في ظل السجال الدائر بشأن عدم حيادية المحكمة الدولية وإرتباطها بالقرارات السياسية في العالم خطى الاتحاد الأفريقي خطوات فعليه في قمة أديس للتصدي ضد قرارها في حق الرئيس عمر البشير، وينتظر أن يشهد السجال حدة خلال تولي الرئيس الزيمبابوي روبرت موغابي رئاسة دورة الاتحاد الأفريقي، الذي ظل ينتقد الغرب بصورة مستمرة اثر العقوبات الغربية التي فرضت عليه في العام 2002 م، وتضمنت إجراءات «حظره» من السفر، ولكنه وجد تعاطفاً وتضامناً من بعض القادة الأفارقة، وجاءت قمة أديس الأخيرة بأن تضع أول القرارات التي تهدف إلى مواجهة الجنائية والسعي إلى تعليق كافة الأجراءات المتخذة ضد البشير. وقد سعدت الخرطوم بذلك، وأبدت إرتياحاً لشروع مفوضية الاتحاد الأفريقي في تحركاتها على مستوى مجلس الأمن الدولي لانفاذ قرارالقمة الخاص بسحب ملف دارفور من الجنائية. ووصف وزير الخارجية علي كرتي قرار القمة بالقوي. وأشار في تصريحات صحفية إلى متابعتهم لتحركات المفوضية، واتهم مجلس الأمن بتجاهل الطلبات التي تدفع بها افريقيا لاسيما القضايا الخاصة بالجنائية أوغيرها من القضايا الأخرى، مما أدى إلى ما أسماه بتراكم الغضبة الأفريقية . بينما قال الباحث الصحفي والخبير في شؤون أفريقيا محمد علي كلياني ل (آخر لحظة) إن أعراف القانون الدولي أقرت إمكانية حفظ ملف أية قضية يمكن أن يتسبب في تقويض أركان السلام والاستقرارلأي دولة طالما هي تسعى للشروع في تهيئة الأجواء لعقد مصالحات سياسية واجتماعية في بلادها، مشيرًا إلى أن تلك الحالة تنطبق على كينيا والسودان في الوقت الراهن، ويمكن أن تؤجل الجنائية النطق بأي قضية لمدة (12) شهرًا في التحقيق والملاحقة القضائية عندما يدعو الأمر إلى تهديد السلام و الأمن الدوليين،أوالدخول في مفاوضات مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. في أكتوبر 2013م، دعا الاتحاد الأفريقي إلى منح رؤساء الدول الحاليين حصانة من الملاحقة القضائية، وهدد بالإنسحاب الجماعي من المحكمة الجنائية الدولية، وطالب الاتحاد أيضاً بتأجيل القضية ضد الرئيس الكيني، وكذلك رفض الإجراءات المتخذة ضد الرئيس البشير. وفي ذات السياق قال كلياني يبدوإن «فتو» أدركت الموقف بعد أن أصدرت عفواً عن الرئيس الكيني، وتجميد التحقيقات في قضية دارفور، وهذا خير دليل على أنها تريد تخفيف حدة التوتر بين الأطراف، تابع لكن يبدو هناك وجود اختلافات ملحوظة بينهما في تطابق وجهات النظر في القضايا القانونية، فقد انشأت «فاتو بن سود» أو فاطمة بنت سودا، لجنة استشارية فنية مهمتها القيام بإجراء الفحص والتدقيق في بعض القضايا المرفوعة، وهي تستخدام أساليب تكنولوجية حديثة تتولى عمليات التحليل والتدقيق العلمي الجنائي التي تثبت صحة الشهادات التي قد يدلي بها شهود زور مزيفون تعتمد الجنائية شهاداتهم تحت الضغوط،أوالإبتزاز من قبل بعض الأطراف والدول، وأعلن مكتب المدعي العام أن اللجنة استشارية علمية متخصصة في جمع ومعالجة وتحليل الأدلة العلمية في التحقيقات والمحاكمات القضائية، وتقدم النصح والإستشارة للمدعي العام في آخر ما توصلت إليه التطورات في مجال التكنولوجيا الجديدة، والتي من شأنها أن تعزز قدرة المكتب في تحليل الأدلة . وصرح مكتب«فاتو» إن ذلك يعد مساهمة مبتكرة، تساعد دائرة المعرفة والخبرة إنسجاماً مع أثراء التنوع الجغرافي للأمم، ومن بين تلك الأساليب هي استعادة الرفات البشري، والتشريح والفحوصات السريرية الخاصة بالطب الشرعي» في بعض الحالات في مسارح الجريمة، ويتألف فريق اللجنة الاستشارية من«61» عضواً يجتمعون مرة كل عام، ووجد انشاء اللجنة هذا إشادة من بعض المهتمين، خاصة وأن عدد من المحامين أفادوا بأن بعض الشهود لم يحضروا وآخرون حجبوا الشهادة مقابل أموال وإغراءات مالية وحوافز أخرى نالوها ويتنعمون بها حالياً في الخارج، ويذكر أن عدداً من الملفات القضائية التي تتعلق بقضية الرئيس العاجي السابق«لوران باغبو» إختفت وهي في طريقها إلى مكتب الإدعاء العام للمحكمة. وفي تصريحات صحفية سابقة قالت «فاتو» «إنه ليس هناك سقف زجاجي لأية قضية قانونية، وإن السماء وحدها هي التي لها الحد الأقصى». وفي ذات الاتجاه أكد الباحث كلياني أن التحدي يظل ينتظر المدعي العام «فاتو بن سودا» في معالجة سجلات الملفات الافريقية التي واجهت موجة من الانتقادات وقال إن الفرصة أمام السودان للتسوية مع المحكمة، وهي فرص تعتبر نادرة جداً، أهمها تفهم المدعي العام الجديد للأوضاع في القارة، بالاضافة أن تولي موغابي رئاسة الاتحاد الأفريقي يشكل اضافة حقيقية إلى السودان في معالجة القضية، ولذا فإن هناك عدة ملفات يمكن للسودان أن يحركها في هذا الاتجاه، ومن ضمنها اللجنة الاستشارية الجديدة للطب الشرعي، و تهديدات دول القارة بالانسحاب الجماعي من ميثاق روما، وانشاء محكمة أفريقية مماثلة للجنائية .