ولدت حكومة في نسخة جديدة من عمر الإنقاذ وترقبها الكثيرون وبشكل لافت فاق الاهتمام بتسجيلات كرة القدم خاصة فريقي القمة الهلال والمريخ ، وخرجت عملية اختيار الولاة في ثوبها الجديد بشكل حمل تغييرات كبيرة وقليل من المفاجآت. تقرير-اسامة عبد الماجد كان متوقعاً هذه المرة خروج وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين من ثكنات الجيش سيما بعد شرط مغادرة كل من أنهى دورتين في منصبه وهو الذي انطبق على وزير الخارجية علي كرتي الذي أمضى عشر سنوات، منها نحو ثلاثة أعوام في منصب وزير الدولة. ومعلوم أن كثيرين لهم رأي سالب في عبد الرحيم منذ دخول قوات خليل لأم درمان في مايو 2008 ولذلك إستغل الرئيس سلطاته كونه بيده حق تعيين الولاة وفقاً للدستور ، ووضعه على رأس الولاية المهمة ، وفات عليهم أن الرئيس لن يتخلى عن الرجل الذي يمثل وبكري رمزية القوات المسلحة في الحكومة، فضلاً عن أنهم ساعدا البشير وظلا يشكلان له حماية، ودونكم بكري الذي وقع على مذكرة العشرة الشهيرة التي أطاحت بزعيم الإسلاميين الترابي لأجل الرئيس. وتعيين عبد الرحيم والياً للخرطوم ليس غريباً كون البشير يريد ضبط إيقاع الولاية وتعزيز الوجود الأمني خاصة في ظل الحديث عن الخلايا النائمة وعصابات النيقرز والتحركات الخفية لعناصر تتبع لحركات دارفور. وفي العمل في مجال التنمية فعبد الرحيم يمتلك خبرة كبيرة، ومعروف عنه وقوفه على التفاصيل، فضلاً عن أن الرئيس سيذلل له الصعاب خاصة وأن مشروعات التنمية التي وضع لبناتها د. عبد الحليم المتعافي ومضى فيها الخضر لن ترهقه حتى تستكمل . وتعيين حسين يمثل تحدياً للبشير نفسه مما يعني ضرورة إعانته لإنجاح مهمته.لكن تعيين الولاة حوى ملاحظات ومسائل غاية في الأهمية جديرة بالوقوف عندها وهي : } المسألة الأولى : الخروج المفاجئ لوالي الخرطوم عبد الرحمن الخضر ليس من الولاية فحسب ، بل حتى من الحكومة المركزية، ويعد هذا الخروج علامة بارزة في تغيير موازين القوة، فالتشكيل السابق كان يضم (علي عثمان ، عوض الجاز ، كمال عبد اللطيف ، أسامه عبد الله ) وقبلهم صلاح عبد الله (قوش) وجميعهم في مواقع مهمة وينحدرون من عشيرة الخضر ، وقد غادروا جميعاً وحتى من بقي بالحكومة وزير المعادن أحمد الكاروري فإن بقاءه جاء لسببين الأول كونه نجح في موقعه حيث حصل على الدرجة الكامله في التقييم ، مثله وزيرا الرعاية مشاعر الدولب والكهرباء معتز موسى ، والسبب لثاني وربما هو الأهم بعده عن أي تكتلات وتيارات. } المسألة الثانية : في مقابل الملاحظة الأولى برزت مجموعة جديدة في مفاصل الحكم إذ لأول مرة تتولى ثلاث شخصيات من قبيلة واحدة منصب الوالي وهم (عبد الحميد كاشا / النيل الأبيض) ، (آدم جماع / كسلا) ، (أبو القاسم بركة / غرب كردفان) ولكنهم جديرون بالمنصب. ويضاف إليهم نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن فضلاً عن ذلك نال أبناء تلك العشيرة منصب وزراء دولة بالتجارة الصادق محمد علي وبالخارجيه السفير كمال إسماعيل وبالسياحة عادل حامد دقلو وللذين لا