٭ يعاني قسم العظام بمستشفى الخرطوم من التردي البيئي، وانعدام بعض المعدات مما تسببت في إيقاف عمليات كسور الظهر والسلسلة الفقرية والأورام، فضلاً عن إخراج المرضى بعد يومين فقط من إجراء العملية لنقص الأسرًّة بالرغم من حاجتهم للراحة والمتابعة، واستنكر آخرون تأجيل عملياتهم لمدة تجاوزت الستة أسابيع رغم تزايد آلامهم، وشكا أطباء بالقسم من انقطاع الإضاءة أثناء العملية مما يضطرهم لاستكمالها بإضاءة هواتفهم، ووجود جهاز واحد للأشعة، ولم يستبعد رئيس القسم إيقاف بعض العمليات في المرحلة المقبلة منتقداً الوزارة في سياسة التجفيف التي إنتهجتها مؤخراً بإغلاق أقسام ونقل الأطباء، واتهمها بالنكوص عن الإتفاق الموقع بينهم بتوطين العلاج وعدم تهيئتها لبيئة العمل رغم التزامهم بتوفير أطباء التخصصات الدقيقة، «آخر لحظة» كانت هناك لتخرج بالمثير في هذه المساحة التالية. ٭ مشاهدات أوساخ هنا وهناك، روائح تزكم الأنوف، عنابر بحالة يرثى لها، أسرّة دون فرش، سلالم متهالكة ومصعد معطل، هذا مايلحظة الداخل لقسم العظام بمستشفى الخرطوم، حيث التقينا بالمريض (م) من إحدى الولايات الوسطية أقعدته الإصابة بكسر في الظهر بعد سقوطه من مكان عال، طاف المستشفيات بولايته وحتى وصوله للعاصمة، لكنة لم يجد الجراحة المطلوبة إلا بمستشفى الخرطوم، ويحكي أنه توجه لها وتم إجراء جميع الفحوصات له التي اثبتت حوجته لعمليه جراحية مستعجلة، ليخبره ذوو الاختصاص بإيقافها لعدم توفر المعدات رغم تواجد الإصطاف المتخصص، ليبقى في حيرة من أمره، حيث لا يوجد أمامه خيار سوى المستوصفات الخاصة، وصمت لبرهة من الزمن والدموع تملأ مقلتيه، وقد أوضحت لي أن حالته الاقتصادية لا تسمح له بإجراءها، ليقول بعدها الحمد لله على ما أراد الله، والرضا بالقدر يظهر على وجهه ويتبعها بعبارة (الفيو الخير ربنا بقدمو). ٭ وشكى آخر من تزايد آلامه يوماً بعد يوم وهو يعاني ورماً بأحد العظام، شكى بإدراجة بقائمة الإنتظار التي تمتد لأسابيع، وقال إن المشكلة الأكبر أنه يعاني الفشل الكلوي فيضطر للذهاب من المنزل إلى إجراء الغسيل الذي يمتد لأربع ساعات، وهذا يؤثر على صحته، متساءلاً هل سيحدث أمر الله قبل إجراء العملية؟ محملاً مسؤولية تدهور حالته للجهات المعنية ٭ سوء خدمات أشار استشاري جراحة العظام ياسر نور الدائم إلى تدهور قسم العظام بالمستشفى وتكدس الأوساخ به لنقص طاقم النظافة، فضلاً عن تعطل المصعد منذ أكثر من سنتين، والجدير بالذكر أن مرضى الكسور الأكثر حوجة له، وأضاف ياسر: التدهور وسوء الأوضاع لم يقتصر على العنابر فقط بل امتد لغرفة العمليات حيث تتعطل اضاءتها ونضطر لاستكمال العملية باضاءة هواتفنا، والسبب تركيبها متهالكة من الأقسام التي تم اغلاقها مؤخراً بالمستشفى، وحتى جهاز الأشعة الموجود بغرفة العمليات يتعطل في كثير من الأحيان، ويعمل بنصف كفاءته والمعلوم أن الحاجة له أثناء العملية لمعرفة المزروعات