٭ أخيراً، وبعد جولات متطاولة من التفاوض العسير والتنقل بين المحطات من بغدانس إلى جنيف إلى الجزائر ثم إلى الصُخيرات المغربية.. أخيراً تمكن الليبيون بأغلبية ممثلي قواهم السياسية من التوقيع (بالأحرف الأولى) على ما يعرف ب «المسودة الرابعة» لاتفاق الوحدة والمصالحة. ٭ اتفاق شارك في التوقيع المبدئي عليه ممثلو البرلمان المنتخب والحكومة المنبثقة عنه في طبرق ورؤساء الأحزاب السياسية والمستقلون وبعض قادة المجالس البلدية وكان الغائب الأكبر عنه هم ممثلو «المؤتمر الوطني السابق» أي المنتهية ولايته قانوناً ودستوراً، ويصر على الاستمرار وتشكيل «حكومة موازية» في طرابلس، انطلاقاً من واقع الفوضى الذي ساهم في خلقه بإطلاق يد المليشيات المسلحة وتمكينها من السيطرة على المرافق الحيوية وبعض المنشآت الاقتصادية تحت عنوان « فجر ليبيا» والمليشيات الجهادية والمناطقية المتحالف معها.. ٭ ممثلو المؤتمر الوطني السابق الذين شاركوا بنشاط في كل مراحل التفاوض استنكفوا في اللحظة الأخيرة ورفضوا التوقيع على الصيغة التي توصل اليها جل المؤتمرين تحت رعاية ومشاركة وتسهيل مباشر من مبعوث الأمين العام للأم المتحدة براندينو ليون، ما يعطي هذه الصيغة مقبولة وطنية ليبية واقليمية ودولية، كما عبر عن ذلك وزير الخارجية المغربي لدى مخاطبته حفل التوقيع. ٭ لكن «المؤتمر الوطني» المنقضية ولايته.. لم يعجبه العجب.. كما يقولون، فهو يرغب في تأكيد مصالحه السياسية، المتمثلة في مشروعية منقضية ماتت مع قيام انتخابات جديدة اختار خلالها الشعب ممثلوه في برلمان شرعي ابنثقت عنه «حكومة جديدة « برلمان نال اعتراف دولي واقليمي بعد انتخابات حرة ومراقبة، الحقت هزيمة واضحة بقوى اليمين والتيار الديني، ربما عقاباً له على تتمرسه وراء المليشيات المسلحة.. ومع ذلك فهو يطالب الآن ب « مجلس رئاسي» ذو شرعية فوقية مفروضة وقول فصل في شؤون البلاد والعباد، دون أي تفويض شعبي وأن يكون له «كمؤتمر وطني» الدور الفاعل في ذلك المجلس الرئاسي برغم انتهاء أجله التشريعي.. كما أنه يستنكف كما رشح من أخبار «الصخيرات» عدم إدراج نص في المسودة الرابعة باستبعاد الفريق خليفة حبتر من قيادة الجيش الوطني الليبي، بناء على موقفهم السياسي المعارض لحبتر الذي قاد «عملية الكرامة» من أجل إنهاء «فوضى المليشيات» التي يقف وراءها « فجر ليبيا» وحلفاؤها من الجماعات الدينية والجهوية التي تشكلت إبان الثورة لاقتلاع نظام معمر القذافي وواصلت الاحتفاظ بأسلحتها من أجل فرض اجندتها السياسية ومنافعها الذاتية أو القبلية. ٭ مهما يكن من أمر فإن التوقيع- بالأحرف الاولى- على الصيغة الرابعة لمسودة المصالحة والوفاق الليبي.. تأتي بمثابة خطوة مهمة على الطريق المفضي إلى سلام ليبيا واستقرارها وانقاذ وحدتها من التمزق وشعبها من الهلاك في معارك عبثية مع تبديد مواردها هباءً منثورا.. جراء صراعات غير مجدية بل لخدمة أجندة جماعات آيدولوجية عابرة للأقطار أصبحت تمثل العمود الفقري للإرهاب الدولي، الذي بات يهدد العديد من دول المنطقة عربياً وافريقياً، ويمتد خطره عبر المتوسط لأوربا ومناطق أبعد من العالم. *الممانعون الذين يراهنون على استمرار الصراع والفوضى لأنهم كما ألمح المبعوث الأممي ليون، دون أن يعلنها صريحة سيواجهون عقوبات دولية، كما يتوقع المراقبون، لدورهم في عرقلة جهود المصالحة والسلام.. كما أن تكتل معظم القوى الوطنية واصطفافها خلف الوثيقة يعزز التحالف الوطني والديمقراطي الليبي الساعي لاقامة الدولة الديمقراطية الحديثة ..ويبشر بصبح قريب بعد ليلٍ ليبيٍ طويل لابد أن ينجلي « فما الاصباح منه بأحول» كما قال الشاعر قديماً.