فجر الأحد العاشر من الشهر العاشر، في العام العاشر، من الألفية الثانية، كان هو موعد وصولي إلى مدينة «دلهي»، عاصمة الهند الجميلة.. ومطار دلهي الجديد تحفة فنية رائعة، كان قد بعث إليّ بصور منه صديقي رجل الأعمال والرمز الهندي المعروف في السودان «شاندو لال» وكان ذلك قبل نحو شهر تقريباً على بريدي الالكتروني وقد كانت الصور ملفتة إلى حد بعيد، بل تستوقفك للتمعن ووضعها في ميزان العقل للمقارنات، لكنني عندما بلغت دلهي بعد رحلة طويلة بدأت من مطار الخرطوم عند منتصف نهار السبت التاسع من اكتوبر عبوراً إلي مطار الدوحة في قطر الشقيقة التي وصلناها في الثالثة والربع لنستقل طائرة أخري من ذات السعات الأكبر إلى العاصمة الهندية لتصل بنا إلى مطار دلهي عند الثالثة من فجر الأحد العاشر من أكتوبر بتوقيت الهند التي تتقدمنا بساعتين ونصف الساعة. أمضيت اليوم الأول داخل فندق «اويري دلهي» وأجريت اتصالاً هاتفياً بصديقي شادو لال لأجده في لندن يرتب لزواج شقيقه الأصغر، وتلقيت رسالة هاتفية قصيرة من الدكتور عمر محمود خالد لفت انتباهي من خلالها إلى اليوم المتميز في الشهر المتميز من العام المتميز، ولم أشارك في برنامج التئام الشمل المسائي نسبة لإرهاق السفر، ورأيت أن استعد لبرنامج اليوم الثاني «أمس» والذي جاء حافلاً وحاشداً بدأ بلقاء في وزارة العلاقات الخارجية مع كبار المسؤولين الذين استقبلونا نحن مجموعة الصحفيين الأفارقة الذين يمثلون عشرة أقطار أفريقية، ليس من بينها قطر عربي سوى السودان الذي تشرفت بتمثيله ومصر التي مثلها الأستاذ محمد إسماعيل نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية والأستاذ هاشم عبد الحميد من صحيفة روزا اليوسف اليومية. ومن مبنى الوزارة توجهنا لتلبية دعوة غداء على مائدة وزير الدولة للعلاقات الخارجية الناطق باسمها، ولم تكن هناك فرصة للراحة إذ تحركنا نحو اجتماع كبير ضم قيادات الغرفة الصناعية الهندية «الكونفدرالية» ومنه نحو مكتب الوزير المسؤول عن الغرب «أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدةالأمريكية» السيد فايفك كانجو ومنه إلى مركز العلاقات الثقافية الهندي حيث شهدنا عرضاً موسيقياً راقصاً يكشف ملامح التنوع الثقافي في جمهورية الهند، ووقفنا على معرض تشكيلي لفنان عالمي معروف، هو راميش بتردال، من السابعة وحتى الثامنة مساء، ثم خرجنا لنلبي دعوة من مجموعة «ايسار» الصناعية الضخمة في الامتداد الجنوبي للعاصمة دلهي التي فرغنا منها عند الحادية عشر والنصف لنعود إلى الفندق وأبدأ هذه الزاوية «عند الثانية عشر مساء». الهند عالم متنوع، ودلهي مدينة لها عطر مميز، ونكهة تستنشقها تختلط فيها رائحة الورد والقرنفل والنارجين والتوابل كأنها كانت تؤكد لنا أن هذه الأرض كانت مهبط سيدنا وأبينا آدم من الجنة لأنها حملت كل أنواع العطور، ولا أحسب أنه ليس من شجرة في الأرض إلا ولها جذور في الهند.