لله درهن وأنت في الجانب القصي شرقاً على شاطئ النيل الأبيض قبالة منطقة الشقلة شرق بأم درمان.. وأنت تمر بهذه المنطقة تشاهد نسوة تسربلن بالعزيمة وهن يضربن طين الأرض ليصنعن الأزيار. (آخر لحظة) استوقفها منظر السيدات اللائي يعملن بجد واجتهاد لا يعرف الملل اليهن سبيلاً، وهن يتوشحن طيناً بحثاً عن اللقمة الحلال. جلست اليهن وتجاذبن معهن أطراف الحديث، فكان الوقت بالنسبة لهن أثمن، فهن يفضلن السكوت والإنتباه في عملهن، ولكن بفيض كرمهن تجدن علينا ببضع دقائق للرد على أسئلتنا. وأنت هناك تشاهد أرتالاً من السيدات. مكونات الزير البلدي: تقول السيدة أمينة والتي بدت مشغولة في تصميم زيرها بإن هذا الزير يتكون من عدة مواد من بينها (رقيطة حمراء وبيضاء)، وهي حجر جيري يستخرج من (باطن الأرض + طين بحر+ زبالة حمير).. وتضيف أن طريقة صناعة الزبير لديها تبدأ بضرب تلك المواد كلٌ على حدا داخل جوال مخصص، ثم تبدأ غربلتها ثم تخلط جميع المواد داخل (طشت)، وتترك للتخمير ثم يبدأ التصنيع في اليوم الثاني وتبدأ أول بصنع (القمرية) وهي أصل الزير.. وتقول أمينة لعمل هذه (القعرية) تحفر حفرة في باطن الأرض على شكل دائري وتوضع عليها (شملة) من أجل التوازن، وتضيق أن هذا بمثابة قالب لصناعة الزير، وتواصل بأنها تبدأ بضرب الطين على القالب الذي صنعته، فيأخذ الشكل الدائري والأسفل للزير مستخدمة في ذلك أربعة مضارب من الحصى الكبير والحجم الدائري. كيفية صناعة الزير: وتواصل أمينة في شرحها لطريقة صناعة الأزيار، وهي مجتهدة في صناعة زير أمامها بأنها تقوم بحفر أربعة حفر أربعة أخرى، لتضع عليها قعرية الزير التي صنعتها وتتركها اليوم باحكمه لتقوم بتكملة الزير في نهاية اليوم والتي تكون قد جفت قليلاً ثم تقوم ببناء رقبة الزير عليها. أسعار الزير: وتكشف أمينة عن أسعار المواد التي تجلبها من السوق دون أن تحسب قيمة مجهودها فتقول إن سعر جوال (الرقيطة) (5) جنيهات وجوال الزبالة (10) جنيهات وزبالة (البقر) التي يتم بها حرق الأزيار تكلف (200) جنيه وتضيف أنها تصنع في اليوم الواحد حوالي من (3-4) أزيار وبعد صناعتها تتركها تجف لتبدأ عملية أخرى تسمى بعملية مسح (الحيمور)، وهي جراء حمراء يتم بها طلاء الزير قبل حرقه ويتم تمليسه بقطعة قماش ويجهز بعدها لعملية الحرق. طريقة حرق الأزيار: وتشرح أمينة عملية حرق الزير تأخذ نحو (3-4( ساعات، وذلك عبر فرش رقعة من الأرض بزبالة الأبقار، ثم توضع عليها عدد (40) زيراً ترص جيداً ويتم تسديدها بالجنبات بالزنك ويتم (هرس) الزبالة وتوضع من فوق الزنك- وتقول أمينة- يجب تغطيتها جيداً حتى لا توجد منافذ للتهوية.. وتضيف أن الشخص يظل مراقباً لعملية الحرق ثم تترك لصباح اليوم الثاني، وبعد استخراج الأزيار يتم فرز التالف منها، حيث يعاد ترميمها مرة أخرى بالأسمنت والفراء. أسعار الزير: تقول أمينة إن سعر الزير يصل إلى (40) جنيهاً.. أما إذا بيع بسعر الجملة فإن سعره يصل (25) جنيهاً، ويتم توزيع الأزيار للزرائب، حيث تغطي معظم أسواق الخرطوم ببضائعهم لذلك تقول أمينة نعمل كل أسبوع على توفير (40) زيراً، وذلك لضمان رأس المال لجلب المواد وتأجير العربات التي ترحل بها. حرفة أخرى: وتكشف أمينة أنهن يعملن في هذه المهنة طوال فصل الصيف والشتاء، أما في الخريف فيتجهن غرباً للمشاركة في عملية الزراعة والاستجمام.. وتضيف أنها تعمل طوال العام وتقوم بمعاونة زوجها الذي يكدح في طلب رزق اليوم باليوم. وتقول أمينة كل النسوة هنا يساعدن أزواجهن في مصاريف المنزل من أكل وشرب وتعليم وعلاج وكسوة، وأن جل هدفهن تعليم أبنائهن لبلوغ أعلى الوظائف والمراتب.