أحيت الانتخابات الرئاسية في مصر جذوة الأمل في مستقبل شعوب المشرق العربي، وفي استقرار وازدهار الشرق الأوسط، وفى عودة مصر كدولة مركزية في المنطقة.. وصدق الشاعر حين قال في حق مصر: «أنا إن قدّر الإلهُ مماتي لن ترى الشرق يرفع الرأس بعدي». إن نجاح تجربة الانتخابات المصرية واستعادة الشرعية، لهو انتصارٌ تاريخي يغيظ العِدا، يغيظ قوى «الرجعية»،، ولا بأس من استلاف مصطلح «الرجعية» هنا، رغم ذيوله الماضوية، فالرجعية التي جابهها رواد حركات التحرر، بقيت متكلسة على أحقادها وعمالتها، وقد كانت حركة الإخوان المسلمين ولم تزل، المثال الفاضح والأكبر لقوى الرجعية البغيضة.. إن بعد العسر يسراً، لقد جاء فوز الزعيم الوطني عبد الفتاح السيسي رئيساً لمصر، تتويجاً لتحالف الشعب والجيش المصري في الثلاثين من يونيو، وخلاصاً أبدياً من آثار كارثة استيلاء الإخوان المسلمين على السلطة.. لقد أثلجت الانتخابات المصرية «صدور قومٍ مؤمنين»، فكانت أعظم بشارة لشعوب المنطقة العربية منذ خروج الاستعمار الحديث. لقد كان فوز السيسي نصراً تاريخياً لشعوب المشرق العربي التى ضربها الإرهابيون في العمق، لقد كان فوز السيسي انتصاراً للاستنارة وفوزاً عابراً للحدود وليس عيداً في مصر وحدها، لأن السيسي «حين قرر ختام المهزلة»، ووقف الموقف الصحيح من التاريخ، كان يعبر عن إرادة القوى الخيِّرة في كل العالم العربي والإسلامي التى شان سمعتها الإرهابيون هواة القتل والتدمير.. لقد كتب السيسي اسمه بحروف من نور في سجل التاريخ لأنه الرجل الذي وجه ضربة استباقية لجماعات الهوس الديني انتصاراً للحق وللحرية وللديمقراطية.. وهنا في السودان، يلتقط المراقب الفرحة العارمة بين السودانيين الذين تعنيهم جداً انتصارات شعبها الشقيق على جماعات الهوس الديني، فمصر أكبر من أن يحكمها الموتورون المهووسون وشذاذ الآفاق، الذين يتوهمون إعادة المحروسة والمشرق العربي إلى عصر الانحطاط، وإلى عهود الدِقنية والفُتوّات والحريم.. لقد اضطلعت النخبة المصرية من كافة قطاعات الشعب بدورها الوطني والقومي والإسلامي، وخاضت معركتها ضد أوكار الإرهاب والإرعاب، لتأخذ مصر مكانها المتقدم في خارطة الشرق العربي، بعد كابوس عام كامل من التمكين الإخواني، تحت حكم المرشد وممثله مرسي العيّاط..! حسناً.. لقد جربهم الشعب لعام كامل فكان اختباراً رهيباً وباهظاً.. ورغم كُلفته العالية، إلا أن ذلك الاختبار «الخشبي»، فضح أوهام الإخوان المسلمين، وأبان إبانةً لا لبس فيها، أنهم طائفة تجيد التهريج، فليس لديهم برنامج، كل ما بحوزتهم شعارات منتقاة من النصوص، يخدعون بها البسطاء.. ليست لديهم غير عناوين يتخذونها للدعاية والتهريج.. هم كذلك، هنا أوهناك، أو في كل مكان يوجدون فيه، يرفعون ألواحهم ويكتبون عليها: «العودة إلى دولة الخلافة»، و«الإسلام هو الحل»، و«الحاكمية لله».. ليس لهم غير التنطُع بالنصوص وقسرها في قراءة الواقع.. ولذلك وسرعان ما تكشّف زيفهم أمام الشعب المصري وقواه الحية.. فانفضحت أكاذيبهم وجهالاتهم وعمالتهم.. إنهم يتاجرون بمناهضة الاستعمار وهم حاضنون للأموال في بنوك الغرب، وهم قاعدة تفريخ الإرهاب وغارسو فسائل الإرعاب.. إن نهر النيل العظيم يجري حتماً من الجنوب نحو الشمال، وهذا وادي النيل، ليس دولة واحدة، لكنه جسد: «إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».. مبروك لمصر براءتها من حمى الهوس الدينى.. «والله غالبٌ على أمره، ولكنّ أكثر الناسِ لا يعلمون».