الصديق الحبيب الغالي جداً ياي أشواقي لك لم تفتر.. صحيح بأني لم التقك لحظة.. إذا أشواقي لذاك النبع البديع من النبل.. وذاك الحوض حوض الإنسانية الباهر الذي طفقت أنهل منه (يوماتي).. ب (كوز) أجراس الحرية بلا إرتواء.. كيف لا.. وأنت تكتب عن الوطن الكبير.. وأخشى.. أن يختزل يراعك.. كل الوطن في الوطن الوليد ولعلها.. المرة الأولى في تاريخي.. ألاَّ.. أحس بالفرح.. في لحظة مخاض.. يعقبها ميلاد.. يشقيني.. ويبكيني.. تكتب ياصديقي بأطراف أسنة وخناجر.. وما كنت أحتفي أبداً.. بحفيف رؤوس الأسنة والخناجر على صفحات الورق.. ولكن (معليش) ياصديقي.. فقد.. فرض علينا.. الاستعلائيون.. المتكفئون على التاريخ.. الطغاة المتجبرون.. دلق مدادنا الذي كنا نستحلبه من رحيق زهر البرتقال.. فكان لا بد من لبوس الحال لكل حالة. صديقي.. ما أقل الشرفاء عدداً.. وأنت منهم.. وأنا منهم، لا تقل لي (شكار نفسو إبليس) أنا لا أشيد وأصنف نفسي شريفاً من نرجسية مقيتة.. ولكن لأني لا أجد روحي إلا في قلب جماهير شعبي.. وخاصة.. أولئك الفقراء (الحرافيش) الذين يصنعون في دأب الحياة.. ويسلب الأوغاد منهم كل أسباب الحياة.. صديقي.. لا أظنك تشك لحظة في نبل وعظمة.. ووطنية.. أمل هباني .. ولا أراني مجتهداً لأقول.. إنك تحترم بل تحب في قوة صديقنا.. فيصل محمد صالح.. وأعلم تماماً.. إنك.. تضع أتيم قرنق.. بعيداً.. وراء النجوم وفي المجرات البعيدة.. ورغم ذلك فقد كان عتابك مراً.. وقاسياً ومفزعاً.. صحيح أنك.. ولطبعك الودود ولتهذيبك الشديد.. ولروحك الأبية لم تأت بكلمة واحدة قاسية.. ولكن صديقي، إن مجرد عتابك لهؤلاء قد أصابني بالهلع.. نحن ياصديقي كتلة واحدة يجمعنا هدف واحد.. وإن كنا قليلو العدد... هدفنا هو.. آدمية الإنسان وتوقير الإنسان.. ورفض القهر والظلم.. والتمييز.. والتهميش.. كان وسيظل هدفنا هو وحدة السودان.. وإن كنا.. أو على الأقل أنا.. دعني أتحدث عن نفسي.. إني أقف مع الاستفتاء.. بكل كياني.. أراه بل يراه العالم أجمع استحقاقاً وواجباً.. وفرضاً.. وحقاً مكتسباً.. حصل عليه الأحبة الجنوبيون.. بعد أن خاضوا أهوالاً.. وسبحوا بحاراً من الدم.. وعبروا جسوراً على جسر من التعب.. أنا مع الإستفتاء.. ومع قيامه في موعده المضروب.. لا يتأخر (نص ساعة).. ولكن.. لكن يبقى وتبقى حالة كل إنسان.. ومقدرة كل مواطن.. لذا لا تغضب يا صديقي من (أمل).. فهي ومن فرط أحلامها.. وأمانيها في الوحدة كتبت.. بتلك الحروف الغاضبة.. وتماماً ذاك ما قاله فيصل.. بل لقد بلغ اليأس وتمددت الفجيعة حتى إحتلت كل كيان (وليد حامد) حتى.. بات راثياً أنضر أيام شبابه، بل وكأنه مصطفى سيد أحمد وهو (شايل رماد قلبو الحرق) أو مالك بن الريبا التميمي.. الذي صور (فراش) أو (بيت بكاه) وخذاني وجراني ببردتي اليكما فقد كنت قبل اليوم صعب قيادياً. صديقي.. وحتى لا تغضب مني.. وأنا أرى غضبك عليّ هو عاصفة ترابية لا أتمنى أبداً إن أواجهها.. فأنت من الذين يسعد الوطن.. إنك أحد أبنائه .. أنا صديقي.. وحدوي.. حتى آخر شيبة من شعر رأسي.. تبلغ بي.. درجة الحب.. و التولة.. بالجنوب والأخوة الأشقاء الجنوبيين.. للدرجة التي أتمنى وآمل ألاَّ نشرق على شمس يوم.. أرى فيه الوطن مشطوراً.. صديقي.. لن أحدثك عن نفسي ولكن.. أعلم إني قد دفعت أثماناً باهظة.. عندما كنت أرى الأمل والخلاص.. والحركة الشعبية.. تفتح دروباً بل تشق طريقاً إبان العهد المايوي.. يقود إلى الخلاص.. وميلاد السودان الجديد الديمقراطي تحت (كهارب) الإخاء.. والمواطنة.. وكرامة الإنسان.. لست من الذين انضموا في غوغائية بل انتهازية مقيتة للحركة الشعبية.. بعد أن انطوت صفحات الأهوال.. وبات الجو مترفاً وناعماً.. ومثمراً.. عجب أمرك.. ياصديقي تغضب من أمل.. وفيصل.. ولا تغضب من ذاك الانتهازي المهرج المحسوب على (الحركة) ومازال يباهي.. بجده ونقاء دم جده.. وصلاح جده. صديقي.. نعم الآن.. تنفرط مظلة ..حكومية.. وتحت (ضلها) هناك أغاني وتمثيليات وأناشيد.. ودعوة بائسة للوحدة.. أنا سأظل أدعو في إلحاح والحاف للوحدة.. (من الليلة) وحتى آخر ثانية في يوم 8/1/2010م ولكن من خارج (ضل) المظلة.. وبعيداً عن الجوقة البائسة اليائسة. صديقي.. علمنا.. الذين أضاءوا عقولنا عبر التاريخ.. أن الثورة .. لا تمشي في خط مستقيم.. ويبقى الأمل قائماً حتى لو حدث الانفصال.... أنها لحظات تراجع وعودة إلى الخط المتعرج.. ولكنها أيضاً تمضي إلى الأمام لك ودي وحبي.