عكف نادي القصة القصيرة السوداني على اقامة منتديات في مواضيع ات صلة بالابداع مثل شهادة بعض رموز الفكر والثقافة على العصر ، وغيرها من الانشطة التي ساهمت في احياء الموات الثقافي لمدينة تشكو التصحر من هذه الناحية ، وفي احدى تلك المسامرات تطرق النقاش الى الوضع السياسي الراهن لما للابداع عموماً من صلة بالحياة التي تنظمها السياسة ، هناء نهض الفنان التشكيلي والمبدع متعدد المواهب الاستاذ وليد اسماعيل حسن ابن الشاعر المعروف وقال للقائمين على المنتدى ( والله ياناس نادي القصة القصيرة ، قصتكم اصبحت طويلة )، تذكرت هذه الطرفة الملئية بالدلالات وانا اطالع في صحف صباح الامس خبراً عن قبول قطاع الشمال لوساطة السائحون لاطلاق سراح الاسرى . وبعيداً عن الموضوع الاساسي الا انني اراى ان قصة السائحون اصبحت طويلة ، فهم حسب علمي جماعة صاحبة انتماء قديم او لازال للحركة الاسلامية، وجلهم حاربوا في الجنوب، و يضغطون من اجل الاصلاح ، الذي يختلفون على طبيعته، ففي الوقت يقصد به بعضهم اصلاح الحركة الاسلامية يقصد البعض الاخر اصلاح الوضع السياسي القائم ، وفي الحالتين لانكاد نتبين ماينبغي اصلاحه ، فهل المقصود مجانبة الحركة والدولة لاصول الدين ام فساد مجمل الوضع قياساً على التجربة الانسانية . لكنهم على كل حال كانوا يعبرون عن انفسهم كجزء من وضع ينبغي اصلاحه عن طريق الضغوط التي تستلهم تجارب الجهاد المشترك لقوى شبابية لايمكن الاستهانة بها وان السلطات القائمة او قيادة الحركة الاسلامية لابد ان تحسب الف حساب لما يصدر عن تلك القوى من اقوال وافعال ، والجديد في الامر هو تصديهم بانفسهم لمهمة الاصلاح وقيامهم بمبادرات سياسية . اما ان يقبل خصم الامس بتلك المبادرات فهذا ايضاً يدعو للعجب ، فالسيد ياسر عرمان اذا كان قد ظفر به احد السائحون قبل نيفاشا كان ذلك الفتى الجهادي سيمشي مشئية يبغضها الله الا في مثل هذا المقام . الغريب ايضاً في امر السائحون انهم مجموعة جهادية تربت في ميادين القتال منذ ايام ( ارمي قدام وراء مومن ) وقد عرفوا ردحاً من الزمان بهذا الاسم وكانوا ينتشرون في كل مواقع القتال بطريقة ازعجت السلطات وقتها ، وقد اخبرني احدهم بانهم تلقوا تهديداً في ذلك الزمان بان السلطة لن تسمح بطالبان اخرى في السودان وهو تهديد يجي في اطار جهود مكثفة اتخذت لتفكيك الجماعة ، لكنهم رغماً عن ايمانهم بان ( الحكاية نجضت ) ولاينبغي تركها لبغاث الطير وسواء ان كان الحديث تلميحاً او تصريحاً فهو قطعاً يعني رهط من بني علمان وعلى راسهم ياسر عرمان ، رغماً عن ذلك اسندوا سكرتارية منصتهم للكوادر الفكرية في الحركة من الذين يومنون بدور الفكر في التغيير وليس المدفع رغم ان تسمية ( منصة ) ربما كانت مستمدة من عتاد الدفاع الجوي ،هو صديقي الاستاذ فتح العليم عبد الحي ، الشاب الذي يمكن حسبانه من تلاميذ الترابي الذين تربوا على منهجه ولكن بذهن منفتح مكنه من ان يوجه انتقاداً لتصور الترابي للدولة ووصفه بانه يقوم على فهم حقوقي .وقد اخبرني بانه في احدى جلسات المفاكرة داخل تنظيم الحركة الاسلامية ، واظنه قد خصص للنقاش حول الحرب وقد قال فتح العليم ان الحرب كائنة في الذهن ، فرد عليه احد الكوادر ( من ناس امسك لي واقطع لك ) وهو الاستاذ انس عمر قائلاً ( يعني حسع الرصاص العائط داء كله في الذهن ؟)، لكن المفارقة ان انس التزم جانب الدولة كمعتمد لمحلية المناقل ، وفتح العليم التزم جانب الاصلاح مهما تكن المنصة التي يقف عليها ، والى جانب من كانو يتنادون حتى الامس القريب مرددين ( جيبوا حي نذبح حنانه) .