تبدأ اليوم في العاصمة الأمريكيةواشنطن القمة الأمريكية الأفريقية وهي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات الأفريقية الأمريكية، والأخيرة في سباق التكالب على ثروات القارة السمراء بعد سلسلة القمم الأوروبية، اليابانية الصينية، الهندية، البرازيلية، العربية، التركية اللاتين أمريكية المشتركة مع أفريقيا. لقد جاء التكالب الاستعماري على القارة الأفريقية بعد مؤتمر برلين سنة 5881م لنهب ثرواتها من خلال توزيع مناطق النفوذ الأوربي في القارة بالقوة الغاشمة، ويجيء الصراع على مناطق النفوذ في القارة هذه المرة بعد معارك التحرير باستخدام «القوة الناعمة» وأهم وسائلها النفوذ الاقتصادي والتجاري والثقافي تحت مظلة العولمة.. لم تشارك الولاياتالمتحدة في السباق الاستعماري الأوربي وذلك يحسب لها.. لانشغالها ببناء نفسها بمواردها الغنية واستمتاعها بعزلتها المجيدة حتى انغماسها في الحرب العالمية الثانية ودخولها الحرب الباردة بعد انتهاء الحرب العالمية وانقسام العالم بين معسكرين شرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي وغربي بقيادتها. تأرجحت السياسة الأمريكية تجاه القارة الأفريقية بين المباديء التي تنادي بها والمصالح التي تحكمها والصراع على مناطق النفوذ السياسي والاقتصادي، وتأثرت علاقاتها بدول القارة بقضايا التحرر الوطني وقضية فلسطين وقضية القضاء على نظام الميز العنصري في جنوب أفريقيا وكان للأمريكين من أصول أفريقية دور كبير في تطور المواقف الأمريكية تجاه القارة. ظل الإطار الرسمي للعلاقات الامريكية الافريقية ثنائي حتى العام 0002 حين بادرت أمريكا بصياغة ما أصبح يعرف بال AGOA أو قانون فرص النمو الافريقي «The African Growth and Opportunity Act» الذي تضاعفت بموجبه التجارة بين الولاياتالمتحدة والدول الافريقية التي نطبق عليها القانون- والسودان ليس من بينها بطبيعة الحال- والذي ينتهي في مايو 5102 والقانون انشأ منطقة تجارة تفضيلية بين الولاياتالمتحدة والدول المستفيدة من المبادرة على أساس مبدأ التجارة من أجل التنمية، باعتبار أن تطور التجارة سيقود إلى نمو اقتصادي من خلال المنافسة وجذب الاستثمارات الأمريكية وزيادة الانتاج وتدوير الاقتصاد. ومما لا شك فيه أن الهدف الأساسي من القمة سيكون تطوير شراكة اقتصادية أفريقية أمريكية من خلال تطوير مبادرة «الأقوا» AGOA من منطقة تجارة تفضيلية إلى منطقة تجارة حرة وتمديدها لخمسة عشر عاماًَ أخرى، مع تخصيص مساعدات تنموية أمريكية للدول الأفريقية التي تلبي مطلوبات الشراكة مع أمريكا من إدارة رشيدة سياسية واقتصادية ومحاربة الفساد واحترام الديمقراطية وحقوق الإنسان. وكلها شروط صعبة التحقيق في الظروف التي تمر بها القارة السمراء. فالصراعات الداخلية التي تمر بها عدد من دول القارة كأفريقيا الوسطى، ومالي، وجنوب السودان تؤثر على الاستقرار في تلك الدول وحولها، ومشاكل الإرهاب التي تعاني منها دول أخرى كنيجريا وليبيا ومصر، والمشاكل الصحية الناجمة عن انتشار وباء الايبولا في غرب افريقيا وقضايا الفساد وحقوق الإنسان في العديد من الدول الافريقية لابد ستؤثر على جدول اعمال القمة ومخرجاتها من مواقف وقرارات. كما إن مشاركة بعض الدول الأفريقية وبعض قادة وزعماء القارة في قمة باسم أفريقيا دون دعوة ومشاركة كل الدول الافريقية سهم يوجه لقلب التضامن الافريقي مهما كانت الأسباب التي تحول دون دعوة الجميع. إن أفريقيا لم تتمكن حتى الآن من إقامة منطقة تجارة حرة بين دولها رغم نجاح بعض اقاليمها في تحقيق نجاح جزئي، كما أن مفاوضات التجارة الحرة وفتح الأسواق مع أوربا قد فشلت هي الأخرى حتى الآن، ولا يبدو أن هذا الهدف قريب المنال في العلاقات الأمريكية الافريقية، كما لا يبدو لنا أن التجارة هي مفتاح التنمية، التنمية تأتي أولاً.