نعم.. انفض سامر ثمانية عشر صحفياً وصحفية يمثلون عشرة أقطار أفريقية زاروا الهند في الفترة من العاشر وحتى السابع عشر من أكتوبر الحالي، وتفرقوا عبر مطاري «دبي»و«الدوحة» الى السودان، ومصر، وأثيوبيا، وبوتسوانا، وجنوب أفريقيا، وناميبيا، وتنزانيا، وموزمبيق، ونيجيريا، وغانا. انفض السامر وأخذ مطار «دلهي» الجديد يودع مجموعة القيادات الصحفية الأفريقية- كما هو مسمى الدعوة التي تلقاها الصحفيون الثمانية عشر من السيد وزير خارجية جمهورية الهند، عبر سفارات بلاده في عواصم هذه الدول والأقطار.. وبدأت الوفود تغادر منذ فجر الأمس، وكان نصيبي أن أغادر عند الخامسة إلا عشر دقائق بتوقيت الهند التي تتقدم علينا بساعتين ونصف الساعة، لنصل الى «الدوحة» عبر الخطوط القطرية بعد ثلاث ساعات ونصف تقريباً عند السادسة والنصف صباح الأمس بتوقيتها المحلي، والذي يتطابق مع توقيتنا المحلي في السودان. وكنت قد جلستُ ونحن نتناول عشاءنا الأخير داخل مطعم فندق «أوبري دلهي» مساء السبت الى جانب زميلي ممثل بوتسوانا، وتحدثنا عن هموم القارة، وعن معاناة شعوبها، وقدم لي معلومات مهمة عن بلاده، وقال إنها كانت من أفقر دول القارة وما زالت، لكنها تسعى لأن تعمل على تحسين أوضاع مواطنيها الذين لا يتجاوز عددهم المليوني نسمة، وإن الاهتمام بالتعليم لم يتم إلا قبل سنوات قليلة لا تتعدى العشرين، لتهتم الحكومات الديمقراطية بالبعثات الخارجية وبتعليم النشء وإعداد الكوادر القيادية والمتقدمة في مجالات الهندسة والطب والتدريس، وقال إن ثروات بلاده من الماس لم يتم استثمارها إلا بعد خروج المستعمر الإنجليزي بعد عام من نيل الاستقلال عام 1966م. كان صديقي سعيداً لأنه يلتقي لأول مرة بمواطن سوداني، وكذلك قال أحد ممثلي جنوب أفريقيا، وقد سعدت بهما حقيقة وبكل الصحبة الأفريقية التي تمثل الوعي والنهضة والتقدم في القارة السمراء، وسعدت بصحبة شقيقي الأستاذ محمد إسماعيل خطاب نائب رئيس صحيفة «الجمهورية» المصرية، وبرفقة ابني الأستاذ هاشم عبد الحميد من صحيفة «روز اليوسف» اليومية المصرية، وبصحبة أحد أعضاء الوفد الأثيوبي الشقيق الأستاذ سلمون بيكلو. الرحلة كانت فرصة وفرتها جمهورية الهند للصحفيين الأفارقة لأن يتعرفوا عليها وعلى مشروعاتها وعلى التنمية التي تستهدف الإنسان هناك، وللتعرف على مشروعات محاربة الفقر المبتكرة، لكنها جاءت- هكذا- فرصة لأن يتعرف الصحفيون الأفارقة على بعضهم البعض، ويتعرفوا على أوطانهم في وطنهم الأكبر أفريقيا.. هذه القارة العظيمة الغنية بالثروات والموارد، وقد لاحظت أن كل الذين تمت دعوتهم جاءوا من أقطار كانت من ضمن المستعمرات الإنجليزية، وعلمت خلال تعاملي مع أعضاء الوفود وبعد أن سألتهم- باستثناء السودان ومصر وأثيوبيا- علمت أن اللغة الرسمية في أقطارهم هي اللغة الإنجليزية، وأن نظام التعليم يقوم على القواعد البريطانية، لذلك كنت عندما أميل للتحدث باللغة العربية أتجه نحو شقيقي الأستاذ محمد إسماعيل واسأله بالصوت العالي: (فينك يا استاذ محمد؟).. فيرد ضاحكاً بصوت أعلى: (موجود يا مصطفى بيه) بلهجة مصرية قريبة للقلب. ومع اللغة الإنجليزية السائدة، كان أعضاء وفود بعض الدول يتحدثون أحياناً بلغاتهم المحلية مثلما كان يفعل أبناء جنوب أفريقيا وبوتسوانا.. أو يتحدث البعض باللغة السواحلية التي تشكل العربية أكثر من أربعين بالمائة من مفرداتها.. وربما أكثر. غداً نفرد مساحة أوسع للرحلة بإذن الله.. وعلى حلقات مصورة.