يرى عدد من الخبراء والمختصين أن صدور أوامر للبنوك السعودية باستئناف نشاطها في التحويلات المالية من وإلى السودان التي أعلنها رئيس الجمهورية أمس الأول، ستنعكس إيجاباً على الاقتصاد بالبلاد وستسهم في رفع العقوبات الأمريكية على السودان وخفض أسعار صرف العملات الأجنبية وتدفق المزيد من الودائع للبلاد. وقال نائب الأمين العام السابق لاتحاد الصرافات عبد المنعم نور الدين إن السودان عانى في الفترة السابقة بسبب مشاكل التحويلات النقدية من وإلى السودان، وأرجع ذلك إلى ما وصفه بسيف العقوبات الأمريكية القاسي، مشيراً إلى أنه كان مسلطاً على البنوك التي تتعامل مباشرة مع البلاد مما جعل السودان يبحث عن قنوات أخرى ذات مخاطر أقل مع تكلفة أكبر في العمولات، مبيناً أن هذا الأمر أدى تلقائياً إلى ارتفاع أسعار النقد الأجنبي سواء في الحصول عليه أو تحويله إلى الخارج أو التحويل عبر القنوات الرسمية مما خلق صعوبة في التعامل وتسبب في إحجام المستثمرين من الدخول إلى السودان، ويرى نور الدين أن البشريات التي وعدت بها الكوميسا بعمل مقاصة وبشريات البنوك السعودية فيما يخص التحويلات ستفتح الباب واسعاً أمام المستثمرين والمتعاملين عبر الجهاز المصرفي والقنوات الرسمية بتحويلات مضمونة بعمولات أقل، باعتبارأن هذه التحويلات خالية من المخاطر، مشيراً إلى أنه كل ما ارتفعت المخاطر ارتفعت قيمة التحويلات، مبيناً أن السودان كان يعتمد في التحويلات على بنوك وسيطة، موضحاً أن التحويلات المباشرة تسهل العملية المصرفية وتساعد في هبوط أسعار النقد الأجنبي، مبيناً أن البنك المركزي لديه سياسات تسهل تدفقات النقد الأجنبي من وإلى السودان عبر الجهاز المصرفي بضمان جهات عالمية مما يسهل العمليات التجارية والاستثمارية بكاملها، وقال إن علاقات وزارة المالية الخارجية ساعدت في تذليل كثير من العقبات التي واجهت تدفقات النقد الأجنبي واعتبره نتاجاً طبيعياً للتعاون المثمر بين وزارة المالية وبنك السودان، مدللاً على ذلك بالانخفاض الواضح لسعر الدولار الذي انخفض حتى أمس لحوالي 8 جنيهات، واعتبر وكيل وزارة المالية السابق والخبير الاقتصادي دكتور شيخ المك أن الانفتاح الأخير على السعودية بصورة عامة سيكون خيراً على السودان، مشيراً إلى أنه بعد مشاركة السودان في حرب اليمن وإعلان السعودية باستئناف التحويلات من وإلى السودان تصب في إطار تحسن العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج عامة، الأمر الذي سيحقق تعاوناً اقتصادياً أكبر ويسهم في رفع العقوبات الأمريكية وتدفق الاستثمارات الخارجية والودائع خاصة من دول الخليج والسعودية، مشيراً إلى أن هذا الأمر يساعد في فك الأزمة الخاصة بالتحويلات الخارجية مع دول الخليج وسيفتح الباب لمزيد من التدفقات النقدية الخارجية وينعكس إيجاباً على سعر صرف العملات الأجنبية، وقال إن هذا الأمر ظهر بوضوح في انخفاض سعر الدولار في السوق الموازي بسبب التحسن الذي طرأ على العلاقات ووصفه بالتوجه الصحيح، وشدد على ضرورة السير في هذا الاتجاه وتجنب كل ما من شأنه أن يعكر صفو العلاقات مع السعودية خاصة ودول الخليج بصفة عامة، ما يسهم في استقرار سعر الصرف وتدفق الودائع من دول الخليج. وقال الخبير المصرفي والمحلل الاقتصادي عبد الله الرمادي: في ظل ما كان يعانيه السودان في الآونة الأخيرة من حظر ومقاطعة من قبل بعض الدوائر الغربية ومن ثم لحقت بها بعض المصارف والدوائر العربية، وما أحدثه ذلك من ضائقة اقتصادية نتج عنها تدني في حركة تحويل العملات من وإلى السودان مما ابطأ الحركة التجارية وتعثر في فتح خطابات الاعتماد، مشيراً إلى أن هذا الأمر انعكس سلباً على انسياب الواردات إلى السودان سواء كانت سلعاً استهلاكية وأدوية ومدخلات إنتاج صناعية وتقاوى ومدخلات إنتاج زراعية وآليات صناعية وقطع غيار تعثر بسببها حتى قطاع الطيران والمواصلات، مبيناً أن كل هذه الأشياء أثرت في حركة وأداء الاقتصاد، قائلاً إن أي انفراج في هذا الوضع لا بد أن يكون له أثر إيجابي على الاقتصاد السوداني، وظللنا ننادي في الفترة الماضية بضرورة ترميم الجسور مع دول العالم المؤثرة خاصة الدول العربية التي تربطنا بها روابط اقتصادية قوية، مشيراً إلى أن حل المشكلة الاقتصادية يمر عبر بوابة السياسة الخارجية، وقال تأكد هذا بالفعل عندما حدث الانفراج السياسي في العلاقات بين السودان ودول الجوار العربي خاصة في منطقة الخليج، مبيناً أن هذا الأمر جاء بمردود عاجل في مجال الاقتصاد بما أعلنت عنه الممكلة العربية السعودية من تقديم وديعة تبلغ 4 مليارات دولار لدى بنك السودان وإعلانها استئناف التحويلات من وإلى السودان، مشيراً إلى أن مردود هذا سيكون ذا أثر إيجابي على الاقتصاد، مشيراً إلى ظهور بوادرها فيما شهده سعر صرف العملات الأجنبية في اليومين الماضيين من تدنٍ وصفه بالطفيف، إلا أنه اعتبره بمثابة أول الغيث وتوقع استمرار ورود ودائع أخرى ما يسهم في تحسين سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، مشيراً إلى أن الودائع من حيث نظرية العرض والطلب إذا زاد عرض العملات الأجنبية وظل الطلب كما هو، تدنى سعرها والعكس صحيح، وقال إن انعكاسات ذلك ستسهم في تدني المستوى العام للأسعار، مبيناً أن السلع المستوردة ستكلف مبالغ أقل بالعملة المحلية وبالتالي تقل تكلفة الإنتاج بالنسبة للسلع المحلية، وأضاف أن تكلفة الوقود ينبغي أن تكون أقل مما كان عليه، وينبغي أن ينعكس ذلك على تكلفة المواصلات وتكلفة ترحيل السلع، مشيراً إلى أن هذا يعني أن مستوى الأسعار بصورة عامة سيشهد انخفاضاً إذا أحكمت الجهات الرسمية الرقابة، وقال إن توفر مبالغ بالمليارات من العملات الأجنبية لا بد أن يساعد في فك الضائقة في استيراد كل السلع اللازمة وبخاصة الأدوية الضرورية والأجهزة الطبية وكافة السلع المستوردة ومدخلات الإنتاج.