كنت وما زلت أحرص في انتباه إلى أي حوار تجريه صحافة أو إذاعة أو فضائية مع الدكتور نافع، ولكن بعد أن ترجل وترك المساعدة في قيادة المركب بعد سنين عدداً.. في السابق وعندما كان الرجل له دوي يصم الآذان ما كنت أتابع أحاديثه وكلامه ولو لمحة أو لحظة.. فقط أرهف السمع عندما أشتاق إلى السياحة والذهاب والإرتحال إلى الريف الجواني لأسمع واستمتع- بالغريب علينا نحن أولاد المدن- من مفردات لها جرس ومتعة ورنين.. مثل- (لحس الكوع)- و(البطان) و(بغاث الطير).. وحتى عند محطة.. الأموات.. وأولاد الحرام.. أما الآن أتابع الرجل متابعة مدافع شرس لمهاجم ماكر.. والحق لله والشهادة للواحد الأحد.. فقد وجدت أن «لغة» الرجل قد بدأت في التغيير بل كادت أن تصل حتى مدرجات جامعة الخرطوم المحلقة في فضاء مدرجاتها تلك الحروف الباهرة والكلمات الرفيعة.. إلى قلب «الجامعة» وليس فقط طريق الجامعة.. بالمناسبة لماذا لا يعود الرجل محاضراً مؤهلاً واستاذاً فاعلاً في أروقة الجميلة ومستحيلة لتعم الفائدة هذا الوطن الجميل.. المهم إني تابعت ذاك الحوار الممتع مع الدكتور نافع على صفحات الحبيبة الرأي العام، والذي قاده بمهارة واقتدار الأستاذ مالك محمد طه.. تابعت الحوار.. سؤالاً.. سؤالاً.. وقرأت وتأملت وتوقفت عند الإجابة سطراً.. سطراً.. وقبل الدخول في الذي استوقفني في الحوار.. لزاماً عليّ أن أقول إن الرجل ما عاد يمطرنا بوابل من القذائف ويكاد يكون أن توقف من رمينا بكثافة نيران هائلة.. بل كان في اجاباته هادئاً، وأظهرت «الصورة» إنه كان محايداً في جلسة الحوار «يعني» لا يعكس وجهه غضباً ولا ابتسامة مرسومة تفضح فرحاً.. «بالمناسبة» أنا لم أشاهد الدكتور نافع طيلة ربع القرن من الزمان، هذا لم أشاهده إلا عبر «التلفزيون» أو صور الجرائد.. يعني لم أشاهده لحماً ودماً ووجهاً لوجه ولو من بعيد.. واذكر جيداً أني قد تساءلت يوماً وعبر مساحتي هذه (شمس المشارق) تساءلت «يا جماعة هل يبتسم الدكتور» الآن إلى القلاع ونشر الشراع والإبحار على هوامش حوار الدكتور نافع.. طبعاً وقطعاً لن نسمح كل شبر في الحوار، فقط ننتقي بعض الذي نراه يحتاج إلى بعض التعقيب أو حتى المصادمة التي يهواها الدكتور كثيراً.. فإلى سؤال وإجابة وتعليق.. السؤال «ألا تعتقد أن مشروع الحكم في السودان مستهدف من محيطه الاقليمي؟».. إجابة الدكتور نافع «المشروع السوداني مستهدف من كل العلمانيين في المحيط الوطني العربي ومن باب أولى من الدول الغربية.. وهذا جزء من طبيعة المشروع.. ومن يظن أن الإسلام يمكن أن يحكم دون ابتلاءات وتمحيص وتمييز للخبيث من الطيب فهو لا يفقه طبيعة هذه المعركة بين الحق والباطل» انتهت الإجابة. الملاحظة الأولى أن السائل الأستاذ مالك سأل عن «مشروع الحكم» أي حكم «الإنقاذ» الملاحظة الثانية أن الدكتور تحدث مجيباً على السؤال بأن «المشروع السوداني مستهدف من كل العلمانيين».. لم يقل الدكتور «المشروع الحضاري» وهذا في رأينا «تقدم إلى الأمام» وإن كان يعني بالمشروع السوداني «المشروع الحضاري» لأنه تحدث عن الإسلام والابتلاءات وتمييز الخبيث من الطيب.. هذا مدخل فقط وملاحظة أولية فقط.. وبكرة نعقب على الإجابة بالتفصيل..