نعم ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.. ونعم.. إنّ أشد اللحظات.. أو الأيام أو حتى الشهور رعباً وخوفاً.. هي لحظات الانتظار والترقب.. ولا أجد كلمات تُعبر في جلاء عن تلك الحالة.. حالة الخوف.. غير ذاك الذي.. يشدو مرتعداً خائفاً.. وهو يحصي.. حركة.. ودوران الساعة.. يشدو.. بين الأمل يا حبيب والخوف من المجهول.. وكل ذلك.. هو حب للمرأة.. حب للأنثى يجلس على «كرسي» جمهوريته.. ذاك الذي أنكر ومن فرط حبه.. وهزيمته.. «أنكر» حتى حضوره للموعد المضروب مع الحبيبة.. أنكر حضوره شخصاً.. وشحماً.. ولحماً.. ودماً.. ليقول في «جن» حميد ومطلوب ومرغوب.. «أغالط نفسي في إصرار وأقول يمكن أنا الماجيت».. كل الذي تقدّم.. من أغاني وكلمات.. وعجائب.. انكسارات وأحلام وأماني.. كل الركض وراء المستحيل.. يصوّر علاقة الرجل العاشق بالمرأة الحبيبة.. أنا اليوم لا أتحدّث عن هذه الصور.. التي تحكي روعة الغناء ونبل المشاعر.. والحب العاصف للمرأة.. ذاك الكائن البديع.. الجميل.. أنا اليوم.. أتحدّث عن الوطن.. وعندما يكون الحديث عن الوطن.. تبدو كل تلك الصور الخائفة.. صور الترقب.. والأمل.. والخوف من المجهول التي حدثتنا عنها روعة الأغاني.. تبدو عبثاً لاهياً.. وانصرافية بائسة.. وأحلام يقظة.. و«حلم بكرة».. مسكيناً.. وهزيلاً.. ودعوني أسأل.. في فزع.. من منكم.. أعني أي سوداني.. صميم وأصيل.. شمالياً أو جنوبياً.. لا يعيش الأيام هذه في وجل وخوف ورعب وفزع.. من منكم لا تُفزعه.. حركة «عقارب» الساعة وهي تتّجه وكأنها وحش أسطوري.. حديدي الأسنان.. فولاذي اللسان لتعانق.. ورقة التقويم المكتوب عليها.. 9/1/2010م.. صدقوني.. إن الذي.. لا يمثل له هذا التاريخ.. شيئاً.. أو رعباً لا يستحق شرف حمل بطاقة هوية «السوداني».. نعم لقد أهرقنا من الحبر على الصفحات حتى جف المداد.. وكتبنا بالأقلام حتى جف المداد وناشدنا.. «ناس المؤتمر الوطني».. والأحبة في الحركة الشعبية.. حتى بحّ صوتنا.. تسولنا.. ونحن «نشحد».. الحكومة والإخوة الجنوبيين لينحازوا لخيار الوحدة.. ولم نر بأساً.. في تسولنا.. بل في سبيل الوطن.. والوحدة.. لا مانع لدينا.. إن حملنا «القرعة» ونحن نستحلف «العاطين».. حبة من الوحدة.. وما لاح.. في الأفق.. أي نجم شارق رفعنا الأكف بالضراعة.. لهم.. فحصدنا بكفينا اليأس.. والخذلان أطناناً.. ثم «سكتنا».. حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.. ثم «تكهرب» الجو وبات معتكر الجوانب أغبر.. والكلمات والتصريحات القنابل.. تأتي من هنا ومن هناك.. ولاحت في خوف نُذر العاصفة.. وكدنا نرى شجراً يسير.. شجراً.. ينذر الوطن.. بأيام من اللهب والاحمرار.. هنا.. عدنا مرة أخرى.. لنكتب في وجل.. اللهم إن كان انفصالاً فليكن.. وديعاً.. ناعماً.. مسالماً.. لطيفاً.. ثم خلدنا مرة أخرى.. لظنوننا.. وجنوننا.. ونحن نتوسد أذرعنا.. ونحن نردد بين الأمل يا حبيب والخوف من المجهول.. ولأن «الغريق يتمسّك بالقشة».. فقد لاح في أفق الوطن شعاع من أمل.. وبصيص من ضوء.. وعمود من بشارة.. وخيط فضي.. من بشرى والرئيس البشير.. يُعلن.. في كلمات نأمل.. أن تمشي على ساقين لتمسح من الطريق.. تلك الآثار المتّجهة الى حقول الخطر.. وهو يقول.. «لا مانع من إعادة النظر حتى في اتّفاقية نيفاشا..» ويقيني أن هذه المقولة قد نسخت في إبهار وجلاء وإظهار.. ما كان سائداً قبل.. وجبّت تلك التصريحات العجفاء في ذاك الزمان المصطخب.. جبّت مقولة.. إننا لن نقبل بإضافة أو حذف شولة من نيفاشا.. وللأمانة وللتاريخ فقد كان ذلك في ذاك الأوان.. هو رأي المؤتمر الوطني.. ورأي الحركة الشعبية والآن دعوني أقول.. إن هذه هي هدية من السماء.. وإن تحققت فهي معجزة في زمن عزت واستحالت فيه المعجزات.. الآن دعونا نخاطب الشريكين.. بالله عليكم.. دعوا هذه الخطوة الشجاعة تكون ممكنة.. وفي سبيل السودان.. في سبيل الوحدة.. تهون كل كنوز الأرض.. وليذهب النفط إلى الجحيم.. ولتحترق.. كراسي «الوزارات» في المراجل والأتون اعيدوا النظر في نيفاشا مرة أخرى.. إن كان ذلك يفدي السودان وينأى بالوطن من نيران الجحيم.