الآن فقط ابتسم.. الآن فقط أضحك ملء فمي.. الآن فقط تجتاحني فيوض السعادة.. الآن فقط أغني وأشدو.. وأزهو.. الآن فقط أهتف في تنغيم أفراحنا تهل في ربوعنا وأحبابنا يضوا شموعنا.. كيف لا.. وشمس ود المكي تشرق وتضيء كل مكان.. ويهل هلال محمد المكي إبراهيم.. وتهل تلك الليالي الحافلة بالبهجة والدهشة.. يأتي ود المكي ويأتي معه السودان القديم ذاك الذي نعرف.. يأتي ود المكي وتسيل من قارورة عطره شلالات عسل «خلاسية» المصفى.. يا لروعة ذاك الزمان البهيج.. عندما كان الوطن مدهشاً حلواً وفريداً.. عندما كان واحة من العطر.. والزنابق والزهر.. عندما كان ود المكي.. يغمرنا بالهدايا والعطايا.. عندما انعقدت السنتنا دهشة ونحن على زورقه البديع.. وملاح يضرب بالمجداف وآخر ينشد.. الله يا خلاسية.. ولونك في لوني وتكويني.. فنيت فيك فضميني إلى قبور الزهور الاستوائية إلى البكاء وأجيال العبودية ضمي رفاتي ولفيني بزندك ما أحلى عبيرك ما أقواك عارية وزنجية وبعض أقوالي أمام الله مرحباً بك ود المكي.. في الوطن.. رغم انك كنت وما زلت وستظل تحمل الوطن حلاً وترحالاً.. كنت معنا ونحن في قلب الاتراح والجراح.. كنت معنا ونحن نزهو.. ونحن نلهو.. ونحن ننزف في رعاف.. كنت معنا وخيول التتر تسد علينا الطريق والساحات.. تأتي ود المكي.. ويأتي معك قطار الغرب حزيناً نائحاً باكياً بيوتاً من الطين تشققت.. ورمالاً من هجير الشمس تلظت.. لا يضحك القطار «زمان» إلا عندما يعانق الخرطوم.. وكنت تنشد ما أتعس رأس مشلول الأقدام.. الآن يا ود المكي.. حتى الرأس تصدع.. وتشقق.. وتبعثر.. وأظلم.. وترمل.. مرحباً بك ود المكي.. وتطل بقامتك الفارعة.. وبابتسامتك الوضيئة.. تحلق فوق رؤوسنا بروحك السمحة.. ويأتي معك أبداً اكتوبر.. هل يعرف هؤلاء أكتوبر!!.. لا بأس دعنا.. نحتفي بك ونحتفل باكتوبر وننشد.. من غيرنا يعطي لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصر.. من غيرنا ليقرر التاريخ والقيم الجديدة والسير من غيرنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياة القادمة جيل العطاء المستجيش ضراوة ومصادمة المستميت على المباديء مؤمناً المشرئب إلى السماء لينتقي صدر السماء لشعبنا جيلي أنا ود المكي.. لا املك ترحيباً بك غير أن أقول لك.. التفرد فوق صهوات الخيول روامحَ.