كان الإفطار على مائدة زعيم المؤتمر الشعبي د. حسن الترابي له طعم خاص ومكمن الخصوصية حديث الرجل عقب الإفطار، حيث ظل صائماً ولفترة طويلة عن الحديث. الشيخ الترابي الذي تحدث بإسهاب و بطريقته الخاصة والمعهودة فيه من إضفاء السخرية على بعض أحاديثه وعدم الإشارة صراحة لاسم شخصي أو جهة، ولكنه لا يجعلك مشتت الذهن.. الإفطار أقامه الاتحاد العام للطلاب السودانيين بضاحية المنشية في منزل د. الترابي الذي بدأ حريصاً على وحدة الإسلاميين أكثر من أي وقت مضى. وكان ذهن الشيخ صافياً ورايق البال بدليل أن الجلسة استمرت زهاء الساعتين، ظل خلالها واقفاً لم يكل أو يمل، وبدا نشيطاً كالعهد به، وحث الطلاب على الوحدة باعتبارهم أهم قطاعات الحركة، وأشار إلى أنه ليس هنالك من ابتلاءات بين الطلاب تدعوا للتفرقة وعدم التوحد، وزاد مخاطباً الطلاب: انتو ما شايلين تقيل زينا نحن واخوانا ديل - في إشارة منه للمؤتمر الوطني. وقطع الترابي بأن الحركة الإسلامية ستتوحد طال الزمن أوقصر، وقال«إن قيادات الحركة اتفقت على أن توحيد الاسلاميين فرض عين»، وأضاف الشيخ «نريد أن نخفي ترتيبات الوحدة و نبنيها من تحت عشان الغرب ما يجي يهدمها تاني». واستعرض الترابي مسيرة الحركة وقال إنها عملت ولكن كلنا خطاءون. منوهاً إلى أنها تعرضت إلى ضغوط وابتلاءات كثيرة خاصة في بداياتها. وقال «أي قريه مشيناها فيها فلقونا بالحجار وضربونا بالرصاص وكسروا عرباتنا ونسمع أن هذه القرية مقفولة لي سيدي فلان وعلان»، وأردف «عندما أسسنا الحركة كنا لا نعرف غير الدين لا حكم ولا الدستور الإسلامي ومشينا لي ناس سيدي قلنا ليهم انتو احكمو بس رجعوا لينا الدين الذي تم إلغاؤه بواسطة الإنجليز قالو امشوا للسياسيين مشينا لقيناهم ما بصلوا». مشيراً إلى أنه في هذه الفترة كان هنالك اعتقاد كبير للسودانيين في الشيوخ يتقربون لهم ويقدمون لهم الهدايا، ولكن رغم ذلك طفنا كل السودان وزرعنا نبتة في كل منطقة». وأضاف لكن إذا دفنت هذه النبتة ستقوم تاني ولا تكاد توجد قرية إلا فيها نبته للحركة.. واسترسل عندما جاء عهد عبود اشتدت علينا الضغوطات بعد سقوط نظامه، و فكرنا في تأسيس حزب ولكن لم ندخل الانتخابات. أما في عهد الرئيس جعفر نميري يقول الترابي « نميري جاء قصدنا ودخلنا السجن قبل ما يدخل الحكومة ولم يفرج عني إلا بعد 41 شهراً»، ويمضي الترابي قائلاً تعرضنا في تلك الفنرة لابتلاءات شديدة، ولكن السجن استفدنا منه وشد عزائمنا، واضطهاد مايو نفعنا. وقال الشيخ سنة في الاعتقال أفضل من 4 سنوات دراسة في الجامعة، فهنالك تركيز ولا يوجد مايشغلك عن العلم، ونوه إلى أنه حفظ القرآن على كبره وتعلم في سجن قراءة حفص عن عاصم ، وقال «نميري ود أهلي أداني سبعة سنوات سجن وبعد خروجي من الحبس اتفقنا في اجتماع شوري الحركة على الدخول مع الاتحاد الاشتراكي لنشتغل من الداخل». وقال الترابي «عندما قامت الإنقاذ العالم كلو وقف ضدنا بما في ذلك الدول العربية وحرضوا علينا الأفارقة لأنها أول دولة إسلامية تقوم يقودها مثقفون، ومورست ضغوط علينا، وهذه الضغوط فرقتنا وشردتنا وأصبحنا في هذه الحالة التي نعيشها الآن»، ونوه إلى أن الأحزاب قامت على الطوائف وأن الولاءات الحزبية الآن انفضت، موضحاً أن مابين 06 - 07% من الجيل الحالي ما عندو ولاءات حزبية أو وطنية بجانب أننا ليس لدينا عقد مواطنة. ويشير الترابي إلى أن اكبر ابتلاءات للحركة عندما جاءت السلطة وقال «ماكان عندنا أدب سياسي ودافرين ناس متحمسين معانا وما بعرفوا الإسلام»، وقال إن السودانيين ما بعرفوا الشورى وما بعرفوا الصلاة، البعض، ويعتبرونها ركوع وسجود فقط، وأن الشيوخ القدماء حافظين جمل ساكت لا يفهموها والقرآن حالياً أصبح يدرس ويحفظ على لحن موسيقي، وكل ذلك أدى لانحطاط المسلمين في العالم. وأشار الترابي إلى أن الإنقاذ بالرغم من أنها أسهمت في انتشار التعليم إلا أن التعليم النظامي أصابته بعض المصائب، وقال إن الدولة المتقدمة تعطي التعليم 25% من إجمالي ثروتها، وفي السودان نعطي 1 أو 2% فقط من الميزانية للتعليم . وأضاف الترابي «الحكومة دي ما فاسدة والسوق دا كلو شيكات طايرة وأغلب التجار ما كويسين والمحامين يشتغلوا مع التجار، وأنا طول عمري ما بشتغل محامي لأني بخاف الله». }}