«1» - قبل أيام كتب الأستاذ إسحق أحمد فضل الله في زاويته «آخر الليل» عن الفنان محمد وردي في رده على الأستاذ صلاح عووضة مستنكراً على الفنان محمد وردي تقلباته، وإن لم يظهر ذلك صراحة كعادة إسحق، وهو يقول: «نشير إلى أن وردي ما بين الاستقلال والإنقاذ ظل يغني لكل حكومة، لعبود غنى «سبعطاشر نوفمبر هب الشعب» ولأكتوبر التي تطرد عبود.. غنى أروع غناء.. وللنميري الذي طرد أكتوبر غنى وللانتفاضة التي طردت النميري غنى.. و.. الرجل يغني في «إبداع» ويتجاوز الإبداع إلى ابتكار أروع صورة تقول إن الإبداع شيء.. والفهم السياسي شيء آخر.. وإلى التناقض الذي هو قوة عين و«انفناسة». - يحفظ لإسحق قوله إن غناء وردي كان «إبداع»، وهذا اعتراف لا يضيف شيئاً لوردي لكنه يجمّل إسحق ويحفظ لإسحق أيضاً قوله إن الإبداع شيء، والفهم السياسي شيء آخر «وهذا فهم راق ٍ يحسب له».. وإن عاد إسحق وأفسد تحليلاته عندما قال إن التناقض هو قوة عين وانفناسة. - فإن قبلناها «قوة عين»- كيف لنا قبولها «انفناسة» من فنان في قامة وردي كان يغني للوطن «في حضرة جلالك يطيب الجلوس» ليجلس وردي في حضرة الوطن، دون أن يكون في الأمر شبهة «الانفناسة» التي تحدث عنها إسحق. - وللتاريخ نقول إن مواقف وردي، وأغنياته لكل الحكومات التي ذكرها إسحق أحمد فضل الله لم يكن فيها «تناقضات» وقد اعتدنا على تجريم وردي من منطلق تلك «التناقضات» وهي لا تحمل مثقال ذرة تناقض. - وذلك لبيّنة واضحة لا تحتاج إلى كل «تحليلات» إسحق وتحميلها ما لا تحتمل. - وردي عندما غنى لعبود كان مقتنعاً به- لم ينافقه، وعندما اختلف معه أعلن ذلك ودخل السجن جراء تظاهرة كانت ضد حكومة عبود. - عندما جاءت انتفاضة أكتوبر وردي تلقائياً كان مختلفاً مع حكومة عبود لذلك من الطبيعي أن يغني للانتفاضة. - عندما جاء انقلاب مايو غنى وردي لمايو «اقتناعاً» وليس «نفاقاًً» فقد كانت بشريات مايو، وحكومتها بشريات للكثير من الناس، والمبدعين الذين أخذتهم الفرحة بشعاراتها. - وعندما وجدوا فراغ تلك الشعارات كانوا أول من اختلف معها وقد دفعوا أثماناً كبيرة لاختلافاتهم تلك رغم أنهم كانوا يمكن أن يعيشوا في نعيم الاتفاق معها. - سجن محمد وردي بعد اختلافه مع حكومة مايو - وسجن رفيق دربه وقتها محجوب شريف الذي دفع الفاتورة من صحته وحياته حتى فارق الحياة بعد أن أتلفت السجون رئته. - غادر وردي السودان وهاجر نتيجة لاختلافه مع حكومة مايو حتى سقطت وعاد من هناك بجميل أغنياته لانتفاضة رجب أبريل. - ثم غادر وردي للسودان مرة أخرى بعد قدوم «الإنقاذ» وعاد من هناك على مضض وهو مع كل تقربات حكومة الإنقاذ له لم يغنِ لها. - من تلك السيرة أين هي تناقضات وردي - ليس في الأمر تنقاضات - يمكن القول إن هنالك تنقلات من موقف إلى موقف.. خاصة أن تراجعات وردي كانت قبل سقوط الحكومة التي كان يغني لها. - حدث ذلك من وردي من غير «نفاق» وكان واضحاً وصريحاً في كل مواقفه.. ودفع ثمناً غالياً في كل موقف أعلن عنه. «2» - نسأل إسحق أحمد فضل الله هل إذا اقتنع هو بسوءة مواقفه ودعمه للحكومة.. هل يمكن أن يتراجع عن مواقفه تلك.. أم أنه لن يجرؤ على ذلك. - وهل إذا تراجع إسحق عن مواقفه الحالية بعد «وعي».. هل يمكن أن نقول إن في الأمر «تناقض». «3» - أستاذ إسحق. - إذا أنت اعترفت أنك يمكن أن تكذب وتخدع القراء من أجل مصلحة الدولة الإسلامية التي تحرس بوابتها عبر «تحري الكذب» حسبما جاء في اعترافاتك في حوار صحفي سابق فما ضير وردي الذي كان يتراجع من مواقفه بغير كذب. - إن كان «الكذب» حلالاً عليكم.. كيف تستنكرون على وردي أن يبدل مواقفه وتحسبون ذلك «تنقاضاً». - علماً بأن «التناقض» أصلاً هو مصطلح غير موجود في حياة الفنانين باعتبار أن وسطهم وحراكهم يستوجب ذلك «القلق» الذي يسميه إسحق «تنقاضاً». - .. إنتهى.