النزاع الأعنف بالبلاد والذي كان طرفاه قبيلتي الرزيقات والمعاليا بجانب التفلتات التى تحدث هنا وهناك بالولاية الوليدة «شرق دارفور» والذي تتابعه الحكومة الإتحادية على أعلى مستوياتها ومحاولتها بسط هيبة الدولة بتلك المناطق، جعلها ترمي بكل أوراقها والتى كان آخرها تعيين أنس عمر كوالي للولاية، عمر لم يخيب ظن قيادة الدولة خلال الفترة القليلة التي قضاها بالولاية من خلال قيادته لتحركات كانت نتائجها استقرار للأوضاع الأمنية بالولاية إلى حين إشعار أخر. صراعات وخلافات شرق دارفور لم تتذوق طعم الاستقرار الأمني كثيراً بعد أن ضربتها النزاعات القبلية بين الرزيقات والمعاليا، والذي يعد من أطول النزاعات القبلية بدارفور، حيث أندلعت أول شرارة له في العام 1966 بسبب الصراع حول أراض»حواكير» يدعي الرزيقات ملكيتها، بينما يتمسك المعاليا بأحقيتهم في الأرض، غير أن النزاع بين القبيلتين خلال الفترة القليلة الماضية خلف المئات من القتلي بجانب نزوح الالآف، بجانب التفلتات الأمنية التى تحدث هنا وهناك داخل الولاية، كل جهود ولاة الولاية السابقين لم تضع حلولا للمشاكل الأمنية التى تعاني منها الولاية بل وتفاقم الصراع القبلي بين الرزيقات والمعاليا بصورة أعنف فى عهد الوالي السابق، لكن يبدو أن الوالي الجديد للولاية أنس عمر أراد إرسال رسائل بأنه قدر التحدي الذي وضعه على عاتقه رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، وأنه قادر على بسط هيبة الدولة وطي الصراعات والخلافات والشقاقات التى ضربت الولاية، الوالي الجديد يجد مساندة قوية فى كل خطواته التى يعتزم تنفيذها من قيادة الدولة فضلاً عن السند الذي يجده من المؤسسة العسكرية «القوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني والشرطة»، تلك المساندة تجلت حينما قررت الحكومة الإتحادية إرسال لواء مشترك من قوات الجيش والأمن والشرطة بتفويض واسع إلى شرق دارفور، وقال والي الولاية أنس عمر إن القوات التي يصل عددها إلى نحو (1800) عسكري ستكون نوعية ومجهزة بآليات جيدة، وأعلن تشكيل حكومته قبل عيد الفطر من عناصر لا تنتمي للولاية. قوة حاسمه ومضي عمر للقول إن اللواء المشترك من الجيش والشرطة وجهاز الأمن لن يكون من المكون المحلي للمنطقة ما يكسبه الحياد عند وقوع النزاعات، وأكد عمر أن القوة ستكون نوعية من خلال امكانيات وتجهيزات وآليات جيدة تمكنها من الحركة والتعامل مع الأحداث، موضحاً أن مهمة القوات لن تقتصر على النزاعات القبلية فقط بل ستشرف على تأمين الموسم الزراعي ومسارات الرعاة وحماية طريق الخرطوم النهود أبو كارنكا الضعين، وينتظر أن تنفتح القوة المشتركة بمناطق النزاعات والمراحيل حتى الحدود مع دولة جنوب السودان لمواجهة وملاحقة المتفلتين، وحول جدوى نشر القوات الجديدة في ظل فشل قوات سابقة في الفصل بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا المتنازعتين، أشار عمر إلى أن القوات السابقة كانت عبارة عن حاميتين في الضعين وأبوكارنكا ومحدودة ومرتكزة في مواقعها، كما أن عناصرها من المكون المحلي ما جعل حركتها وتدخلها في النزاعات لا تخلو من الصعوبة والحرج، وتابع» القوة المشتركة ستأتي وفق مهمة جديدة ولن ترتكز في مكان واحد بل ستكون قادرة على الحركة لأنها قوة نوعية ولديها آليات جيدة وليس فيها مكون محلي ما يعني أنها ستكون محايدة»، وزاد «نعول كثيراً على هذه القوات» ، وأوضح عمر أنه موجود حاليا بالخرطوم لمتابعة إرسال القوة المشتركة وبعض الترتيبات الأخرى، وحول تشكيل حكومة شرق دارفور أفاد عمر أنه سيتم إعلان تشكيل الحكومة الجديدة للولاية قبل عيد الفطر المبارك، وكشف أن مكون الحكومة لن يشتمل على عناصر من أبناء الولاية لضمان استقرار أجهزة الحكم وتقديم الخدمات والتنمية لأهالي المنطقة، وأشار إلى أن أبناء الولاية سيكون من حقهم إيجاد فرصتهم في الحكم من خلال التعيين في ولايات أخرى وأن ولاية شرق دارفور عانت خلال عامي 2013 و2014، من فراغ دستوري بعد أن إنسحب وزراء ومعتمدو قبيلة المعاليا من الحكومة الولائية بسبب التوترات مع الرزيقات، وأكد عمر تمكن مسؤولي حكومته ورجال الإدارة الأهلية من احتواء النزاع بين قبيلتي الرزيقات والهبانية، الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى اليومين الماضيين، وأبان أن مسؤولي الحكومة وناظري الرزيقات والهبانية، ظلوا حتى وقت متأخر من ليل السبت الماضي في حالة مشاورات حتى تمكنوا من حل النزاع تماماً وفق الجودية والتقاليد المعمول بها في المنطقة.