ظلت دولة قطر تدعم السودان في الفترة الأخيرة بصورة كبيرة في استثمارات كبرى في المجال الاقتصادي والإنتاج الزراعي وفي مجال الدعم السياسي خاصة دعم السودان في المنابر الإقليمية والدولية واتفاقية سلام الدوحة وبذل المجهودات مع الحركات المسلحة للانضمام إلى ركب السلام، وعلى خلفية زيارة أمير دولة قطر للسودان الشيخ تميم بن حمد ومنحه السودان مبلغ مليار دولار للبنك المركزي لدعم احتياطات النقد الأجنبي، وقال عدد من الخبراء في الشأن الاقتصادي حول الدلالات السياسية والاقتصادية منها بالرغم من أن الزيارة مكللة بالعديد من الفوائد والنجاحات، إلا أنها لا تخلو من السلبيات، ورهن الخبير الاقتصادي د. عبد العظيم المهل استخدام الوديعة القطرية في المجالات الإنتاجية ستكون لها آثار إيجابية لدعم الصادرات والواردات والإنتاج الصناعي والزراعي، وقال إن الوديعة لها آثار إيجابية وسالبة وخطيرة وقصية المدى بحيث تعمل على تركيز سعر الدولار في فترة قصيرة وأن الدولة لديها المقدرة لعمل سياساتها بفتح المزيد من الدولارات لتخفيف العبء ولتخفيف سعر الدولار في السوق الأسود والعملات وأن هناك أثراً آنياً وظرفياً عبارة عن انخفاض أسعار العملات الحرة والتي إذا استغلت بصورة غير إنتاجية سرعان ما يرتفع سعر الدولار مرة أخرى إذا انخفضت رعايته، وفي حالة استغلال الوديعة الاستغلال الأمثل سيكون بداية لاستقرار الوضع الاقتصادي في البلاد رغم أن المبلغ قليل مقارنة مع احتياجات السودان والعجز المقدر ب 4.5 مليار ونصف، لذلك قال الخبير لابد من خطط وبرامج واضحة لكيفية استغلال الوديعة بالطريقة الأمثل ولفترة أطول من الزمن حتى لا تعتمد على الأخير، مشيراً إلى أن الأثر السالب إذا استغل المبلغ في التسلح والحرب والتي أشار إلى أنها معروفة بأسوأ أنواع الاستثمار هو في الحرب، إضافة إلى استغلال الوضع الحالي والعلاقة بين السودان وقطر، والحلف الذي ظهر مؤخراً بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر حلف موجه ضدهما في هذه الحالة تواجه بحرب جديدة شعواء من قبل هذه الدول سياسياً وإعلامياً واقتصادياً، وبالتالي نفقد الإيرادات في التبادل التجاري وتحويلات المغتربين في هذه الدول وفقد الصناديق العربية الموجودة فيها منحها وقروضها وهباتها والتبادل التجاري معها، مما يؤدي إلى خسران مبلغ قرابة (6) مليارات دولار في حالة تفسير علاقة السودان بقطر تفسيراً خطأ، ولم يذهب الخبير الاقتصادي كمال كرار بعيداً عن المهل وقال إن الحديث عن مليار دولار دعم من دولة قطر لاحتياطي النقد الأجنبي لبنك السودان المركزي لا يفي بشيء سوى زيادة الدين الخارجي والفوائد المترتبة عليه، وهذا مما يضر الاقتصاد السوداني، موضحاً إذا ضخت قطر كل ميزانيتها إلى داخل الموازنة العامة للدولة فلن تغير شيئاً من الأزمة الاقتصادية الناتجة عن السياسات الاقتصادية الخاطئة التي حطمت الإنتاج والمنتجين ولا يمكن أن ينهض اقتصاد في الدنيا إلا بالإنتاج ولا يمكن أن يتوازن الميزان التجاري أو تعلو قيمة العملة الوطنية إلا إذا كان هناك إنتاج يحقق نقداً أجنبياً ويساهم في تخليص الاستيراد وهذا ما لا يتوفر في وضعنا الراهن، وأضاف «ما في حاجة في الدنيا ما يسمى اقتصاد التسول أي الشحدة»، وذكر قائلاً إن الاحتفاء بالمليار القطري وتصويره كأنما هو معجزة خارقة تنقذ الاقتصاد السوداني هو محاولة بائسة للتأثير على سوق العملات الأجنبية الأسود في بلادنا بحيث يعلم المتعاملون في هذا السوق حقيقة الأوضاع الموجودة في البنك المركزي، ولهذا ستظل الأزمة كما هي وأن الأمر الثاني أن المليار القطري ولو كان منحة وليس قرضاً يذهب حيث ذهبت أموال البترول والتي كانت مليارات الدولارات إلى حيث الإنفاق العسكري والأمني، وبالتالي ستظل الخدمات كما هي كالصحة والتعليم وغيرها، وسيظل الإنتاج معطلاً إلى حين إشعار آخر، وقال في حقيقة الأمر إن الأزمة الاقتصادية ليست أزمة سيولة فحسب، بل هي أزمة سياسية ولها تداعيات تمثلها الآن الأجندة الحربية فكل موارد البلاد تذهب إلى التجييش والاستعداد وصراع الأسلحة، وإن هذه الحرب تقضي على الاقتصاد وتدور في مناطق إنتاجية كجنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور وإن معظم المنتجين هنالك أصبحوا نازحين وبالتالي فأموال قطر لا تقدم أو تؤخر في الحالة الراهنة وإن كان هنالك مستفيدون من المنحة القطرية أو القرض القطري فهم «الطفيلية» الذين تعودوا على سرقة المال العام.. وأشار كرار إلى أن السياسة الخارجية للنظام تضر بالاقتصاد السوداني والعلاقات الإستراتيجية بين السودان ومحيطه الإقليمي ولا يمكن قراءة إيقاف التعامل بين بنوك سعودية وخليجية إلا في إطار التقارب الإيراني السوداني على حساب المصالح الحيوية بين السودان والسعودية ودول الخليج، ولا يمكن كذلك قراءة عدم السماح لطائرة الرئيس لعبور الأجواء السعودية إلا في إطار الحلف الإيراني السوداني واستعراض القوة الإيرانية في الموانيء السودانية، وعلى ذلك رأى كرار أن حجم التبادل الخارجي بين دول الخليج والسودان الذي يتجاوزه 2 مليار دولار سنوياً سيتعثر لهذه العلاقة الحميمية بين السودان وقطر وبين السودان وإيران.