وجواباً على السؤال.. صديقاتي.. هل الحب في نظرك حرام؟.. أقول: إن الحرام بيِّن والحلال بيِّن وبينهما أمور متشابهات..! والحب عموماً هو الوسيلة الأنجع والأسرع لحل كل مشكلات الدنيا! فهو يرق الطباع.. ويجمل الدنيا.. ويهذب السلوك.. ويكسب المحب صفات جميلة.. كالنظافة .. والاهتمام بالهندام.. ومراقبة النفس ومحاولة تطويرها «لتحظي بإعجاب المحبوب».. والحب دافع للعيش في سلام مع الآخرين فحين تُروى المشاعر يصبح العطاء على الإنسان أكثر سهولة ويسر.. ويصبح أكثر قدرة على تحمل المحن والمصائب لوجود من يشاطرك الهموم والأحلام..وللحب عدة أشكال.. أكبرها وأسماها.. وأعظمها حب الله ورسوله.. الذي يستوجب الطاعة والتأمل. الصبر والرضا.. وأداء العبادات ليس فقط بالإخلاص.. بل بالمحبة.. مما يأصل الإيمان فتتذوق حلاوته.. وروعته وتأنس النفس بقربها من الخالق وتفكرها الدائم في عظمته.. وقدرته.. أما حب الحبيب المصطفى «صلى الله عليه وسلم».. فهو أولى مخلوق بالمحبة.. ومعرفة دقائق سيرته.. وصفاته.. وكلما عرفنا تأصلت المحبة.. وقوى القُرب.. وكثر التأسي بالأخلاص وجميل الصفات.. وهو عليه السلام رسول المحبة.. والرحمة المهداة.. رقيق القلب.. رحيم الفؤاد.. أصابه ما أصاب البشر من حب عائشة رضى الله عنها.. فكان يقول لها «حبك عائشة في قلبي كالعروة الوثقى» وكانت تفخر بذلك على زوجاته الأخريات..وفي مرض موته عليه السلام.. كان حين يفيق يقول «أين أنا غداً..؟ أين أنا بعد غد..؟ يرقب يوم عائشة حتى تنازلت نساؤه عن طيب خاطر وقلب «وهبنا أيامنا لعائشة» فمات عليه أفضل الصلاة والسلام.. بين سحرها ونحرها..حيث يحب وكان دائماً يبرأ مما في نفسه من حبٍ وأثرةٍ.. لها توخياً للعدل.. فكان يقول بعد أن يعدل بينهن في كل شئيء عدا قلبه «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تملني فيما تملك ولا أملك».أما رجال هذا الزمان.. فيتزوج الرجل أكثر من واحدة.. ويجمع النساء ... ولا يتحرز من الظلم.. ويعمل وفق ظروفه.. ويميل حيث يشاء.. ناسياً أن وعد الله حق.. وأن الله يغفر ما بينه وبين العبد.. لكنه لا يغفر ظلم العباد.إذن فالحب.. أمر لا يمكن التحكم فيه فهو أمر رباني.. وإن كنا نستطيع- لا بل- يجب التحكم في سلوكنا وتصرفاتنا كيلا يكون الحب ذريعة للوقوع في المحرمات.. الحب الذي أعرفه صديقاتي وأؤمن به.. هو حب الخير للغير .. حب الناس.. الخالي من الأغراض.. العفيف المنزه عن الدنايا.. الذي يسمو بالروح ويرقى بالحس.. ويطور الإنسان.. ويقربه إلى الله.. ولا يمكن .. لا يمكن أن يكون سبباً للشقاء لا في الدنيا ولا في الآخرة.. والله أعلم بقلوب عباده.. فهي بين أصبعيه يقلبها متى شاء!. زواية أخيرة: قال تعالى.. «وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب».. الحب في الدنيا بعض من تصورنا لو لم نجده عليها لاخترعناه..!.