كيف تتوارد الخوطر وتختمر فتثير الشجون وتنتزع الاهتمام وسط زحمة ما يشغل الناس هذه الأيام ويحيرهم ويكاد يلغي عقولهم؟!.. هي ثلاث (مصادفات) انجبت هذا التداعي في سيرة بعض الناس الأحباب ومقدار الخير الذي نضمره لهم دون أن يعلموا.. كل صدفة منها تتداعي وتنساب من قبيل (أجمل في الحقيقة بلا انتظار) وبمقاييس ماهو إنساني ومكفر للذنوب ومثير للذكريات الصادقة ونبيلة.. هات من الآخر.. زيارة جماعية للمعلق الرياضي سيف الدين علي في بيته ووسط أسرته.. كالصدف الجميلة تلاقينا (عامر خوجلي نائب المدير العام للشؤون المالية والإدارية، بدرالدين حسني كبير المخرجين، مدني محمد عمر مدير التنفيذ، وشخصي وقد عملنا معاً لأكثر من عقدين من الزمان المنتج).. أما المناسبة فهي أن (سيف) الحبيب لأهل الرياضة والتلفزيون تجاوز بحمد الله ظروفاً مرضية صعبة، اللهم تمم عليه نعمة الشفاء.. انشغلنا بذكريات نعرف أنه يحبها ويوثق لها (تلفزيون زمان).. أيام تلفزة المباريات مجاناً كاملة الدسم بأصوات نحبها ونتفاءل بها منذ عهد علي شمو، وطه حمدتو، الى عصر سيف الدين علي، هذا الذي جئنا لنقول له ألف سلامة.. طالت الجلسة فأبقينا النوافذ مشرعة على سيرة من ملأوا الدنيا عملاً وتميزاً وشهرة- ما أسعدهم. ختام هذه السيرة كان اسم النجم الشهيرعاطف الفوز.. هل تذكرونه؟!.. مصادفة كنت قد تابعت سهرة جميلة معه وأسرته بقناة أم درمان فاستفز ذاكرتي الراكدة وانعشها بما كنت نسيت وبهرني تواضعه، وتألق أفراد أسرته وماحكى عن أيام مجده الكروي التي هي نفسها أيام مجد الكرة السودانية، فمن لا يذكر الهدف الفريد الذي انتزع به السودان كأس سيكافا عام 1986 لتخرج الجماهير فرحة طروبة، وتحتفل الدولة ويسارع الوزراء لأخذ الصور التذكارية مع عاطف الكوز والفريق القومي (ذاك) بساحة القصر الجمهوري والمشير سوار الذهب يتسلم (كأس مانديلا) لبطولة الأندية الافريقية، كما عرضت قناة أم درمان مذكرة من تناسوا بكل أسف.. حديث النسيان المؤسف هذا وتخلف إيقاع الوفاء لأهل العطاء كان طابع السهرة وزيارة سيف الدين علي - الخارج لتوه من غرفة الإنعاش بالمستشفي الدولي.. ليتنا نتخلص من داء النسيان والتناسي هذا فهو دليل جحود وعدم وفاء ونكران جميل، وليس أدل على ذلك مما سكت عنه (سيف) تأدباً ونعرف كم عانى من فواتير العلاج.. وكذلك ليس أدل على ذلك مما روى عاطف القوز، وهو يقول إن ابنه لاعب ممتاز وهو يشجعه ليلعب في فرق المقدمة (ليرد له حقوقه).. وهكذا، كلاهما كبير النفس معتز بأسرته وقد حلت بها البركة. إننا لا نعرف ما حدث لمدير الرياضة بالتلفزيون المعلق المشهور بالمصداقية والحياد، وقد جلس في بيته سعيداً بأبناء نجباء، إثنتان تخرجتا في أعرق الجامعات(علوم وإعلام) بانتظار من يدلهن على طريق الوظيفة.. كذلك لا نعرف مآلات لاعب فذ ملأ الدنيا فرحاً ونصراً لبلاده وتألقاً في الميادين، ثم يخرج من الذاكرة عبر الزمن.. متي تخرج للناس(جهة)(مباركة) تقول هاأنذا، مهمتي حصرياً الوفاء لأهل العطاء، فقط دلوني عليهم؟.. شكراً لأهل المبادرات ولكن الحل المستدام مطلوب، وهذه الفكرة تذكرنا بمشروع طموح طرحه البروف علي شمو متعه الله بالصحة والعافية. سيرة عاطف القوز جعلتني أتأمل حالات الشهرة التي أحاطت بمشاهير الكرة وابقتهم في الذاكرة كنجوم ورموز مرتبطة بمظهرين(التفاني) فيما أحبه الناس ثم (حب الناس) لهم، وهو ما نحتاجه اليوم في كل مجال.. الفضل يرجع لتميزهم نعم ولكن هل لصوت المعلق الرياضي أثر في هذه الشهرة الطاغية؟.. كم من نجوم كرة عرفناهم عبر النغمة الترويجية الرائعة للمعلق على المباراة وفي لحظات التجلي.. سألت(سيف).. قال منتشياً«كيف؟»