مشهد حاشد لأحزاب المعارضة وهي تملأ فضاء الخرطوم بخطابها السياسي في الميادين المفتوحة بعد أن تم اطلاق الحريات لإقامة ندواتها السياسية لتطرح أفكارها وخطابها لعضويتها والجماهير عامة، وفقاً لما طالبت به من استحقاقات ضرورية قبل الدخول الى مربع الحوار الوطني، وشددت على أن يكون الاستحقاق جملة وليس بالتجزئة. الندوات الثلاث التي جاءت بالترتيب من قبل حركة الإصلاح الآن، ومن ثم حزب المؤتمر السوداني وآخرها الحزب الشيوعي، تقاربت فيها لغة الخطابة السياسية التي صوبت سهامها نحو تجربة الإنقاذ، ولم تخرج من هذا الإطار في كل كلمات المتحدثين في الندوات الثلاث، بيد أن بعض المراقبين والمحللين السياسين، وكتاب الرأي تسألوا في مقالاتهم وأعمدتهم في الصحف عن الخطوة مابعد تلك الندوات، وما الذي في كنانتهم ليقدموه على المسرح السياسي وخاصة أن قواعدهم ظلت متلهفة للندوات، ينظرون منها الكثير كذلك المواطنون الذين ينظر اليهم بعض منهم كقوى معارضة لديها البديل الناجع للخروج بالبلاد من أزمتها الراهنة وليس التباكي على ما حدث، واجترار الأحداث والمشاكل، وهي معروفة لدى الجميع بحسب ما وصفه المحللون السياسيون في قراءتهم لمخرجات الندوات السياسية التي انعقدت. بينما ذهب آخرون الى أن الندوات بمثابة تمرين إحماء لمباراة ساخنة في ملعب الحريات ضد الحكومة، والتي ربما ترفع الكرت الأحمر بعد أن رفعت الكرت الأخضر إيذاناً منها لانطلاقة الحريات بإقامة الندوات السياسية.. وأكد المراقبون أن الحديث الناقد ربما يؤدى الى عدم تحمل الحزب الحاكم الى كشف الحقائق، خاصة وأن هناك ملفات كبيرة لم تفتح بعد، والأمر الثاني أن الأحزاب المعارضة اتفقت على أن يكون ملف الشهداء حاضراً ولابد من محاسبة الجناة، مما يشكل ضغطاً قانونياً على الحكومة. فحركة الإصلاح الآن ابتدرت وأقرت بنجاح ندوتها، وقالت إنها ستتابع ما سيجري في الساحة.. وقال غازي صلاح الدين رئيس الحركة: إن ندوة الإصلاح بمثابة تدشين لمرحلة جديدة من الحريات للأحزاب السودانية بعد قرار إتاحةالحريات الأخيرة، وأنهم سينظرون ماسيحدث لندوات الأحزاب السياسية الأخرى فبقراءة لأثر تنفيذ السلطات الأمنية للقرارات القاضية بالسماح بالممارسة الديمقراطية للندوات واللقاءات الحزبية الحاشدة وإشارة الى أن القضايا السياسية لأزمة البلاد، والتي سمها بالعاجلة في قضية الحوار وهي قضايا تتلخص في أربعة محاور أولها محور إيقاف الحرب، ومحور إصلاح الاقتصاد، ومحور العلاقات الخارجية، ومحور إعادة تشكيل الساحة السياسية، وتسطيح الميدان للممارسة الديمقراطية، لإقامة نظام حكم ديمقراطي لا يجبر أحداً على حمل السلاح بعدالتوافق والتراضي، وذلك عبر انتخابات حرة وحكومة منتخبة، وبعدها يتم الإصلاح القضائي والأمني والعسكري والإداري في مفاصل الدولة.. داعياً لتواصل الجهود في اتصالاتكم مع كافة الأحزاب الرافضة للحوار..مشيراً لتفهم حركة الإصلاح الآن لموقفها وأن الخلاف فقط في الاجراءات وليس في مبدأ الحوار نفسه، وهذا ما سيضع كل القوى السياسية على بوابة الخروج من المأزق الآن حتى تصل الى اجماع وطني حقيقي. بينما ذهب حزب المؤتمر السوداني الى ضرورة اطلاق الحريات كافة، وأنهم في الحزب ملتزمون بالقانون وبالمعارضة السلمية تجاه النظام.. مرحباً بالحوار كطريق واضح لحل مشاكل وقضايا السودان، ولم يذهب الشيوعي بعيداً عن ذات النقاط ليبقى المشهد من خلال حضورنا للندوات الثلاث في طرح سؤال ثم ماذا بعد؟... رغم إشارات رئيس حزب المؤتمر السوداني في ندوته بأن لديه الكثير ليقوله في ندواتهم القادمة.. كذلك الشيوعي الذي قال الآن بدأ خطوتنا الأولى في التنظيم والعمل السياسي المباشر لتغيير النظام فيما يعمل الإصلاح الآن على تنفيذ مخرجاته مطالباً بالإسراع في عملية الحوار الطريق الوحيد للحل، وبدأ فعلياً في تطيبق ما ذهب اليه خاصة بعد خطوة رئيس الحركة الدكتور غازي بشأن الاسهام في مفاوضات الحكومة مع قطاع الشمال.. وبينما نشطت بعض الأحزاب في تفعيل عملها السياسي، فالحزب الاتحادي الديمقراطي دشن نشاطه من ولاية القضارف.. حيث خاطب عضويته هناك، واختار حزب البعث العربي الاشتراكي شوارع الخرطوم ليرسم عبر لافتات موقفه الداعي الى الثورة السلمية، وإسقاط النظام، وعدم الحوار ما لم تتحقق مطلوباته التي تحدث عنه، وهي اطلاق كافة الحريات والمعتقلين غيرها من الاشتراطات، في حين التزم المؤتمر الشعبي الصمت، وبقي يراقب في الموقف بعد أن اتخذ خطوته نحو الحوار. يبقى حزب الأمة القومي في أزمة داخلية برزت عقب صراع قياداته حول الهيئة المركزية والإطاحة بالأمين العام ابراهيم الأمين، وتفجر الصراع لعضويته في ولاية الجزيرة دون أن يقدم نفسه في سباق الحوار السياسي بندوة تفحص عن آخر مواقفه، وهكذا تبقى المشاهد والمراقب للأحزاب المعارضة، وفي فمه سؤال متى نرى الأفعال التي تتبع الأقوال. }}