تحدثنا في مقالنا السابق عن «محكمة المرايا».. وكيف انها أخطر محكمة في الأرض وأظن وبعض الظن «مشروع» إن هناك قطاعاً واسعاً من الشعب السوداني الذي يرى أمام عيونه أن أمواله تذهب علناً وفي رابعة النهار و «كمان» بواسطة ايدي متوضئة أو هكذا يقولون.. أظن أن هذا القطاع الواسع ينتظر في لهفة «محكمة المرايا» وكيف أنها سترد له أمواله «جنيهاً.. جنيهاً» ولهؤلاء أقول دون «إحباط» أو «خيبة أمل» إن هذه المحكمة لن ترد لكم «مليماً» أحمر.. ولكنها ستمزق وتنتاش.. وتسحق في غير رحمة «ضمائر» أولئك اللصوص الذين ائتمنهم هذا الشعب الطيب على أمواله «فلعبوا» بها كما يلعب الأطفال ب«البِلِّي».. وما أقسى عذاب الضمير.. وما أفدح نظرات الاحتقار التي يصوبها الانسان لنفسه.. وقبل الدخول إلى قاعة المحكمة الرهيبة «محكمة المرايا» وقبل أن ينادي الحاجب بصوته الجهوري «المفزع» وقبل أن يجلس القاضي الوقور على كرسي العدالة.. قبل كل ذلك نفتتح تنويرنا لكم بكلمات حاسمة.. صادقة.. قاطعة قال السيد المسيح «ماذا يفيد المرء اذا ربح العالم كله وخسر نفسه» يا إلهي.. بالله ماذا يستفيد مواطن رجلاً كان أو إمرأة.. اذا تكدست كل أموال الارض في خزائنه.. ومصارفه.. وحجراته.. وحيشانه.. وخسر نفسه؟؟ أي سلام ذاك الذي يحس به وهو يرى أنه مجرد «حرامي» ولص وحقير.. أمتلك في جنح الليالي الحلوكة ما ليس له.. ترى ماذا يقول لنفسه ونظرات الاحتقار تطارده في الطرقات.. في المكاتب.. في العمارات في الاجتماعات.. كيف يحتمل تلك النظرات التي تكاد «تخرقه» بل تكاد لهيب نيرانها تحرقه.. وما زلنا نتحدث عن «الوالغ» في المال العام.. ما زلنا نتحدث عن الذي امتدت يده للمال العام والذي هو مال فقراء ومساكين يرزحون تحت صخور الفقر ويجابهون نيران الحياة المشتعلة والملتهبة.. ماذا يفيده حتى وإن عجزت كل آليات الدولة في اثبات جرمه.. أو أعطاه «إخوته» صك «عفا الله عما سلف» أو تعامل معه الإخوان «بفقه السترة» مثل هذا تحاكمه المرايا.. كل يوم محكمة.. كل صباح جديد محكمة.. كلما نظر إلى المرايا محكمة.. كلما ذهب إلى «الحلاق» وحتماً ينظر في المرايا «محكمة».. ينظر واقفاً أو جالساً للمرايا وتنعقد له المحكمة.. هو يستطيع في المحاكم المعروفة أن يترافع عن نفسه أن يترافع عنه «محامي» أن يقسم ويده على المصحف المطهر حانثاً ويكون في ذلك براءته.. ولكن أمام المحكمة «محكمة المرايا» ينظر إلى نفسه.. تتعرى أمام المرايا كل دواخله.. يعرف من المرايا التي تحدثه ولا تنطق أنه مجرد دودة تسعى أو حشرة تزحف.. تفوح من المرايا كل أدرانه و «يشم» مدى تعفنه.. يرى انحطاطه ووضاعته.. لا تكذب عليه المرايا أبداً ومطلقاً.. يعرف أنها لا تقول له غير الحق والحقيقة.. يصدقها في دواخله ولا ينكر حرفاً واحداً من الذي قالته.. بالله عليكم في عذاب أقسى من هذا؟؟ عند المرايا تسقط عنه كل «هدومه» تلك التي يخادع بها الناس ويمشي بها مختالاً وسط المواطنين؟؟ أرأيتم كيف هي مروعة محكمة المرايا.. ويزداد الأمر بشاعة وفزعاً.. بعد أن يخرج من «حجرة المرايا» ليواجه نظرات الزوجة التي تعرف «زي جوع بطنها» أن الأموال التي يتقلبون في ترفها أموال حرام.. أنا لا أكاد أتصور كيف يواجه مثل هذا أفراد أسرته الذين يعلمون في يقين أن كل هذا الترف مسروق.. كيف بالله عليكم أن ينظر مثل هذا في «نص» عيون أولاده بالله عليكم أليست «مية سنة» سجناً أخف كثيراً من هذا العذاب الذي يتقلب فيه مثل هذا ما أشرقت شمس وما أليل ليل؟؟ نعم يا أحبة هذه هي محكمة المرايا.. ارجو أن توافقوني الرأي.. بأنها كفاية جداً لمثل هولاء. ü خاتمة ومحجوب شريف.. ذاك الباقي في تجاويف صدورنا وإلى الأبد.. وفي إحدى كتبه كتب.. إهداءً إلى رفيقة دربه قائلاً «إلى التي ستطلب مني الطلاق من أعلى نقطة في العالم لو أتيتها ب«قرش» واحد من حرام»..