وما زلنا مع روضة الحاج.. وما زلنا نركض حفاة على روعة العشب الأخضر المنبسط.. نجوب الوطن.. أحياناً نمشي على رمال شوت حباتها الشمس.. وأحياناً نجتاز غابات يربض فيها الشيطان.. أحياناً نعربد في فرح طير طليق.. وأحياناً نبكي وننوح على وطن كان في الحق «جنة الأشراق».. وتباغتني «روضة» بسؤال أخير وكأنه صفعة مدوية على خد غافل.. تسألني هل أنت متفائل؟؟ أجيب.. نعم.. نعم.. نعم.. تخرج نعم مندفعة من فؤاد يذوب في الوطن حباً ويفنى في شعبه احتراقاً.. أقول نعم ولا أملك من المعطيات شيئاً.. يسعفني استاذي الهادي آدم.. بقارورة عطر بهيج.. تنفث.. غداً تأتلق الجنة انهاراً وظلاً وغداً ننسى فلا نأسى على ماض تولى وغداً نزهو فلا نعرف للغيب محلا.. وغداً للحاضر الزاهر ليس إلا.. ليس إلا.. وصمت.. في عجز ويأس.. وقلة حيلة.. ليتني تذكرت كلمات أم المؤمنين خديجة بنت خويلد المضيئة الناصعة.. وهي تهديء روع الحبيب المعصوم صلوات الله عليه.. فقد قالت.. «كلا والله لن يخزيك الله أبدًا.. إنك لتصل الرحم وتحمل الكل.. وتكسب المعدوم.. وتقري الضيف وتعين علي ثوابت الحق».. ليتني قلت ذلك.. لأهتف نافخاً في المكرفون.. ليعم حديثي القرى والحضر.. متحدثاً عن شعب السودان الذي ما برح وما انفك.. يتأسى بالرسول الكريم.. لأقول.. كلا إن الله لن يخزي هذا الشعب أبداً لأنه يصل الرحم ويحمل الكل.. ويكسب المعدوم.. ويقري الضيف ويعين على ثوابت الحق.. وهل الله يخزي مثل هذا الشعب المتدثر والمتسربل بذاك الخلق القويم والصميم؟؟ وبعد أيام قلائل من هذا.. تجمعت في سماء الوطن سحب البشارة.. وانهمر رذاذ وأحياناً إنبهل طل.. والوابل من السحب ينتظر.. والبركات والمعافاة والبشارة من أسخى سحبه.. وننظر حولنا.. وها هي طلائع النصر تلوح.. وصدقاً وحقاً.. إنه ستصفو الأيام بعد كدرتها وكل دور اذا ما تم ينقلب.. وها هم الأحباب في الانقاذ يعودون إلى جادة الطريق.. ها هم يتعافون من «جن كلكي» ظلوا يرسفون في قيوده لربع قرن من الزمان ويزيد.. وها هي «لا» التي كانت عملة مبرأة للذمة تعود مرة أخرى للتداول.. و «قولو واحد» فقد رفضت لجنة الدستور الطارئة لاعداد الدستور برئاسة الاستاذة بدرية سليمان تقول لرئاسة الجمهورية ولوزارة الدفاع لا.. لا لمقترحاتهم بتعديل الدستور اللهم لك الحمد والشكر.. أن اجريت كلمة لا على ألسنة ترفض طلبات لرئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع.. وها هو الوطن يبدأ خطواته نحو الشفاء رغم رهق النقاهة. والآن تنزاح صخرة من صدري عندما قلت أنا متفائل في جو معتكر الجوانب أغبر.. ولم تنقشع سحب في احشائها المطر.. بل وحتى قبل أن تتوقف من الهطول.. حتى انفجرت السماء باضواء المصابيح.. والجامعة الاسلامية.. وفي اعتراف جريء شجاع ومثير.. تعلن أنها قد طوت سجلات عشرة من حملة الدرجات العلمية الرفيعة التي كان الحصول عليها عبر الغش والسرقة والتدليس.. وها هي صدورنا يتراقص فيها الأمل.. بأن تهب رياح الغضب لتكنس كل تلك الأوراق المزورة الساقطة التي تضفي على حاملها زوراً و بهتاناً درجات لا يستحقها...