منذ نعومة اظافري كنت ابحث عن اجابات تبدو مستحيلة لاستفهامات معلقة على مشجب الواقع، كيف للرأسمالية بزخرفها ورياشها وبناشئتها المترفين يقودون طلائع العمال والمحرومين والمسحوقين والهتافات الاشتراكية واليسارية تعوي عاش كفاح الطبقة العاملة وفي مدني يهتف رفاق الشفيع وكدودة ونقد في زهو الستينيات ياعمال العالم اتحدوا ذلك الاستفهام لم يفارقني وانا ادلف مساء السبت الماضي الي ميدان البراري والشيوعيون يخرجون بندواتهم الي العلن يقيمون منشط على الشارع العام تحرسه الشرطة وتتوافد وجوه منعمة تلبس فاخر الثياب المضمخة بالعطور الباذخة تترجل من سيارات فارهة وتتوزع بين جنبات الميدان ثلاجات المياه واكواب الشاي والهتاف الذي ظل يتردد عشرين عاما تسقط حكومة الجبهة يدوي بين تصفيق البعض وسخرية البعض الاخر ،لافرق فالهتافات الحماسية التي قال عنها الراحل الرائع محجوب شريف انها لاتبني الاوطان لاشيء يفعله الشيوعيون غير الهتاف ايها الرفاق!!! اجواء الندوة حفلت بتفاصيل مثيرة، العواصف الترابية كادت ان تلغي التعبئة للقوى اليسارية بالبراري،ثمة ملاحظات فقرات التكريم اخذت نصيب الاسد من زمن الندوة فضاقت سوانح المتحدثين، الشحن الزائد اغرى ابراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني ان يتفرعن بصورة لاتليق بمن يتشدقون بالحريات قميص يوسف هذا حينما طالب برجم اعضاء المؤتمر الوطني في محاولة للرد على حديث البروفسير ابراهيم غندور نائب رئيس المؤتمر الوطني في منشط قطاع المرأة حينما دعا الي ان تكون العضوية مرفوعة الرأس معلناً عن عضوية حزبه تفوق (6) مليون ،وذهب ابراهيم الشيخ في اتجاه التهريج بتحقيق نبوءة محمود محمد طه بإزهاق روح المشروع الحضاري في السودان...ثم وضع المايك وابتسم للكاميرا ومضى بسيارته الفارهة مسروراً بانه اوفى للنضال كفاحه وضريبته. فارق المتحدثون عنوان ندوتهم الراهن السياسي كان الاجدى تسميتها الفساد ..مابين التهريج السياسي والتعبئة حتى ان امال جبر الله التي قدمت لتشخيص الوضع الصحي اخذتها العزة بالتحلل اما اطرف المواقف اعلان المواطن مختار عبيد ترشحه لرئاسة الجمهورية لانتخابات 2015 حتى يرفع الاهمال عن اهالي البراري الذين تردت خدماتهم او كما قال المرشح الرئاسي.!!! المنصة ظلت تعزف في انغام مشروخة وحديث ممل يفتقد للمصداقية ..كل شيء انتهى ...الوطن عندهم صار مقبرة ..هم او الجحيم لامساحة للراي الاخر ..تسرب الحضور تاركا فراغات عريضة في الصيوان المنصوب نهاية المعرض كان يمكن ان يستفيدوا من اجواء الحريات في تقديم حلول عملية ومنطقية لواقع بلادنا التي تحتاج لجهد الجميع وما خطاب الوثبة الا تكريسا لذلك واعترافا بها لمشكلة سودانية واختراع الحلول للقضية الاقتصادية والهوية واقتسام الموارد والحرية وغيرها. ولعله من نافلة القول ان الشيوعية التي تصدع جدارها في مسقط راسها في روسيا، ولم تكن خيارا مرغوبا في الشرق الاوسط الذي يشهد تجليات الربيع العربي ، ففي مصر تبدو قوى اليسار مهزومة ضعيفة تابعة للمؤسسة العسكرية، وفي تونس صعد اخوان الغنوشي بعزيمة وارادة الصندوق، اما في تركيا فالشيوعيون حفنة تجمعت في تظاهرة شارك فيها خمسون فرداً في ميادين استانبول، مما يعزز الارتباط التاريخي بين الشيوعية والانظمة الشمولية الباطشة في الصين الشعبية وفي كوبا وفي ارتريا حيث احتكار السلطة كأحد مرتكزات مبادئ لينين التي شهدت الجدال الاول بين (البلشفيك- المنشفيك)..!! اخلاقيا يجب ان يستحي الشيوعيون حينما يكون الحديث عن اتاحة الفرص للشباب والحريات والدولة الايدلوجية، ليس لان حضور الندوة كان من اجدادنا الكرام ولا لان نقد سلم رئاسة الحزب لعزرائيل الذي بدوره سلمها للخطيب السكرتير الجديد للشيوعي فتأمل تواصل الاجيال عند الرفاق، يجب ان يستحوا لان بديلهم لدولة الشريعة هو دولة الكنيسة. نختم حديثنا بان الشيوعية مطالبة بإحداث الاصلاح الداخلي، بتقديم مشروع وطني والوفاء بمبادئ كارل ماركس وفلاديمير لينين والفيلسوفة روزا لكسمبورغ التي اضافت اضافات ذات اهمية كبيرة للنظرية الشيوعية كتطور حتمي للاشتراكية، ويظل السؤال معلقا هل صارت الشيوعية في السودان (برجوازية) وهو صراع قديم، عموما ان الفكر الشيوعي موثوق الصلة باليهودية التي ينحدر منها ماركس ويقول عنه الباحثون (رجل فاش-حاقد كسول) وهي عند اهلنا محض خداع للطبقات المظلومة، وطغيان زعماء الشيوعية طغيان لم يعرف له نظير مما ظهر في المجازر البشرية القاسية وعدد الضحايا الهائل في روسيا وسجون الاعتقال، والتشريد والنفي الي مجاهل سيبيريا، والبطش بخصومها في الراي، والتنكيل بمعارضيها في الفكر،كلها وسائل لايؤمن بها دين ولايقبلها ضمير ولايوافق عليها عقل،فلن يخدع اهل البراري بالشعارات اللامعة ولن يخدع اهل السودان عموما بالشعارات العارية.