يبدو انه كان الأقرب للناس طيلة أيام العيد ومع أسماره وأحاديث التجديد والتغيير ومظاهر الطرق الوليدة وسياراتها الفاخرة تطوى المسافات وتختصر الزمن (حفظ الله الجميع). ولقد سافرنا للشمال بعربة خاصة هذه المرة ولأول مرة ، فتذكرنا أيام (ابوضلوع) وليالي(الباجا) وساعات غضب الصحراء فحمدنا الله ذهابا وإيابا وقد أعانتنا على ذلك لافتات الطريق الأنيق . الطرق المعبدة قالوا عنها إنها هي الحضارة ، ومن ذلك إنها تعزز دور وسائط التواصل والاتصال والتراحم ، وكلها بين يديك الآن وأقربها(الموبائل) يرافقك كظلك وأنت تسافر لأقصى الربوع تصل الأرحام وتزور الأهل فتأخذكم الذكريات إلى كل جميل ونبيل بما في ذلك أحاديث أيام الغربة التي جرت عبر الجوال هذا المدهش الذي وفر الزمن وجلب السرور وابلغ الخبر اليقين قبل(نشرة ثمانية)، وهكذا حتى كدنا ننسى ما يضمره للبرية في غير مناسباتهم السارة والهامة والمهمة .. واللهم اجعل أمره كله خيرا على البلاد والعباد دعونا نتحدث (عنه) وقد اطلنا الحديث به ، ماذا يكون ؟ . هذا ما يشغل البرية اليوم كما نقرا ونشاهد ونسمع . وفي لقاء اعلامى عقد بتونس دعانا اتحاد إذاعات الدول العربية لطرح مقترحات حول موضوعات خطيرة يمكن ان تعالج عبر برامج الإذاعات والقنوات خلال الفترة القادمة . كنا في اجتماع لمديري البرامج وكان أمر الهاتف الجوال قد اخذ طابع(الظاهرة) المحيرة وشغل الناس من المحيط إلى الخليج فاقترحت ان يكون أمر مستقبله محل اهتمام ودراسة إعلامية حتى لا نفاجأ بكوارثه والأفضل ان نتلافاها إذا أمكن .مضت خمسة أعوام على ذلك فماذا حدث ؟ أين بلغ بنا الجوال خيرا وشرا وهو يتحول إلى وسائط متعددة مدسوسة في جيوبنا ؟ . لحسن الحظ ظهرت دراسات جريئة في هذه الفترة عن استخدام الجوال وتأثيراته اجتماعيا واقتصاديا ، وسررت لبحث ماجستير حول هذا الموضوع أجرى في احدي جامعاتنا وتسابقت القنوات ووسائل الإعلام لإلقاء الضوء حوله لكونه أتى بجديد ، وهو ما كنت أتوقعه. ما الذي نعرفه عن هذا الجهاز السحري الذي نحمله في جيوبنا لا يفارقنا حتى وان استغرقنا النوم فهو مساهر ليوقظنا في الموعد الذي حددناه له . انه ليس مجرد هاتف (تلفون)، انه ساعة أيضا وبريد ومفكرة والبوم وبوصلة وآلة حاسبة واشياء أخرى عديدة ستتعصى على الحصر ، لكن فلنحاول. سنكتشف انه وسائط متعددة ( Multimedia) راديو، تلفزيون، فديو، كاميرا، انترنت، ذاكرة لحفظ المستندات، ويعد الناس كل يوم بجديد ، فهو ما يزال بصغر حجما ويتضخم محتوى ليقدم المزيد لمن افلح فى فك طلاسمه فهو مؤسسة اقتصادية أيضا ، بنك للتحويل، وآلة حاسبة و بورصة للعملات. ثم هو وسيلة ترفيه ، مصباح إضاءة ، هزاز عند الضجيج ، وما خفي أعظم واخطر، وأمل ان لا نقول ( أفظع ) فهو يخبئ شرور النفوس المريضة. الباحثون عن أسراره وقدراته الدفينة اكتشفوا انه يعمل كمشغل لمواد MP3 ، ولعقد الاجتماعات المصغرةConference Video، وبإمكانه كشف خريطة العالم Maps ، وصناعة أفلام منزلية Video maker ، والقيام بالمعاملات