كان خريف هذا العام إختبار حقيقي ، لحكومة الجزيرة التي تم تشكيلها مؤخراً، فالسيول إجتاحت كل محليات الولاية الثمانية، وأدت الي إستشهاد (6) مواطنين ، (5) منها جراء صعقات كهربائية وإنهيار (554) منزلاً وتأثر (1054) جذئياً و(154) مؤسسة تعليمية من جملة (2769) ونفوق (500) من الثروة الحيوانية .. ولعل الأضرار التي لحقت بالولاية كان من الممكن جداً أن تكون أكثر مما وقع بكثير لولا المجهود الكبير الذي قامت به حكومة الولاية بقيادة د. محمد يوسف عمر كما قالت رئيسة لجنة الطواريء باللجنة العليا لدرء آثار السيول والفيضانات وزيرة الرعاية والضمان مشاعر الدولب التي قادت قافلة ضخمة نظمها ديوان الزكاة بالتعاون مع إتحاد المرأة. وقد إستقبل الوالي واعضاء حكومته الدولب بمحلية الحصاحيصا وسرعان ما دخل الجميع في إجتماع مغلق قدم من خلاله د. محمد يوسف شرحاً وافياً للأوضاع بالولاية وتحدث بلغة الأرقام ولم يغفل شاردة أو ورادة.. وقد شهدت الجزيرة هطول الأمطار بكميات كبيرة فاقت المتوقع، وقد تم إتخاذ التدابير التي قللت من حجم الأضرار إذ أن المصارف الكبيرة التي عملها علي الطرق القومية خاصة طريق الشرق والمعابر بطرق ود مدني والمحليات المختلفة مكنت من تصريف معظم المياه بجانب اعمال الصيانة التي تم عملها في مصرفيّ (الشوال وود مطر) وهما مصرفان كبيران إضافة لبقية المصارف في المحلية. اللافت في تدابير حكومة يوسف هي إستعانتها بجهاز الأمن الوطني والمخابرات والدفاع الشعبي وإستجلاب عربات لاندكروزر منهما (10 من الأمن رُفِعت فوقها طلمبات غاطسة، ولعل هذه الخطوة جاءت كون حكومة الولاية تضم عدد من المجاهدين مثل وزير التخطيط العمراني الصادق محمد علي (رئيس غرفة الطواريء) ومعتمد الحصاحيصا (نائب منسق الدفاع الشعبي السابق) وهي الخطوة التي إمتدحتها الوزيرة مشاعر والتي قامت بزيارة لمحليات الحصاحيصا ، ومدني الكبرى وجنوب الجزيرة.. وتفقدت الأوضاع بالمناطق المتضررة، ووقفت علي عمل الطلمبات الغاطسة في مناطق شاقة ووعرة، حتى أن حذاءها تعرض للتلف، ولم تأبه كثيراً لذلك وإستمرت في طواف إستغرق زمناً وإجتماعات طويلة ليوم السبت ( الماضي ).كما لم يفت علي الدولب التعليق علي المشاركة الواسعة للمنظمات الطوعية والتنسيق العالي بين حكومة الولاية والمشاريع القومية «مشروع الجزيرة ، مصانع السكر ، هيئة الرهد الزراعية» في مجال تطهير وصيانة المصارف الرئيسة داخل الولاية والتحكم في المياه. كان واضحاً أن والي الجزيرة يدير الأزمة بهدوء وبعيداً عن أي ضجيج إعلامي وبرز ذلك من مطالبته في ختام الإجتماع الاول الذي عقد بالحصاحيصا قبل بداية الجولة التفقدية من المسؤولين بحكومته الذهاب الي عملهم، وعدم مرافقته حيث أشار الي عدم ضرورة تحرك رتل من السيارات للمناطق، واعتبر ذلك مستفزاً لمشاعر المواطنين واقتصر الوفد علي خمسة سيارات من جملة نحو (20) سيارة كانت موجودة، وهو الأمر الذي أيدته الوزيرة مشاعر والتي إستمعت لمشاكل المواطنين في عدد من القرى والأحياء التي زارتها بالمحليات المختلفة. تكافل وتراحم المواطنين كان بائناً في أرجاء الولاية لكن الجهد الحكومي الذي بذل يحتاج الي عون مركزي خاصة في مجال الخيم والمشمعات والناموسيات. وفي تصريحات للوالي أشار الى تلقيهم دعماً مالياً بلغ نحو (4.5) مليون جنيه من مشروع الجزيرة لتطهير المصارف بجانب (80) آليةرغم ذلك لايزال يوجد نقص في المعينات الفنية (الآليات) خاصة في محليات الحصاحيصا ، جنوب الجزيرة ، شرق الجزيرة و (24) القرشي. ولكن كان بائناً الضعف المقدم من الدفاع المدني المركزي وتمثل في (3) طلمبات ، (20) الف شيكارة ، (80) خيمة و(200) مشمع وهو دعم ضعيف مقارنة بحجم الأضرار التي لحقت بالولاية. عمل حكومة الولاية لم يقتصر علي المجهودات لتلافي ومعالجة الأضرار وإتخاذ التدابير اللازمة للحد من التأثير السالب، خاصة وأن الخريف في بداياته.. وقد قدم الوالي للوفد المركزي تقريراً منفصلاً ودقيقاً عن الموقف الصحي بالولاية شمل حتي تحديد الاصابات (ملاريا ، إسهال ، التهاب كبد ، دوسنتاريا..الخ) وبالأرقام في كل محلية..بجانب تأثر القطاعين الزراعي والحيواني بالمحليات. زيارة الوفد المركزي بقيادة مشاعر الدولب كان له وقعاً طيباً علي الولاية خاصة وانها أول زيارة لوفد إتحادي وقد إبتدأت الوزيرة زياراتها للولايات بولاية الخرطوم الأيام الفائتة، واتفقت مع إتحاد المرأة بقيادة د. إقبال جعفر علي زيارة ولايات اخرى، خاصة وان الإتحاد أطلق النفرة النسائية الكبرى تحت شعار «تكاتف النساء لتخفيف البلاء وإعادة البناء».. ويبقى المهم في الدعم المقدم هو الدور المنظور لديوان الزكاة حيث كان بمعية الوزيرة الامين العام للديوان محمد عبد الرازق الذي أعلن إستنفار لجان الديوان لدعم المتأثرين، وتعهد بالوقوف مع المزراعين الذين يتوقع أن تتضرر زراعتهم، حيث غمرت المياه اكثر من (30) الف فدان بالولاية وهو الأمر الذي لفت الوالي الإنتباه إليه وإصطحب الوفد الي المشاريع بمنطقة السيالة المزروعة بالسمسم، وهو المحصول الذي دعمه ديوان الزكاة منذ العام الماضي، وزادت مساحته المزروعة.. ومهما يكن من أمر فإن المهم جداً أن يتحرك القائمون علي المركز «علي الاقل أن تلحق الاضرار بأحذيتهم وهم يبللون ارجلهم في سبيل الله».