بالرغم من أن الحملات الانتخابية بدأت فاترة إلا أنها بلغت أوجها ونشطت في الأيام الأخيرة بعد أن بدأت في العد التنازلي للانتهاء لتبدأ عملية الاقتراع، ليختار الناخبون ممثلوهم بعد أن عرض المرشحون بضاعتهم لهم. وفي بداية هذا الأسبوع رافقت الحزب الاتحادي الديمقراطي لولايات الجزيرة والنيل الأبيض وسنار لتدشين حملاته الانتخابية لمرشحيه في الدوائر القومية والولائية بقيادة رئيس الحزب بولاية الخرطوم محمد يوسف الدقير، وربما أراد الحزب أن تكون حملته قبل أيام من النهاية حتى تكون البرامج التي بشر بها والتوجهات الخاصة بكيفية الاقتراع والتذكير بالرموز حاضرة في الأذهان عند التوجه للمراكز. بدأت الرحلة من ولاية الجزيرة واختار الحزب أن يكون التدشين من قرية حاج النور جنوب الجزيرة وبعدها توجه مباشرة اإلى ولاية سنار لتدشين الحملة في قرية طيبة السماني التي عبرنا إليها عبر بنطون الحاج عبدالله وهو واحد لا ثاني له ويقوم بنقل الركاب والبهائم والبضائع والسيارات في آنٍ واحد، ولا أدري لماذا لم يفكر المسؤولون في إنشاء كبري ليربط بين المنطقتين ويقلل معاناة المواطنين ورهقهم، ومعروف أن سنار تكثر فيها مناطق المشايخ والقباب، واختار الحزب أن يدشن حملاته في منطقتي طيبة الشيخ السماني ومنطقة مايرنو الشهيرة. الاتهام: احتشدت جماهير الحزب في منطقة طيبة الشيخ السماني التي من أشهر شيوخها الشيخ المهدي الصديق السماني والشيخ قريب الله وغيرهم من الشيوخ أهل المكرمات، وما أن وصل ركب ممثل الأمين العام للحزب محمد يوسف الدقير إلى موقع الحشد حتى علت الأصوات بهتافات الاتحاديين الشهيرة «أحرار أحرار مبادئ الأزهري لن تنهار وحررت الناس يا أسماعيل الكانو عبيد يا أسماعيل» وتبارى المتحدثون في نثر أشعار الحماسة والكرم والخصال الحميدة، وبدأ البرنامج الذي رتب له المشرف السياسي للحزب بالولاية ورئيس لجنة التعبئة هاشم عبد الجليل بحديث انفعالي من مرشح الدائرة القومية (4) بسنار الشرقية معتصم الطيب عبد الرفيع، متهماً المؤتمر الوطني الشريك الأساسي للحزب بتزوير السجل الانتخابي في المنطقة بإضافة (250) صوتاً علماً بأن عدد الأصوات الحقيقة فيها(1500)صوت، ووصف الخطوة بالنتنة ورفع شكوى لمفوضية الانتخابات بالأمر، لأنها الانتخابات والتنافس بين الشركاء والأعداء فالأمر لا يحتمل المجاملة ولا التنازل، بل التنافس للفوز والاحتكام لصناديق الاقتراع فهي من تقرر الفائز. مايرنو: الرحلة من قرية الشيخ السماني إلى سنار المدينة كانت شاقة بعض الشئ إذا آثر الوفد أن يصل لها بالطريق الخلفي بدلاً عن الرجوع ببنطون الحاج عبدالله، ولأن الطريق ترابي وغير مسفلت وبه عدة مسارات إلى بعض المناطق وجدنا الطريق الذي يوصلنا للمدينة بصعوبة مما استغرق بعض الوقت حتى نصل إلى منطقة مايرنو التى اختار الحزب أن يكون مرشحه فيها بن المنطقة وعمدة الفولاني دكتور أمين عابدين، وأوكل سلطان مايرنو مندوبا إنابة عنه لحضور حفل التدشين الذي احتشد له عدد كبير من أبناء المنطقة تفاعلوا مع أنغام كورال الحزب الذي شنف آذانهم بالألحان الوطنية والحزبية. وأكد المرشح أن لديه علاقات كبيرة مع أبناء المنطقة بالخارج ووعد بأنه سيتصل بهم لدعم تنمية المنطقة التي تفتقر للعديد من الخدمات. تندلتي التاريخ: وبعد أن أنهى الوفد مهمته في سنار توجها ليلاً إلى ولاية النيل الأبيض حيث كانت وجهته محلية تندلتي وما أدراك ما تندلتي، وبدت الحسرة على وجه محدثي وهو يحكي لي عن تاريخ المنطقة.. وبعد أن استمعت شاركته في إحساسة وأنا أقول في نفسي: واحسرتاه على ما أصابها وهل من عودة.. ذكر لي محدثي أحد أبناء المنطقة أن تندلتي