يعرفونه هو الاخ الاصغر لنائب قائد قوات الدعم السريع محمد حميدتي وعادل في هذا المنصب منذ الحكومة السابقة ولكنه بعيد عن الأضواء. } المسألة الثالثة : أن الحصة المقدرة للمجموعة المذكورة أعلاة ربما جاءت في سياق الحوار مع موسى هلال وبالتالي تكون الحكومة أغلقت بابه دون رجعة يضاف لذلك إبعاد والي شمال دارفور عثمان كبر من منصبه وهي كانت أمنية هلال بل أن كبر أبعد من الحكومة برمتها والمسألة ذات صلة بالأوضاع في دارفور. } المسألة الرابعة : بدأ الرئيس في المحافظة على المقربين منه أو مصدر ثقته المطلقة مثل أحمد هارون والشرتاي جعفر ومحمد طاهر إيلا، وبدت تلك الحالة بمجئ إبراهيم أحمد عمر للبرلمان (يعد أقرب شخص للبشير ويمكن أن يقبل البشير كل رأيه ) وعمر سليمان رئيساً لمجلس الولايات (كان يقود السيارة التي أوصلت الرئيس من كردفان للخرطوم ومنها للقصر) أو بمن يطيعونه بالكامل مثل إبراهيم محمود أويدينون له بالولاء مثل بكري وعبد الرحيم وونسي. } المسالة الخامسة : علو كعب رجال المؤسسة الأمنية على العسكريين بعكس ماكان متوقعاً، حيث أطيح بأربعة ولاة عسكريين (الفريق الهادي عبد الله بنهر النيل اللواء آدم جار النبي من جنوب دارفور ، العقيد الطيب بشرق دارفور واللواء أحمد خميس من غرب كردفان)، بينما ضمت التشكيلة الجديدة اللواء أمن د. عيسي آدم لجنوب كردفان والذي يتوقع أن يحقق نجاحاً مقدراً والعقيد أمن أنس عمر لشرق دارفور وتعيينهما ذو صلة بقوات الدعم السريع لأجل حسم التمرد فضلاً عن كونهما يتمتعان بحس سياسي عالٍ ومن الضباط المقاتلين ، ومعلوم وضعية الولايتين وموقعهما ، وتعيين اللواء (اعتقد ذلك ) علي حامد في البحر الأحمر لأجل مذيد من تأمين ثغر السودان وإخماد نيران الصراعات المكتومة بالولاية وإن كان يعاني من بعض المشاكل الصحية. وقريباً منهم عبد الواحد يوسف في شمال دارفور لأجل حسم المشاكل سياسياً في المقام الأول. } السادسة : تسمية ولاة شباب وأكثر حيوية لتأكيد إستمرار التغيير مثل أبو القاسم الأمين بركة الذي يعد أصغر الولاة سناً ، أنس عمر ، وقريباً منهما د. خليل عبد الله (غرب دارفور) ، أحمد هارون (شمال كردفان) والضو الماحي (سنار). } السابعة : تعيين ولاة على النقيض من سلفهم ، مثل آدم جماع في كسلا (عمل معتمداً بجنوب دارفور ووزيراً بنهر النيل ومديراً للحج والعمرة ) ومن كوادر الحركة الإسلامية المعروفة بشمال دارفور ومعروف عنه التواصل بشكل فاعل والحكمة والتواضع، ود. عبد الحميد كاشا في النيل الأبيض البارع في توحيد الصف والكلمة وسد منافذ الفساد @الثامنة : عدم خروج التعيينات من قائمة الخمسة الشهيرة عدا ولاة (الخرطوم ، شرق دارفور ، النيل الأبيض)، بل أن الغالبية العظمى منهم تصدروا القائمة (هارون ، الضو ، إيلا ، عيسى آدم ، آدم الفكي ، بركة ، حامد ، ميرغني صالح ، أبو سروال ، الشرتاي) وهذا يعني أن الحزب لم يكلف نفسه عناء البحث عن وجوه جديدة مما دل على خمول مؤسساته. وذات الأمر انحسب على الوزراء مما جعل التعيينات الدستورية أشبة بلعبة الشطرنج.