كالمساطر والمسامير، ويواصل الإستشاري، هناك ضعف في تجهيزات الجراحة الخاصة والعامة وإنعدام أجهزة ومعدات تماماً كجهاز إزالة الضغط من العمود الفقري، والذي طلبناه قبل عام ونصف من الآن، وماتزال المخاطبات والمطالبات حبيسة أدراج وزارة الصحة الولائية، وهذا ما يضطرنا لإلغاء العمليات، وتحويلها لمستشفى أكثر جاهزية. ٭ نقص في الكوادر أكد نور الدائم على وجود نقص في الكوادر المساعدة من مساعدي التخدير والتحضير، بسبب نقل الكثير منهم لمستشفيات أخرى تحقيقاً لسياسة التجفيف التي تم إتباعها قبل أعوام، وعدد العمليات بالمستشفى قبل السياسات الأخيرة يكاد يفوق جميع العمليات بمستشفيات الولاية، وهناك عمليات جراحية لاتوجد بمستشفى حكومي سوى الخرطوم، وهي العمود الفقري، أورام العظام، وكشف عن إيقاف إجراء عمليات العمود الفقري لما بعد عيد الفطر وازدياد قائمة انتظار العمليات، وأبان أن تردد الحوادث اليومي يبلغ (200) مريض. ٭ معاناة مختلفة سرد استشاري جراحة العظام معاناة العديد من المرضى لعدم توفر بعض التخصصات كالمسالك البولية وقسم الكلى والباطنية وغيرها من الأمراض التي يحتاج مصابوها لمتابعة أو غسيل كلى، كما يحدث لمريض موجود بأحد العنابر، حيث يضطر لترك العنبر والذهاب لغسل كليتيه بمستشفى إبن سيناء وقطع بتأثير مثل هذه الحالات على صحة المريض عاجلاً أو آجلاً، وانتقد الجراح وزارة الصحة بإهمالها القسم، وعدم التزامها بصورة دورية بأخذ العينات للتأكد من خلوه من الإلتهابات والفيروسات حفاظاً على صحة مرضانا، والوضع السيء والبيئة الطاردة أثرت على استجابة المرضى للعلاج، وتسببت في هجرة الكثيرين من الأطباء، وكان آخرهم استشاري جراحة أورام العظام ولفت إلى وجود اختصاصيين فقط بالسودان في هذا المجال، مردداً أن مثل هذا النقص يجعلنا نستجلب اختصاصيين بعلاقاتنا الشخصية لإجراء بعض العمليات، وألقى بالمسؤولية على عاتق الجهات المعنية والسياسات الأخيرة التي تم إتباعها دون رؤية فنية أو النظر في مآلات ما يحدث مستقبلاً، وتوفير بدائل على أرض الواقع. ٭ غير كاف إيقاف الميزانية تسبب في تدهور القسم بهذه العبارة المقتضبة بدأ رئيس قسم جراحة العظام والإصابات بمستشفى الخرطوم د. مبارك مكي عووضة، مواصلاً اعتمدنا على الشركات التي يرسو عليها العطاء لتوفير المعدات، فنخصم منها نسبة من الأرباح لتسيير القسم، فضلاً عن الرسوم التي يتم أخذها من المرضى، وبالطبع هذا غير كاف نسبة للعمل الدؤوب والاحتياجات الكثيرة، ودحض عبارة (عمال المستشفى كتار ولازم نحولم لمستشفيات تانية) وقال إن مهمة المستشفى التدريب وليس علاج المرضى وبالتالي لا بد من وجود دارسين كُثر بمختلف المقامات والتخصصات، وهذا ما يحدث بالمستشفيات التعليمية بجميع أنحاء العالم، وحذر من مضار التجفيف الذي حدث للمستشفى مؤخرا،ً وقال انه سينعكس سلباً على العملية التدريبية وتأهيل الأطباء مستقبلاً، وكشف عن وجود 