلفة الأردب هذا الموسم فاقت ال80 ألف جنيه وميزة هذا البصل أنه خريفي لا يحتمل التخزين وإذا تعرض لأشعة الشمس فإنه «يتلف» بسرعة وهذا ما حدث الآن! يحكي المزارعون عن قصة مزارع انتحر.. فقد باع الرجل لوري وبوكس ووصلت خسارته إلى أكثر من 300 مليون جنيه والناتج لم يتجاوز ال 30 مليون من الحصاد!! عدد من المزارعين الآن في ورطة!! والأغلبية «حلفت بأغلظ الأيمان» أنها لن تزرع البصل مرة أخرى!! والمشكلة الراهنة تقول: إن مئات المزارعين الأبرياء في طريقهم للسجون فقد ضربهم «الإعسار».. والبنوك والتجار يريدون أموالهم مضاعفة وعلى دائرة المليم!! فما هو الحل؟ الحل بيد الحكومة الإسراع بإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. التدخل بسرعة لشراء البصل من داخل الأرض!! ثم البحث عن منافذ تسويق سريعة لجنوب السودان أو أثيوبيا أو أي من دول الجوار!! يجب ألا «تربع» «الحكومة» سواء كانت اتحادية أو ولائية يديها ثم تجلس تتفرج على مزارع استطاع أن يقهر المستحيل ويحقق الإنتاج والإنتاجية التي تتشدق بها «الحكومة» «ونقاباتها». «الزراعة» حلقات و«المزارع» نجح في «الحلقة الأولى» وعلى الحكومة العمل على إنجاح بقية الحلقات. انتهى المثل القديم الذي يقول: بيع البصل ما حصل.. فالحصل مؤسف لمزارع زرع وما حصد شيئاً!!