نتجاذب أطراف الحديث مع بعضنا دون تكلف .. فنحن بشر لا نحتاج الى تعاريف وتكاليف حتى نصنع علاقات قد تكون لحظية أو رفقة طريق.. قد نحتاج احياناً للحديث مع الغرباء فهم لا يعرفون كل شيء عنك.. ولا يسارعون لاصدار الأحكام والتقييم بناء على ماض مشترك أو تفاصيل مملة أو غبينة مكبوتة جراء حدث ما .. علق في النفس وارهق الروح.. واخل الميزان في العدل والانصاف.. شخص غريب لست مضطر لأن تدافع عن معتقداتك .. لو ان تجمل عباراتك أو ترتب تفاصيلك قبل ان تبدأ في فتح أبواب الحوار.. لو انك تجد شخص ما لا تعرف شيئاً عنه ولن تعرف بعد ذلك .. شخص تقابله للمرة الاولى والاخيرة ... وتبدأ الحديث دون توقف والآخر ايضاً حتى دون أن يسمع احدكما الآخر.. فقط تتحدث.. تخرج كل شيء تتحدث عن كل شيء عن ما أرهقك وأزعجك وآلمك .. وحتى عن اخطاءك وآثامك .. تخرج كل شيء.. كل تلك الخطوط القاتمة والروائح الكريهة .. وتتنفس بهدوء .. وتبدأ مرحلة جديدة في العراك مع الحياة... قد يكون الغريب أصدق.. من قابلته في حياتك لأن العلاقة في تلك اللحظة ليست لديها اي ظلال اخرى فقط تبدأ وتنتهي مع آخر حقيقة مرة .. أوشكوى حارة .. أو مناجاة .. أو دموع تزرفها .. وماذا اذا كان هذا الغريب ظلك.. اكيدة أنا من رد فعل الآخرين ان هذا الشخص مجنون.. ولكن في رأي ان الكبت هو الجنون.. عندما تبدأ في المعاناة وحدك وتحترق روحك دون أن تجد من تفرغ لديه تلك الأحزان وتلك الآلام .. وتشتكي من ظلم الحياة.. والرفيق .. وقسوة الدم والرابط.. فالكبت يولد لديك احساساً بالقهر .. وقلة الحيلة .. والضعف..وتبدأ روحك في الانزلاق الى مهالك التهميش الذاتي والحقد الغيبي لاسباب معظمها ناتج من الاستنتاجات والتخمينات .. والاحتمالات .. وانعكاسات نفسية..تلازمك احياناً لتصنع شخصية قد تجد نفسك يوماً ما لأنك لا تعرفها... ملحوظة: ليس الغرض من هذه الكتابة أن نبدأ في الحديث مع كل ظل نجده امامنا.. بل أريد أن افتح باب جديد قد يكون منسياً أو غير مرئي لقلوب كثيرة وهي الحديث .. التفريغ .. ان تجد الجرأة لكي تتحدث وتخرج كل المكنونات لتصادق نفسك وتتسامح معها .. ان تبدأ مرحلة بعد ان تكون تجاوزت اخرى تماماً بلا رواسب.. ان نبدأ في احترام ذاتنا وتقبل اخطائنا ومواجهة حقائقنا.. وأن نجد القوة والشجاعة في تقبل الآخرين ايضاً .. فكلنا بشر ولسنا ملائكة..