واليوم يا أحبة الخميس.. هو يوم الهدنة ووقف إطلاق النار مع الأحبة في المؤتمر الوطني.. هو اليوم الذي ظللت أخصصه للتنزه في رياض الغناء والاستمتاع برذاذ المطر والركض حافياً على روعة العشب الأخضر.. هو اليوم الذي أبتعد فيه من حقول السياسة المشتعلة بالجحيم.. هو اليوم الذي أغمض فيه عيوني عن معاناة أبناء شعبي المفزعة.. هو اليوم الذي استغشى فيه ثيابي وأضع أصابعي على أذني حتى لا أستمع لآهات وأنين أبناء وطني الذين نزفوا من قسوة الجراح والنزيف والرعاف.. لذلك كله وسبب آخر طاريء يجعلني أكثر إصراراً على جعل الخميس يوماً مختلفاً وهو أني لا أريد أن أفسد على الإخوة في المؤتمر الوطني بهجة أفراحهم وهم يتوشحون «بالشالات» ويزرعون السماء بالعصي حتى صارت «غابة» احتفالاً بمؤتمراتهم وتدافعهم بالمناكب ليظل «النادي الكاثوليكي» هو قبلة البلاد ومحط أنظار العباد. نعود إلى شذى عطر الخميس.. ونفتح قارورة الشعر البهيج.. ليتدفق فيض من روعة المشاعر.. ولتضوع روائح المسك والصندل في الفضاء. اليوم لا حروف منغمة ولا أغاني مموسقة.. اليوم لا أغنيات متسربلة بالأسى مغسولة بالدموع مكفنة بالنحيب.. ولا أغنيات فرحة مستبشرة مزهوة متبخترة.. اليوم يجلجل و«يتحاوم» في إلحاح وإلحاف في «مخي» سؤال أقلق مضجعي وأطار النوم من عيوني.. السؤال ليس «مطلوقاً» في الفضاء ليجيب عليه أي مواطن أو مواطنة.. السؤال موجه مباشرة.. بل مرسل بخطاب وبعلم الوصول وعلى «الظرف» «طابعة» فقط إلى الشاعرات السودانيات.. وقبل أن أطلق السؤال دعوني أقول إني من أشد المناصرين.. بل المقاتلين مع المرأة في كل قضاياها في خندق واحد معها سلماً أو حرباً.. وقبل كل ذلك أنا من يتيه زهواً ويعربد فرحاً ويغني طرباً ويحتفي ويعيش عيداً عند ميلاد كل قلم امرأة.. أعيش مواسم الابتهاج عند ميلاد كل قصيدة أو قصة أو حتى كلمة من أنثى.. أنا أحني قامتي لكل ممسكة بقلم من الجنس الناعم الأنيق بكل أزميل بين أنامل مقالة مدهشة.. بكل ريشة بين أصابع تشكيلية مترفة.. بكل صوت ملائكي يسري حتى المجرات البعيدة من حنجرة مطربة مبدعة.. من كل نغمة تلون الدنيا من آلة عزف في حضن امرأة وارفة.. ودعوني أطلب العذر من كل حواء السودانية وآخذ الإذن منهن بأن اختار كوكبة منهن لأطلق عليهن السؤال.. دعوني أوجه سؤالي إلى الأستاذة الشاعرة المبدعة روضة الحاج.. إلى ملكة الحرف الفخيم الشاعرة سعادة عبد الرحمن.. إلى المدهشة داليا إلياس.. السؤال.. لماذا تلك الإرادة الفولاذية.. ومقاتلة وقمع ولجم كل حرف يبوح علناً وشعراً بحب حبيب.. لماذا تلك الإرادة الحديدية وتلك الأسوار الاسمنتية التي تحول دون تسرب «نبضة» واحدة عبر الشعر إلى ضوء النهار وفي الفضاء الطلق.. لماذا.. لماذا.. لماذا.. يتمدد في قلوب «الشاعرات» محيط وبحور وأسوار «المسكوت» عنه.. هل المرأة أقدر على إحباط كل «علن» بحب ليظل يدور ويفور ويمور في «الصدور»؟؟ أوحى لي بهذا السؤال أغنية رائعة وبديعة كتبتها وأدتها علناً وعلى كل فضاء الدنيا فتاة شجاعة وجريئة جهرت بحبها في هالات الضوء وتحت بؤر الأنوار.. وحتى عبر الفضاء والأثير.. وهي تردد في ثقة تملأ صدرها حتى يفيض معلنة حبها.. راجية أن يتوج بالزواج.. والليلة والليلة دار أمبادر يا حليلا.. غزلاً رفيعاً وعظيماً ونظيفاً عندما تصل إلى زولاً سمح صورة كان بالفاتحة بندوره.