(الفلهمة) مع البحث عن حلول سريعة وعصرية، جعلت سيدات المطبخ السوداني يتنكرن للفحم والعمل به، بعد أن كان متسيداً للمشهد سواء ب(الكانون) أو (اللدايات) أو غيره، في زمن لم يغادر المطبخ خانة كونه (تكل)، قبل أن يتطور ويسمى بالمطبخ، وتدخله أدوات حديثة مثل الفرن والثلاجة والاسطوانة (الانبوبة) و(البوتوجاز). وبحسب خبراء ومعاصرين للعهدين (التكل والمطبخ)، فإن العمل بالفحم على الرغم من استهلاكه زمناً وجهداً مضاعفين مقارنة بالغاز، إلا أن إرهاقه كان ينعكس استمتاعاً بطعم ما ينضج عليه، وفي (عواسة الكسرة) مثلاً فإن (الحطب) المستخدم فيها يشكل طعماً مؤثراً عند الأكل على غير (كسرة الغاز) فإنها لاتحمل ذلك الطابع الطبيعي، مع حقيقة أنها أسرع وأسهل، وحتى في الشكل فإنها أكثر قبولاً من (كسرة الحطب والفحم). وتنطبق ذات المقارنة مع الشاي، فإن كل صاحب (كيف) عايش عصر سيادة الفحم لايفضل الشاي العصري الذي يصنع على نار الغاز، نظراً للنكهة المميزة التي يضفيها الفحم، وتبقي في الشاي ولا توجد بما لجأ إليه في هذا الجيل من ميسرات. الفئات التي لم تلحق ركب ملاك (انابيب الغاز) مازالت تستمتع ب(الكسرة والشاي) على أصولهما، ولكنهم يحاولون جاهدين ترك الفحم والحطب واللحاق بعصر العولمة، بينما يتحسر بعض كبار السن ممن اقتنوا الأنابيب على أيام النكهة الطبيعية التي لم يخالجها (غاز)، والملاحظ أن كثيرين يلجأون الى (ستات الشاي) و(بائعات الأكل) اللائي مازلن يعملن بالفحم بحثاً منهم عن (استعادة الذكرى والطعم المفقودين).