يكون مستفزاً للاتحاديين أن يصدر قرار فصل الأستاذ علي السيد- بكل تاريخه وخبرته- من السيد الحسن المفتقد للخبرة والقادم للرئاسة قبل شهور قليلة.. وقد يستفزهم صدور التصريح المجمد للقيادي حسن أبوسبيب من (القيادي) الشاب أسامة حسون.. وقد يحزنهم ما لقيه (الخليفة) ميرغني بركات، ومحمد فايق، وبابكر عبد الرحمن رغم عطائهم... لكن لو تروى الغاضبون قليلاً لأدركوا أن قيادات الحزب المستهدفة بالقرارات الأخيرة هي ذاتها التي وضعت هذا المنهج أو سكتت عليه.. فالسيد الحسن يستمد إطلاق السلطة من منهج وضع أساسه الذين يشكون اليوم من انفراد السيد الحسن بالسلطة داخل الحزب.. وهو ذاتهم من شكلوا بالأمس لجان المحاسبة كسباً لود السيد قبل أن يضيق بابكر عبد الرحمن بابن السيد، وقبل أن ينضم هشام الزين لمعسكر ابو سبيب بعد حصاد غير يسير في المحاسبات والجزاءات، كما يفعل اليوم أسامة حسون.. وكما كان يفعل رئيس لجنة (الانضباط) هشام البرير قبل ان ينضم إلى المؤتمر الوطني في أطرف مفارقات الانضباط المزعوم. إن الذين يطعنون اليوم في شرعية قرارات السيد الحسن لأنها لا تحمل ختم الحزب.. هم من اعتمدوا بالأمس المحادثات الهاتفية.. مستنداً لا تضاهيه في القوة أختام الحزب مجتمعة.. وإن المنادين بتفعيل الضوابط هم من أشاع الإسترخاء في الحزب بدعوى أن طبيعة الحزب لا تحتمل الضوابط التي تتبعها التنظيمات العقائدية.. هو زعم مستند إلى نصف الحقيقة.. حيث أن التنظيمات الجماهيرية الليبرالية ذات طبيعة تنظيمية تختلف عن الأحزاب العقائدية.. لكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال تصوير الفوضى التنظيمية بأنها مرونة.. والإسترخاء سعة.. لن تكون المعالجة بانتقاد أشخاص آلت إليهم القيادة والسلطة المطلقة بذات المنهج الذي ساد لفترة طويلة، فهذه معالجة قاصرة؛ ولن يفلح المحتجون ما لم يدركوا أن الخلل ليس في الأشخاص بل في منهج شاركوا في وضعه وتثبيته، وأن سوءات هذا المنهج ظلت مستورة مؤقتاً بوجود السيد محمد عثمان بما يمثله من زعامة؛ ثم ظهر الخلل بمجرد غياب الساتر وظهرت أعراض المرض الخطير بمجرد افتقاد المسكن.. وكان طبيعياً أن يعجز السيد الحسن لحداثة تجربته عن ملء فراغ السيد محمد عثمان، فتظهر مع تصدي السيد الحسن للقيادة عيوب سياسية وتنظيمية لأن العبء فوق طاقته وأكبر من تجاربه.. فلا تلوموا السيد الحسن، بل صححوا طريقة إدارة الحزب.