هل خرج صديقنا السيّد أتيم قرنق القيادي بالحركة الشعبية من منتدى الوحدة والانفصال الذي أعدّه المركز السوداني للخدمات الصحفية يوم أمس الأول محتجاً وغاضباً على مداخلة صديقنا عضو الحركة الشعبية (المفصول) الأستاذ غازي سليمان المحامي، أم خرج هارباً فاراً بجلده متحججاً بأن ما تردد كان عبارة عن تهريج وكذب؟ نحن لا نعلم الأسباب الحقيقية لخروج السيّد أتيم قرنق، فالله أعلم بذلك، لكن الواقعة ذاتها حدثت، وحديث الأستاذ غازي سليمان لم يخرج عن كون أن الصراع في الشرق الأوسط يلقي بظلاله على شكل العلاقة بين الشمال والجنوب، وللأستاذ غازي آراء جريئة ذكرها أكثر من مرة أشار فيها إلى أن إسرائيل نجحت في تجنيد عدد من قيادات الحركة الشعبية في أسمرا وقد ذكر لي شخصياً هذا الحديث أكثر من مرة. احتجاج السيد أتيم وغضبته العاصفة أعقبت سؤال الأستاذ غازي له: (إنت مع حماس ولا مع سوزان رايس؟) وذلك بعد أن قال إن على الجنوبيين إما أن يكونوا مع حزب الله أو مع سوزان رايس.. فخرج السيد أتيم.. ولم يعد. حديث الأستاذ غازي الجريء لمس الحقيقة التي لم يجد أحد فرصة لإطلاقها، ونحن نتّفق معه تماماً ونقول إن انفصال جنوب السودان وإعلانه كدولة مستقلة، يعني في ذات الوقت ميلاد دولة دينية صرفة في شمال السودان لأن الحكومة الاتّحادية وحكومة الشمال وإن أعلنت تطبيق الشريعة الإسلامية فإنها لم تفعل، ولم يعد تطبيق الأحكام الشرعية إلا في قضايا المواريث والأحوال الشخصية حسب علمنا القانوني الضعيف، وفي هذا يتساوى الجميع إذ يتم تطبيق قوانين الأحوال الشخصية في قضايا الزواج والطلاق والمواريث للمسيحين استناداً على دينهم، وكذلك الحال بالنسبة للادينيين الذين يتم تطبيق أعراف مناطقهم عليهم. الآن إذا انفصل الجنوب ولم يُنكّس الشمال راية الشريعة الإسلامية - التي لا يطبقها بالفعل - فإنه ملزم بالقطع والتأكيد على تطبيقها والتشديد على ذلك لأن السبب الذي كان يُضعف التطبيق قد زال بزوال الجنوب الجغرافي واختار أهله الانفصال عن الوطن الأم. في حال قيام الدولة الدينية المُتشدّدة لن تفلح الإجراءات الأمنية المُشددة في منع تسلل المتطرفين من الشرق أو الغرب أو الشمال إلى السودان الشمالي، ولا يجد المواطن السوداني ولن يجد رغبة لديه في طرد من جاء بدعوى مساعدته ومساندته والوقوف معه لإرساء دعائم الدولة الدينية الجديدة.. ولا نعرف حتى الآن إن أخذ السياسيون هذا الأمر مأخذ الجد وجعلوه واحداً من الخيارات المحتملة، والسيناريوهات المتوقعة. الولايات المُتّحدة تجدد العقوبات على السودان، وكثير من دول الغرب تحذو حذوها وبعض دول الجوار وضعت مواطني ثمانية دول - من بينها السودان واليمن والصومال والعراق - في القائمة السوداء.. وبالأمس.. بالأمس فقط جاءت أنباء «الأبيض» في شمال كردفان تُفيد بأن حارس أحد الأضرحة قد لقي حتفه ذبحاً، ونحن نعرف العلاقة بين التطرّف والأضرحة.. لم يخطئ الأستاذ غازي سليمان في طرحه وإن أخطأ السيد أتيم قرنق بخروجه المُعلن.. غير المبرر.. اللهم اجمع شملنا ووحد هذا الوطن فلا صوت ناخب أو بندقية مقاتل أو مناورة سياسي، تعلو على إرادتك يا الله يا رب العالمين. آمين، ، ، وجمعة مباركة