اقليم دارفور رقعة متسعة في مساحتها،فقد حباها الله بتعدد القبائل والبطون والألوان من كل فج عميق.. ويرجع سبب تسمية دارفور بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة الفور وهي إحدى أكبر قبائل الإقليم. . تقدر مساحته بخمس مساحة السودان وتبلغ 493.180 كيلومترا مربعا.. يبلغ عدد سكانه ما يقارب 7.5 مليون نسمة حسب إحصاء 2008 ، يستخدمون لغات محلية إلي جانب اللغة العربية. ويسكن دارفور عدد كبير من القبائل التي تنقسم إلى مجموعتين «مجموعات القبائل المستقرة» في المناطق الريفية «الفور»، «المساليت»، «الزغاوة»، «الداجو»، «التنجر» و»التامة»، إضافة إلى مجموعات القبائل الرحل «الأبالة»، «المحاميد»، «مهريه»، «بني حسين»، «الرزيقات»، «المعالية»والسلامات والبني هلبة والترجم والقمر و«الميدوب». آخرلحظة كانت شاهدا بولاية شمال دارفور على مؤتمر صلح بوحدة كورما الإدارية التي تقع شمال محلية الفاشر،بغرض حل النزاع بين مواطني أربع محليات هي الفاشر وطويلة والواحة وكتم،وهي مثلها مثل أي مشاكل تحدث بين جار وجاره..سببها لايعدو أن تعتدي ماشية أحد الرحل على أرض زراعية لأحد المستقرين من المزارعين؛لتشتعل نيران الخصومة التي سرعان ماتنطفئ،بعد تدخل الجودية والشراتي والعمد لتعود العفول بعدها إلى رشدها.. كورما بكل ألوان طيفها وكان على رأسهم مفوض الأمن والسلام بدر كنيش؛والشرتاي التجاني محمد صالح ..استقبلت الأستاذ عثمان محمد يوسف كبر والي شمال دارفور ونائبه وزير الزراعة محمد النحلة،ومعتمد الفاشر عيسى عبدالله.. وقيادات الولاية الأمنية والعسكرية والشرطية.. ملتقى التعايش السلمي الذي شهدناه كان لرتق النسيج الإجتماعي ووقف العدائيات بين مواطني المحليات الأربع..وهدف الملتقى بطبيعة الحال للتحضير والإعداد لموسم الطليق؛بجانب تشكيل آلية مشتركة بين المزارعين والرعاة،تعمل على التدخل الفوري لفض وحل أي نزاعات تحدث بينهما..إضافة أيضا لدعائم السلام والأمن وتعزيز التعايش السلمي بين مواطني المحليات المتنازعة . بنود الصلح والإتفاق تم تجهيزها ليوقع عليها جميع الشراتي والعمد لبداية جديدة تسهم في استقرار المنطقة واستمرارية الحياة الآمنة..هذا الملتقى (نفّس) عن كل غبينة حملها مزارع لراع؛أو العكس.. بعد التوقيع على ورقة الصلح،جلس الجميع تحت شجرة كورما «متوهطين» على الأرض أمام الوالي كبر الذي لم يبخل بوقته وصبره في رعاية الملتقى فأعطى الجميع الفرصة للحديث يستمع ويسجل ملاحظاته دون أن يمل من شكوى أو تظلم..لتنتهي أحاديث المتخاصمين دون مقاطعة.. ليرسل بعدها راعي الصلح السلطان كير رسالة للجميع بأن يتعاونوا على وضع حد لهذه التفلتات،مطالبا الجميع بطاعة الله ثم الوالي وطاعة المشائخ والشراتي وأولي الأمر. كبر والي شمال دارفور واصل حديثه وهم ينصتون - كما أنصت لهم - ليثني على إلتفاف وتدافع العرب والفور للملتقى وهو مايراه تعافيا لدارفور من شر الفتن والنزاعات..مطالبا المتخاصمين بالرجوع لصوت العقل والحق . وثيقة الصلح وقع عليها جميع شراتي وزعماء وعمد العرب والفور؛معلنين إلتزامهم أمام الله ووالي شمال دارفور وأهلهم بكل بنودها دون أي تحفظات . أريحية الجلوس أرضاً والتنفيس عما في القلوب والعمل على تصفيتها من كل غبينة تجعل الجميع يتقبل الآخر برأيه ونقده ونصيحته.. وكما شهدت أخرلحظة وسمعت بعد توقيع بنود الصلح بملتقى التعايش السلمي ب«كورما» فالمراحل والمنازل ،وحتى الصواني لن تكون سببا لمشكلة جديدة في دارفور وإن كانت صغيرة بين راع ومزارع. مجالس الجودية والصلح تتطلبها عقول راشدة وقلوب صافية وبيضاء تخاف الله في أهلها..وماشهدناه بعد التوقيع وتحلق المتخاصمين -سابقاً- حول صينية الإفطار والحديث عن المستقبل وتناسي مرارة الماضي..خير دليل على أن مشاكلنا تحل فيما بيننا دون أي تدخل أو تأثير من غير أصحاب العقد والحل.. والي شمال دارفور يتميز بالحكمة والصبر ولاحظنا إمتصاصه لغضب بعض الحضور دون أن يجرحهم حتى بكلمة..وقد اتفق كل من كان شاهدا أو حاضرا لصلح كورما..بأن الحل دائما أمام أعيننا؛والناس دي لو قعدت في «الواطة» فالعمار والتنمية سيكونان أساساً للحياة الطيبة والتعايش السلمي،وعندها سيكون لإنسان دارفور القدح الأعلى في تنمية السودان والعمل على الحفاظ على أرضه،وقال لي محمد عثمان كيوم معتمد الواحة أرجو أن توضحوا بأقلامكم للجميع أن عثمان كبر يتقدمنا ليقول للعالم هانحن هنا.. وهذه هي دارفور التي لاتعرفونها..