طفت للسطح ظاهرة الهجرة للولايات المتحدةالأمريكية بشكل كبير وحطم عدد طالبي الهجرة رقماً قياسياً هذا العام بوصوله حتى الآن «10» آلاف رغم أن التقديم ما زال مستمراً مما يشير إلى أن هذا الرقم مرشح لزيادة مضطردة، وتوقع أصحاب مكاتب التقديم للوتري بلوغ عدد المتقدمين إلى «12» ألفاً بينما كان عدد المتقدمين للهجرة العام السابق «8» آلاف، نال منهم «3,700» فرصة للهجرة لأمريكا. قلق من نمو الظاهرة أبدى عدد من الخبراء الاقتصاديين قلقهم حيال ظاهرة ارتفاع أعداد طالبي الهجرة خاصة وأن من بينهم فئات عمرية مختلفة وعقول يحتاجها الوطن للبناء والتعليم والتطبيق والتنمية وغيرها من القضايا الإستراتيجية في بناء وتقدم الأمم، خاصة وأن أغلب الفئات الباحثة عن الهجرة هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين خمسة وعشرين إلى أربعين عاماً. السلطات تقلل من آثار الهجرة في الوقت الذي دق فيه الخبراء والمختصون في عدد من المجالات ناقوس الخطر جراء تحول الهجرة إلى ظاهرة والتي بسببها فقد السودان عقولاً جبارة وسواعد فتية، قللت وزيرة العمل إشراقة سيد محمود من أن تكون للهجرة آثار سالبة على السودان، ومضى في ذات الاتجاه وزير الصحة بولاية الخرطوم مأمون حميدة الذي أكد أن هجرة الأطباء لن تؤثر سلباً على الحقل الطبي، واتفقت معه وزيرة التعليم العالي بأن هجرة الأستاذ الجامعي لن تؤثر بشكل كبير على واقع التعليم في البلاد لكن أصحاب الشأن يخالفون ما ذهب إليه الوزراء الثلاثة ويؤكدون أن الآثار السالبة بدأت واضحة في مختلف المجالات لكن أكثرها تضرراً هو الحقل الطبي والتعليم الجامعي. أسباب ودواعي الهجرة قال محمد عوض يبلغ من العمر «29» عاماً، إنه قرر الهجرة لأنه ملّ العطالة بعد أن تخرج وبقي على حاله عدداً من السنين رغم أنه سعى سعياً حثيثاً للحصول على فرصة عمل لكنه فشل في ذلك في ظل تنامي المتطلبات الحياتية والأسرية، ووجد نفسه غير قادر على الإيفاء بها مما أثر سلباً في حياته فقرر تغييرها لواقع أفضل، لأنه يدرك أن العالم الأول الحياة فيه أفضل وفيه إكرام للإنسانية مع فرص عمل أوفر يتمكن المرء عبرها تغيير نمط حياته وتحسين وضعه المعيشي والاقتصادي. فيما قال طارق فضل يبلغ أربعة وثلاثين عاماً إنه يعمل في وظيفة إلا أنها لا تلبي طموحاته ومطلوبات أسرته، لأن الراتب لا يساوي شيئاً مقابل الارتفاع الجنوني في الأسعار ومطلوبات التعليم والعلاج والمعاش، بناءً على كل هذه المشكلات قرر ترك السودان للبحث عن فرص أفضل للعيش وتحسين الوضع الاقتصادي وتطوير القدرات ونيل شهادات عليا في بلاد تحترم العقول وتهتم بقضايا المعاش الأساسية إنهاءً للمعاناة التي ظللت أعيشها. وقالت مودة محمد البالغة من العمر سبعة وعشرين عاماً إنها اتجهت للتقديم للهجرة آملة في أن تكون من المحظوظات بالهجرة إلى أمريكا، مبينة أنها قررت هذه الخطوة بعد أن سدت أمامها كافة السبل في إيجاد وظيفة أو عمل يحفظ لها حق العيش الكريم، وزادت هذا القرار يبدو غريباً على بعض الأسر كوني «بنت» تتقدم للهجرة عن بلادها، لكن إذا تمعن المرء في معاناة المرأة في سبيل كسب العيش لتجاوز نظرته التقليدية تجاه هذا الحق الإنساني. ماذا قال أصحاب مكاتب اللوتري؟ كشف عدد من أصحاب مكاتب التقديم للهجرة عن زيادة كبيرة في عدد طالبي الهجرة هذا العام، وأشاروا إلى أن التقديم شهد أمراً لم يكن مألوفاً وهو تدافع عدد من الفتيات إلى جانب الشباب والرجال والنساء بمختلف الأعمار. للهجرة فوائد وخالف د. بابكر التوم الخبير الاقتصادي من يرون أن للهجرة مخاطر وآثاراً سالبة وقال إن الهجرة تكسب المهاجرين خبرات تعليمية ومهارات وسلوك متقدم ومتحضر لم يكن متاحاً لهم في دولهم النامية، بجانب أنهم يتعلمون الاعتماد على الذات وعدم «الاتكالية»، وأرجع أسبابها إلى ضيق فرص العمل في دول العالم الثالث مقابل زيادة عدد الخريجين الباحثين عن الأفضل، ووصف ظاهرة التدافع للهجرة بالطبيعية.