المالية(تحويل رصيد) . ويتشرف باحتضان المصحف والأذكار. هو أيضا طارد للبعوض وفق برنامج محدد . وهو روموت كنترول ، ومسجل للصوت ، ومترجم . وهو يتيح لك استخدام الانترنت للدردشة Messenger وبه خدمة ال GPS لمعرفة موقع المتحدث ويمكنك من تراه Videcalls أمامك(صوت وصورة) وللجوال إمكانية نقل البيانات عبر ال Bluetooth ونقل البيانات من جوال لآخر . ويستخدم لتحويل الوحدات القياسية(الأوزان ، السرعة ، الحجم والقدرة . وليس أخيرا ، يمكن استخدامه كنظام لتامين المنزل والسيارة (تصلك رسالة قصيرة إذا حدث خطر أو مساس بممتلكاتك). وهكذا هو أداة متعددة الأغراض لدرجة انه بإمكانه ان يحمى الإنسان من الخطر، لكنه لا يتعهد لك بالحماية من المكايد والايادى المخربة التي قد تعبث به وبأهدافه كوسيلة اتصال متحضرة بذل الإنسان من اجل اكتشافها ما بذل ، واشترط مطوروها ارتباط استخدامها بالقيم . ان خبراء تكنولوجيا الاتصال والمعلومات شرقا وغربا بح صوتهم بحديث القيم ، ربما تكفيرا لذنوب يدركون ان هذه التقنية الخطيرة تتسبب فيها لاريب. ان الحديث عن الهاتف الجوال يشغل بال العالم كله الآن ، من اكتشفوه وطوروه ومن نشطوا في استهلاكه خيرا وشرا . ونحن كجزء من هذا الكون معنيون بان نتعرف على ما ملكت ايدينا وحملت جيوبنا، سواء على سبيل المحاكاة والموضة أو العادة الاجتماعية، أو من اجل استخدامه فيما ينفعنا ولا يضر بالعباد. وشكرا لمن أعانوا على جمع هذه المعلومات لصالح هذا المقال. ومن باب التأمل في هذا الذي بين أيدينا بالإمكان الإقرار بجملة حقائق من واقع التعامل معه منذ ظهوره وانتشاره في السنوات الأخيرة، ومن ذلك: - المقارنة بوسائل الاتصال السابقة تجعله نعمة من نعم الله على العباد - انه ليس مجرد هاتف للمكالمات، نحن نشترى للاتصال والتفاكر وتبادل المصالح وتنمية الثقافة وترشيد السلوك . - أكدت دراسات أجريت إمكانية حدوث أضرار صحية وأخلاقية واقتصادية - ان الدول النامية بقيت في صفوف المستهلكين لتقانة الجوال دون ان تقتحم مجال الإنتاج إلى الآن ولا حتى صناعة التجميع ، وهذا من شانه ان يشكل هزيمة حضارية تعيق اللحاق بثورة التقانة وسباق امتلاك أسلحة العصر. - والأخطر من ذلك كله هو التأثير السلبي على المجتمعات المتماسكة التي تشكلت على تقوى من الله ورضوان. وهذا ما يجعلنا معنيين أكثر من غيرنا بالتبصر في المكانة التي احتلها الجوال في مجالسنا وثقافتنا وقريبا من جيوبنا وآذاننا وقلوبنا وضمائرنا. لتكون مكانة على بينة ، لا عن غفلة و(الغافل من ظن الأشياء هي الأشياء ) .عيديات رسائل( الموبائل ) تثير الجدل ، والبعض يتهمها بأنها مصنوعة وباردة ولا تصلح في الأعياد ، ومع ذلك بامكانك ان تفاجأ بما هو مدهش. ü في العيد وصلتني رسائل رائعة فطلبت من الجوال(حفظها) ، وكان بينها ما هو أروع(فاحتفظت) به قي ذاكرتي. üتعمدت إرسال رسائل لتحريك منابع الخير في أناس افتقدتهم ، احدهم فاجانى بأنه في(الحرم) وانه دعا لي. وكل عام وانتم بخير ومتواصلين * دكتور وباحث اعلامي