منذ أن دخلنا لعوالم صاحبة الجلالة ونحن نعلم أن هناك خطوطاً حمراء لا يخفف (حمرتها) أبداً، وأن هذه الخطوط قد وضعها اناس يعلمون جيداً المشاكل التي يمكن أن تحدث للصحفي وللجهة الأخرى في حالة تخطيه تلك الخطوط.. وأهم تلك الخطوط هي الكتابة عن القوات المسلحة والشرطة والأمن، وكل ما يتعلق بالأمن القومي، وقد ناقشنا كبارنا في ذلك حيث أكدوا أن هذه المؤسسات لها هيبتها، وإذا دخلت في الأشياء التي يمكن نقدها أو الأخذ والرد فيها فهي تقوم بمهام صعبة تتعلق بحماية الوطن والمواطن، وأن أول ما تعتمد عليه هو الهيبة، وهذه «الهيبة» المحروسة بالقانون والعقوبات الرادعة والتأديبية والتعزيرية و.. و.. وقد سارت بنا المهمة حتى الآن إلا أنني أقرأ هذه الأيام بعض الانتقادات للشرطة، ونحن طبعاً نعلم أن الشرطة تتكون من بشر وأن البشر يخطيء، وهي قد تحسبت لهذه الأخطاء بقوانين رادعة ومحاسبات لكل لمن يتجاوز من أفرادها، وقد جلست للإدارة القانونية في الشرطة وعلمت أنهم لا يجاملون لأن الشرطة تحمي المواطن من المجرمين، ومن يستخدمون سلطاتهم وسلاحهم ووظائفهم لأغراضهم الشخصية، ولكن هذه العقوبة لا تنفذ إلا بعد التحقيق والتحري، ثم تأتي مرحلة الحكم بعد ذلك، وهذا حق من حقوقهم.. فالمواطن أو المجرم المحترف يمر بكل مراحل التقاضي، وهذا ما حدث في قضية «ابوزيد وحامد»، فمهما كانت العقوبة التي حوكما بها فهم قد مروا بمراحل التقاضي المعروفة، ولهم الحق في أن يدافعوا عن أنفسهم حتى إذا استطاع أصحاب القضية إثبات جرمهم أو حتى استطاعوا أن يثبتوا براءتهم ذلك خطأ فلماذا تقوم الدنيا الآن ولم تقعد حتى إذا جاءت «النقة» من داخل الشرطة، أو من خارجها.. على الرغم من أنه من حق منسوبي الشرطة إن يتعاطفوا مع زميلهم، لكن القانون لابد أن يأخذ مجراه، كما أن من حق المواطن أن يقف مع أخيه حتى وإن كان مذنباً.. وفي كلا الحالتين لا يمكن أن نجرم الناس على إحساسهم وتعاطفهم إلا إذا تعدوا حدودهم. وعليه نحن نتمنى أن لا نجعل من أمر الشرطة هيناً حتى لا يهون الشرطي، وتتحول لدولة فوضى مثل بعض الدول الافريقية التي ضاعت فيها هيبة الشرطة، فاصبحت دولة بلا قانون، ولا رادع، وعلينا أن نحافظ عليها حتى لا نجلس يوماً لنقول إننا نريد أن نعيد للدولة هيبتها.