رغم أن الحكومة أكدت لأكثر من مرة أن السودان يحكم بالشريعة الإسلامية إلا أن الأمين العام للمؤتمر الشعبي دكتور حسن الترابي أكد أن الشريعة الإسلامية لم تطبق في نظام الإنقاذ ولكنها طبقت في عهد الرئيس الراحل جعفر نميري في شرب الخمر، فيما أكد المايويون أنهم أول من طبق الشريعة بالصورة الصحيحة في تاريخ السودان الحديث، واتهموا الإسلاميين بإثارة الشارع ضد نظام مايو، وقال عمر محكر القيادي المايوي إن الإسلاميين باتوا يتغلغلون منذ 1978م في مايو بعد تطبيق قوانين سبتمبر وإنشاء المحاكم الناجزة التي أثارت الشارع العام وأصبح العداء لمايو داخلياً وخارجياً. كيف تم القرار على تطبيق الشريعة الإسلامية؟ سرد القيادي المايوي وأحد شهود خطوات تطبيق الشريعة الإسلامية محمد أحمد أبو كلابيش كيف تم تطبيق الشريعة الإسلامية في بلد كان مجتمعها متمسكاً بالعادات والتقاليد والدين الإسلامي الحنيف، إلا أن الحكم كان قائماً على الحكم العلماني والسياسة التي تركها المستعمر، فكانت هنالك أماكن لشرب الخمر وبيوت للدعارة وحرية الزي للنساء وحرية العقيدة، وأكد القيادي المايوي أبو كلابيش أن قرار تطبيق الشريعة في مايو حدث في اجتماع القيادة المركزية بقاعة الصداقة، حيث انقسمت القيادة إلى لجان وهي اللجان التشريعية والسياسية ولجنة الولايات فتوزعت هذه اللجان للتداول ثم اجتمعت برئاسة الرئيس الراحل جعفر نميري وقرأت التوصيات، مبيناً أن توصية الشريعة الإسلامية لم تكن واضحة فتوقف الرئيس نميري حولها وقال وقتها: «أريد كلام واضح حول الشريعة أما تطبيقها ويكون هذا قراركم وأنفذه أو أن تقولوا لا ونواصل بالقوانين الوضعية التي نعمل بها حالياً»، وبعدها تم رفع الجلسة ثم اجتمعت كل اللجان مرة أخرى وقرروا تطبيق الشريعة الإسلامية. التمهيد للشريعة الإسلامية ويواصل أبو كلابيش سرده قائلاً إن التمهيد للشريعة الإسلامية بدأ منذ العام 1976م عندما أرسل جعفر نميري خطاباً إلى القيادة الرشيدة بالاسم وطلب فيه من كل الوزراء والمسؤولين السياسيين وقيادات الاتحاد الاشتراكي ثلاثة أشياء وهي أن يوقفوا شرب العرق ولعب الورق واستباحة الجمال، وقال كل من يستطيع أن يفعل هذا عليه أن يكتب خطاباً ويعتبر خطابه بالموافقة عهد بالمصحف بيني وبينه والذي لا يستطيع عليه أن يقدم استقالته، وأكد أبو كلابيش أن الجميع وافق عدا اثنين كان ردهما سلباً وقدما استقالتيهما واستمر التمهيد للشريعة وتم إغلاق بيوت الدعارة في الخرطوم من أجل إعطاء الأقاليم فرصة لتجد طرق إعاشة أفضل لمن كانوا يعملون ببيوت الدعارة، وأبان أبو كلابيش أن الرئيس الراحل جعفر نميري وضع جدولاً من أجل تحديد المحافظات التي حلت مشكلة هذه الفئة ليتم إدراجها في الجدول ومن ثم يسري عليها القانون. وفي ذات السياق قال القيادي المايوي الياس الأمين أن الشريعة الأسلامية في عهد مايو طبقت بالتراحم والتواصل بين الناس بالود والحب بلا أحقاد. مذكدا ان ملحمة ابادة الخمور واراقتها في النيل شارك في كل قيادات الاتحاد الاشتراكي و تم تكسيرها بالأيادي والبلدوزرات، واختفى مظهر السكارى بالليل ،ابان الياس ان الخطوة التي تلتها هي إغلاق الحانات والبارات بالخرطوم حيث تم اغلاق المقهى الليلي بمقرن النيلين وتم ازالته واستبداله بمنتزه المقرن الحالي وفي أم درمان كانت المقاهى بحدائق الريفيرا والجندول والنيلين حيث تم ازالة حديقة النيلين واستبدالها بمسجد النيلين وجامعة القرآن الكريم وفي الخرطوم بحري انتشرت المقاهى الليلية في حديقة البلدية حيث تم ازالتها وتحويلها لفندق قصر الصداقة. بداية تطبيق الشريعة لم يكن تطبيق الشريعة في عهد مايو من خلال الشعارات أو الخطب الجماهيرية، بل كان تطبيقاً فعلياً بعد أن أعلن الرئيس جعفر النميري في 8 سبتمبر 1983م قراراً بتطبيق الشريعة الإسلامية في السودان فوراً، وتباينت المواقف وقتها حول القرار رفضاً وقبولاً، فأيدها البعض بينما اعتبرها البعض الآخر مكايدة سياسية للخصوم، وبدأ تنفيذ القانون من يوم 14 سبتمبر 1983م، وقام القصر بتأسيس محاكم إسلامية سميت ب «المحاكم الناجزة» ومنع اختلاط الرجال بالنساء في حفلات الأعراس وفي مناسباتهم الاجتماعية، وقطعت أوصال الكثيرين في السودان بتهمة السرقة أو الحرابة وجلدوا وصلب شخص واحد اسمه الواثق صباح الخير، وبذات القوانين حوكم الأستاذ محمود محمد طه بتهمة الردة واستمرت هذه القوانين التي ساعد في صياغتها وتنفيذها مجموعة من الإسلاميين على رأسهم الدكتور حسن الترابي «زعيم جبهة الميثاق الإسلامي سابقاً» لمدة 18 شهراً لتنتهي بقيام انتفاضة 6 أبريل 1985م، يذكر أن قوانين سبتمبر هي الاسم الذي أطلقه الأستاذ محمود على مجموعة القوانين التي فرضها النميري في سبتمبر 1983م.