ازدياد أعداد الفرق الكوميدية في الساحة مؤخراً هو ظاهرة صحية إذا كانت هذه الفرق تلبي رغبات المواطنين، وتعالج وتعكس همومهم وقضاياهم أياً كانت سياسية أو فنية أو رياضية أو اجتماعية، بقالب كوميدي ونكتة خفيفة وهادفة تعبر عنهم، فهذه هي الإضافة الحقيقية المنشودة، ولكن للأسف الشديد الواقع يقول عكس ذلك، ويثبت فشل هذه الفرق الكوميدية بالتفاعل مع كل هذه القضايا مجتمعة، وهي حقيقة ماثلة أمامنا لا ينكرها إلا مكابر بنفور الجمهور من هذه الفرق، بما فيها فرقة تيراب، وذلك يرجع لعدة أسباب أهمها عملية التكرار الممل من خلال استسهال النكتة التي أصبحت تتداولها كل الفرق مجتمعة من خلال سرقة أفكار الغير، حتى أصبحت النكتة من كثرة التكرار باهتة وسخيفة وسمجة لفظها الجمهور وانعدمت بذلك كل عوامل الإدهاش والجاذبية لهذه الفرق، وانطفأت نجوميتها التي لم تستمر طويلاً.. بالاضافة إلى تفكك الفرق وانشقاقاتها المستمرة نتيجة للخلافات بين أعضائها الذين دخلوا في شلليات أضعفتهم كثيراً وهزت أركان قواعد فرقهم الأساسية، بجانب عدم تفرق أعضاء هذه الفرق واتجاه أفرادها لأعمال مختلفة، شغلتهم بالتأكيد عن البحث عن الجديد حتى تتطور فرقهم، والأمثلة على ذلك كثيرة وواضحة للعيان في فرقة تيراب وغيرها. ولا أود التطرق لأهم أسباب نفور الجمهور من هذه الفرق والمتمثل في الضحك على القبائل السودانية، وكيل النكات في بعضها البعض حتى لا أحمل أو اتحامل على هذه الفرق، ولكنها بكل صراحة أظهرت إفرازات سالبة جداً وخير مثال لذلك نكتة (أهل العوض) التي فجرت العديد من المشاكل في وقت سابق.. فالمهم الآن أن هذه الأسلوب الرخيص من النكات أصبح غير مرغوب فيه الآن على الإطلاق، رغم تبريرات أهل الفرق الكوميدية له، ولكن سلبياته أكثر من إيجابياته بكثير. لكل هذه الأسباب وغيرها تجدني أشجع نجوم هذه الفرق الكوميدية لساحات العمل الدرامي والمسرحي، لأنني لا أشك في موهبتهم على الإطلاق، فاغلبيتهم معطونين بالإبداع، وخير دليل على حديثي هذا تجربة فرقة تيراب عبر مسرحية ( داير شنو) مع النجم المصري أحمد بدير، والتي حققت نجاحاً رائعاً.. عفواً أصدقائي من أعضاء الفرق الكوميدية المنتشرة لا أود أن أجرحكم وأقول لكم (زمنكم فات وغنايكم مات)، فالواقع يقول إن زمن النكات بهذه الصورة المرتجلة انتهى الآن، وأغلق الجمهور كل أبوابه وسئم منه، وبات غير راغب فيه، وأصبح ينظر اليكم مثل نكتة الحنكوش التي تقول: واحد حنكوش ماشي مع اختو في الشارع، في واحد قاعد بشاغل في اختو، فالتفت ليه الحنكوش غاضباً وقال ليهو: بالمناسبة كده نحنا أخدنا عنك فكرة غلط وما كويسه.. لذلك يا أعضاء الفرق الكوميدية أمامكم الآن واحد من خيارين، فإما أن تحدثوا ثورة في فرقكم وتعالجوا الأخطاء الموجودة والاستسهال عبر ما تقدموه للجمهور، وتستقل كل فرقة بأعمالها الخاصة، أو تتجهوا للتمثيل عبر الدراما والمسرح، وهذا أفيد لكم لأن زمن (المنكتاتية) بهذه الصورة والطريقة السمجة والباهتة التي تقدم بها الآن انتهى.. ولفظها الجمهور، لذا نتمنى أن تستثمروا موهبتكم في مواقع أفضل.