كانت تعد واحدة من أكبر أسواق المحاصيل بعد القضارف والأبيض وتشتهر ببيع السمسم ، وما ذكره لي وأصابني بالحزن كثيراً هو أنها كانت تذاع في بورصة لندن لأسعار السمسم في الستينات، كما أنها كانت تعتبر مركزاً تتجمع فيه كل تجارة السودان منذ مملكة المسبعات وليت برامج المرشحين في هذه المنطقة هي إعادة تندلتي سيرتها الأولى ولا شئ غير ذلك، فهي الآن تعاني من مشاكل في المياه والكهرباء، وكانت تلك مطالب أهل المنطقة التي رفعوها لمساعد رئيس الجمهورية والأمين العام للحزب الاتحادي د.جلال يوسف الدقير، وبدوره وعد بالعمل على تنفيذ المطالب.. وتخرج من تندلتي غالبية الرأسمالية السودانية أمثال المرحوم بشير النفيدى والشيخ مصطفى الأمين وإبراهيم مالك، كما أنها بلد المذيع المخضرم عمر الجزلي وغيرهم كثر. حديث السياسة والانتخابات: استقبلت المدينة الأمين العام للحزب ومساعد رئيس الجمهورية د.جلال استقبالاً رسمياً وشعبياً، وحضر إلى مكان التدشين برفقة معتمد المحلية محمد بشير الذي رحب به وبوفد الحزب الاتحادي، ويذكر أن مرشح الحزب في هذه الدائرة فاز بها في انتخابات 1963أبو فايدة، وكان هتاف الجماهير انذاك أبوفايدة للفايدة، وم ان اعتلى المنصة لمخاطبة الجماهير التي احتشدت من الصباح الباكر ووقفت تحت هجير الشمس، قال إن هذه المنصة التي اعتليها وقف فيها الازهرى والشريف زين العابدين الهندي، وتعهد بأنه سيقف مع مطالبات أهل المنطقة ودعاهم للتصويت لمرشح الحزب أحمد عبدالرحمن «أبو لولب» وقال «أدو أبولولب وشوفو الفايدة»، وأقسم أن حزبه دخل هذه الانتخابات تقرباً إلى الله وليس إلى الصناديق، وأكد أن برنامجهم الانتخابي لم يخرج من البرنامج الذي وقعوه مع رئيس الجمهورية في شراكتهم للمؤتمر الوطني، وقال إن حزبه معني بدرء الفقر وتقليل معاناة المواطنين وملتزم بمجانية العلاج والتعليم. وشدد على استمرارية الشراكة مع المؤتمر الوطني، وقال إن ملفاتها لم تكتمل وكان هذا واحد من الأسباب التي دفعت الحزب لدعم ترشيح البشير لرئاسة الجمهورية، مؤكداً أن الانتخابات حق دستوري ولولم تنفذ في موعدها المضروب، كما كانت تسعى المعارضة، لدخلت البلاد في مشاكل دستورية بالإضافة للأزمات الأمنية والاقتصادية، وقال مخاطباً «لو شفتو ما يحدث في اليمن وسوريا احمدوا الله على النعمة الإنتو فيها». الوصايا العشر: محمد يوسف الدقير الذي خاطب كل الحملات للمرشحين فى تلك الولايات عدا تندلتى أكد أن الحزب قدم 950 مرشحاً لهذه الانتخابات، 60%منهم من الشباب، وقال إن المشاركة فيها ليس الغرض منها الفوز فقط بل تثبيت الحق الدستوري وإحداث الحراك السياسي للحزب، وأضاف إذا لم يكن صندوق الاقتراع فسيكون صندوق الذخيرة، وأكد أنهم لا يخدعون المواطنين بالوعود الانتخابية إلا أنه أكد التزامهم بالبرامج التي وضعها المرشحون وقال «دفن الليل أبكراعاً بره ده ما بنفع ما بنجي أثناء الانتخابات نرمي سلك كهرباء أو نحفر بير»، ساخراً من البرامج الانتخابية لبعض المرشحين، وقال تجد برامج ما أنزل الله بها من سلطان. وأكد محمد الدقير أن حزبه أول من حمل مشعل الشريعة الإسلامية بلا مزايدة وأوصى ناخبيه بالتصويت للرئيس عمر البشير فقط، وقال عندنا شجرة واحدة بنديها وتاني كل الأصوات للعلم. مشهد آخر: حملات التدشين التي غطيتها للحزب في هذه المواقع كانت أشبه بمناسبة الزواج، حيث ذبحت الذبائح واحتشد الأهل والأصحاب والمناصرون لخدمة الضيوف الذين قدموا للتدشين، فتجد أن الناس يتبارون لإكرام القادمين من داخل الولاية وخارجها وحتى الأصناف التي تقدم شبيهة تماماً بتلك التي تقدم في مناسبات الأعراس فهو عرس من نوع آخر.