في الوقت الذي أكدت فيه وزارة المالية تحسن مؤشرات الاقتصاد في الفترة الماضية، يرى بعض الخبراء والمختصين في الشأن الاقتصادي أن ما ذكره الوزير حول عجز الموازنة في الحدود الآمنة قائلين إن العجز لا يشكل عبئاً، واعتبروا تمويله هو المشكلة الأساسية خاصة الاستدانة من البنك المركزي باعتبارها أموالاً غير حقيقية، وحذر بعض الخبراء من خطورة التعجل في بناء توقعات إيجابية أو سلبية على المتغيرات قصيرة المدى التي تحدث لظروف وقتية. ويرى الرئيس السابق لمجلس إدارة البنك الفرنسي والخبير الاقتصادي دكتور عز الدين ابراهيم أن عجز الموازنة مزمن قائلاً: إن العجز في حد ذاته لا يشكل مشكلة كبيرة، لكن تبقى الاشكالية في كيفية تمويله، وأضاف إذا كانت المصروفات أكثر من الدخل تظهر اشكالية إلا إذا توفر مدد من جهة ما.. وقال إن عجز الموازنة إذا تم تمويله من البنك المركزي تترتب عليه خطورة باعتبار أن البنك يقوم بطباعة عملة إضافية، وهي أموال غير حقيقية.. مشيراً الى أنه كل ما زادت الاستدانة من البنك المركزي ارتفعت نسبة الخطر، خاصة مسألة ارتفاع الأسعار، واعتبر وصف العجز بأنه في الحدود الآمنة يعني أن العجز صغيد.. وأشار الى طرق أخرى لتمويل العجز أكثر أمناً على رأسها الاستدانة من الجمهور لنعتمد في تمويله على أموال حقيقية ناتجة عن مجهود.. وقال إن الاستدانة من الجمهور تأتي في شكل شهادات شهامة وما يشاكلها.. معتبراً أن الحدود الآمنة للعجز تعني ضعف الاستدانة من الجهاز المصرفي، قائلاً: إن عجز الموازنة في السودان لا يتعدى 1%-1,5% مقارنة بدول مثل أمريكا حيث يصل العجز الى 14% والمانيا 8% إلا أنه اعتبره آمن في تلك الدول، باعتبارها تستطيع الاستدانة من الجمهور، قائلاً: إن الجمهور في تلك الدول غني.. أما حول دعم تحويلات المغتربين لميزان المدفوعات.. قال: إن الاشكالية تكمن في هل هذه التدفقات تأتي للبنوك أم تذهب الى السوق الموازي؟ مبيناً أنه فيما يخص السودان أن الطريقة التي تدخل بها لا تشكل أهمية تذكر.. وأضاف قائلاً: أما بالنسبة للمغتربين في الظروف الحالية فإن سعر السوق الموازي مجزي بالنسبة لهم، وإذا لجأت الحكومة الى رفع سعر الصرف الى سعر السوق الموازي ستحدث مشكلة وترتفع الأسعار.. وأضاف أن تحويلات المغتربين أهم مصدر للعملات الأجنبية.. مشيراً الى أنها من حيث الحجم هي أكبر من ما يوفره البترول من عملات، إلا أنه اعتبر القوة البشرية هي أهم صادرات السودان.. مشيراً الى أن الدولة بدأت تلتفت لها مؤخراً. قال الخبير الاقتصادي والمحلل المصرفي عبد الله الرمادي إذا أسسنا على ما ذكره الوزير من حسن مؤشرات الاقتصاد، فإن الأمر يشير الى ما يطمئن بأن هناك تحسناً سيطرأ على الوضع الاقتصادي، إلا أنه قال من خلال التجارب في مجال الاقتصاد فإن التعجل في بناء توقعات إيجابية أو سلبية على المتغيرات و التذبذبات قصيرة المدى والتي كثيراً ما تحدث نتيجة لعوامل وظروف وقتية، فإن الاعتماد على هذا كثيراً لا يصدق. وأضاف أنه قبل إصدار أحكام حول اي توقعات مستقبلية لفترة زمنية كافية لابد أن نتأكد هل ستستمر هذه التوقعات الإجابية أم لا وإلا سنجد أنها لاتعدو أن تكون ضمن التذبذبات صعوداً وهبوطاً في المدى القصير، والتي لا يتبغي أن نعتد بها، ويرى نائب الأمين العام السابق لاتحاد الصرافات عبد المنعم نور الدين، أن ميزان المدفوعات يشمل التحويلات المنظورة وأخرى غير منظورة.. أضاف هذه التحويلات إذا تمت تغطيتها من السوق الموازي تؤثر على سعر الصرف.