الأخ الكريم الأستاذ مؤمن الغالي.. حياك الله وحيا هذه الشمس الساطعة دائماً والمشرقة أبداً.. مقالك الرائع «بين الماضي والحاضر» رحلة عمر في بحارالشوق وأمواج الحنين لزمن زاهٍ وجميل لن يتكرر ولن يعود زمن عشناه نقاء ً وصفاءً كوجه القمر.. كنسائم الليل كحبات المطر.. كالنيل يداعب الثريا ويغازل نجيمات السحر.. كالصغار نلهو ونرمي الحصى في مياه النهر.. وطن آمن وديع، وإنسان رائع نبيل، وناس أهل للكرم والجود.. أصحاب خلاوي وأسياد تكاوي ..أخوان بنات وقناع كاشفات.. وهكذا كنا بسم الله ما شاء الله خير أمة أخرجت للناس إلى أن جار علينا الزمان والإنسان فتغير الحال.. غابت البسمة من الوجوه ومن الشفاه ماتت فينا المشاعر وتبلد الإحساس.. أصبحنا كالبلهاء نهيم في الأزقة وفي الشوارع.. نسافر في عيون الناس فلا نرى غير البؤس والشقاء.. ذبلت الأزاهر والورود لم يعد لها لون ولا عطر ولا رائحة.. وأشجار النخيل الباسقات أصبحت تموت واقفة.. وحتى ذلك النهر العظيم لم يجرِ عطاءاً ولا حياة.. المدينة الفاضلة أصبحت تجوبها مواكب الرياء والنفاق.. وقارعي الطبول والأغبياء دنيانا أصبحت غولاً مخيفاً.. تملؤها الكواسر والوحوش.. وجرائم لم يشهد لها الزمان ولاالتاريخ.. ابن يقتل أباه خنقاً.. عروس يغتالها العريس حرقاً.. طالب جامعة يقتل زميله طعناً.. محتال يجني الملايين ويلوذ فاراً.. لم يعد فينا أثر للجمال فقد صار هشيماً ذرته الأعاصير وذهبت به أدراج الرياح.. ولم نعد خير أمة أخرجت للناس فماذا جرى لنا.. وماذا ألمَّ بنا.. وشتان ما بين ماضٍ رائع وحاضر محزن أليم. أحمد حسن أحمد أم درمان-حي العمدة *من المحرر.. سعادة الجنرال.. أحمد حسن.. لك الود والحب والتحايا.. وهوِّن عليك يا رجل.. وكفكف دموعك الغالية.. وانفض غبار الحزن واليأس من حروفك الباكية.. واعلم يا جنرال أن الشمس تشرق مهما طال مغيبها.. واعلم أن الأيام سوف تصفو.. وكل دور إذا ما تمَّ ينقلب.. واعلم أن هذا الوطن جميل وسيم.. وبديع.. واعلم أن شعبه مدهش.. عظيم ورفيع.. واعلم أن عظم الوطن في صلابة الفولاذ.. وأوردة الوطن نظيفة.. وفي اتساع المحيط.. وأن روح الوطن.. تحلق أبداً في الفضاء في المجرات البعيدة.. أعلى من النجيمات الشاهقة.. واعلم أن هذه السحابة.. القاتمة ستنقشع.. وأن السماء ستصفو.. وراهن.. كما راهن محجوب الشريف.. وتساءل كما تساءل.. محجوب النظيف.. فقد كان الرجل.. في الأصفاد.. محروساً بالبنادق.. والسجان الغليظ.. والقطار ينهب الأرض.. لا إلى براحة الأرض.. واتساع الفضاء ومساحة الساحات.. كان الرجل في طريقه.. إلى وحشة الزنازين.. والحجرات الضيقة الرطبة.. صليل الجنازير.. وصلابة الأرتاج.. وصرير أبواب الحديد.. ورغم ذاك الضيق.. وانعدام الأكسجين.. وحافة الاختناق.. فقد كان الوطن حاضراً.. «واقف انتباه» أمامه.. فكان بهيج الكلمات.. وسحر القوافي.. ونبل المقاصد.. و.. محطة محطة بنذكر عيونك ونحن في المنفى.. وبنتذكر مناديلك خيوطها الحمراء ما صدفة.. وبنتذكر سؤالك لي.. متين جرح البلد يشفى متين تضحك سماء الخرطوم.. متين تصفى سؤالك كان بعذبنا ويقربنا ويزيد مابينا من إلفة.. وانا.. أجيب نيابة عن الحبيبة.. ولك يا صديقي.. إن سماء الخرطوم.. سوف تضحك. وتصفو.. وتبتسم.. وجرح البلد.. سيشفى.. ولتكن.. أول كبسولات العلاج.. هي.. أوراق الاقتراع.. الصقيلة.. ومدة العلاج.. هي أوان الانتخابات.. والنقاهة هي.. تلك الفترة القادمة بعد فرز الأصوات.. لا يهم من فاز ومن خسر.. ولكن صدقني يا جنرال.. إننا.. في أول خطوات.. العودة إلى ذاك الزمن الوسيم.. وسأفصِّل في مقال لاحق.. لك ودي.. مؤمن..