!! فالمعلق يقدم اللاعب للجمهور عبر المعلومات التي يجمعها عنه.. المعلق مذيع ولاعب وحكم وقانوني في نفس الوقت فكيف لا يكون مؤثرا؟!.. وللمصادفة فإن عاطف القوز هذا من اللاعبين الذين قدمهم سيف للجمهور عبر مباريات مشهورة، منها المريخ وبنزرت التونسي.. هذا ما جعلني في هذه الاثناء أقرن تميز عاطف القوز(النجم) بدور سيف الدين علي(المعلق).. ملف ناصع من الاداء داخل وخارج البلاد، وبصمات لا تمحوها الأيام في مجال لصيق بالجمهور الذي تتبارى المناهج الحديثة في إرضائه.. تميزا معا ضمن مسيرة جيل الإلهامات والتضحيات ثم لزما عالمهما الخاص الحميم بعيداً عن الأنظار بانتظار أن يسال أحد ويتفقد الأحوال.. يحدثنا سيف بسعادة عن من سألوا عنه ومن زاروه بالمستشفى ومنهم من كانت طلته لافتة للنظر حتى شعر الناس أن هناك شخصاً مهماً يرقد هنا في غرفة الإنعاش.. وحين أسأله عن شخصيات مهمة معروفة بالتواصل والمؤازرة في مثل هذه الظروف الصعبة يبادر سيف بأدبه الجم ليجد لهم العذر(ماسمعو بي مرضي).. شكراً سيف، أن من يتفقدون أحوال النبلاء والمتفانين في عملهم من أجل بلدهم كثيرون والحمد لله، لا يتخلفون متي سمعوا، ومتوقع دائماً طلتهم من باب رد الجميل- معنوياً ومادياً.. أما سداد ما تبقى لهم من حقوق مكتسبة لدى الدولة فهذا أولى وأوجب..إن نغمة (الحقوق المؤجلة) تصاعدت لتفاجئك كالفجيعة أمام من يحتاج لسداد فاتورة دواء منقذة للحياة.. الأمثلة تتزايد فدعونا نتساءل بأريحية، هذا الإنسان النبيل القابع في داره بعد طول عطاء يعاني ما يعاني هل نتركه يعاني أيضا للحصول علي حقوق له لدي الدولة بانتظار السداد؟!..لاحول ولا قوة الا بالله..كيف ينصلح الحال والحال كذلك؟. هناك من يحتسب الأمر إلى الله أولاً وآخيراً ويستعصم بالدعاء للمولى عز وجل، فمن المصادفات(المباركة) إني وقد كنت على عجل من أمري ملت لأول مسجد صادفني لأدرك صلاة الظهر وأواصل..ابقاني في مكاني عقب الصلاة من تقدم ليحدث الناس فاذا هو البروفيسور التجاني حسن الأمين.. قررت إلقاء كل مواعيدي لاستمتع بطريقة البروف التي عرفتها أيام تعاونه معنا في التلفزيون سنين عددا فهو من(دعاة) الخطاب المشوق الجذاب المفيد اللماح والمتجدد في هذا المجال الإعلامي الآسر.. بعد أن طال اللقاء واستطاب تقدمت اليه وسط زحام (المعجبين) فكان الشوق غامراً والعتاب حصرياً من نصيبي.. تذكرت وتذكر.. كانت سنوات عطاء برامجي مشهود لها ثم افترقنا لأكثر من عشرة أعوام.. أما العتاب فكان موجهاً على طريقة المبني للمجهول، ففهمت أن هناك تقصيراً في حق حتى من هم علماء، لهم ظروفهم.. همني الأمر.. كنا على مقربة من المحراب فسألت الله تعالى أن يقيل عثرة جميع من يتسببون في بطء الاجراءات المبرئة للذمة.. ذمة الدولة..