40 نائب اختصاصي يتناوبون كل ستة أشهر خلاف اطباء الامتياز وفنيي الاشعة، والكوادر المساعدة بدون ميزانية، وأكد رئيس قسم جراحة العظام على إجراء العمليات في السنوات الأخيرة دون ميزانية أو دعم أو أية تبرعات، وأردف: حتى الصيانة الدورية للعنابر لا تقوم بها الجهات المعنية ودرج المصنع الماليزي على صيانته سنوياً، ونوه إلى إجراء 300 عملية في الشهر الماضي، وتعهد بالتزامهم كاطباء حسب اتفاقهم مع وزارة الصحة على توطين العلاج بالداخل وتوفير أطباء لجميع التخصصات الدقيقة، على أن تهيء الوزارة بيئة العمل وتخصص برج مرجعي لجراحة العظام، وحسب الإتفاق المبرم أوفينا بوعدنا ودورياً نبعث أطباء لدراسة التخصصات خارج البلاد، ومنهم من حضر، ونأسف على نكوص الوزارة عن الاتفاق، ويقول عووضة إن القسم يستقبل حالات محولة من مستشفى أبراهيم مالك، وهذه الأعباء الإضافية جعلتنا نخاطب وزارة الصحة الإتحادية والولائية وإدارة المستشفى وقدمنا ستة مقترحات لإنشاء المركز المرجعي، ولكن لم تستجب أي من تلك الجهات. ٭ مشكلة أكبر خلاف الانتظار تواجهنا مشكلة أخرى وهي إنعدام المعدات وعلى غرارها أوقفنا إجراء عمليات كسور الظهر والسلسلة الفقرية، والحديث يعود لرئيس القسم وهذا التخصص به جراحان بالبلاد أحدهما هاجر، ويحمد لهما تقليل نسبة البتر بحوالي (70%) وقمنا بتعطيل عمليات ، المناظير، والحوض لعدم وجود المعدات مع العلم بأن التخصصات موجودة، والجدير بالذكر أن هذه الإصابات في تزايد مستمر بعد دخول التعدين العشوائي خلاف الحوادث المرورية، واستدرك حديثه، قد تتوقف عمليات العمود الفقري والإصابات في الأيام المقبلة، لعدم وجود الدعم، وهناك انتظار لجراحة الكسور لمدة أسبوعين وأربعة أسابيع لجراحة العمود الفقري، وستة للأورام، وقطع بتأثير تأخير إجراء العملية على المريض، وعدد المترددين أكبر من طاقة القسم، حيث يوجد بالقسم 110 أسرة وهو عدد ضئيل مقارنة بإجراء 70 عملية أسبوعياً، مما يحتم علينا إخراج المرضى خلال يوم أو يومين بإتباع سياسة الخروج المبكر نسبة لنقصها، والقسم يعمل بطاقة أكبر من طاقته ولهذه السياسة ايجابيات وسلبيات والأولى تتمثل في إعطاء فرص للآخرين، سوى أن من مساوئها حدوث مضاعفات للمريض، كما نقوم بتحويل بعضهم لمستشفيات أخرى في حالة ازدحام الأسرة رغم حوجتهم للبقاء بالعنابر، وطالب عووضة إدارة المستشفى والوزارة بالمصداقية وتوضيح سياساتها من ميزانيات ودعم وخدمات غيرها لتردم هوة عدم الثقة بينها والاطباء. علمت الصحيفة بوجود حوالي 15 طبيباً من استشاريين لاخصائي جراحة عظام بالقسم و60% من أصحاب التخصصات الدقيقة فهم يجرون غالبية العمليات بالمستوصفات الخاصة بالولاية، في الوقت الذي تم إيقاف عدد من العمليات بمستشفى الخرطوم لعدم توفر المعدات، وهذا يضع على عاتق الوزارة المسؤولية الأكبر في توقف العمليات بالقسم، بسبب الدعم ونقص المعدات. ٭ لا تصريح على مدار يومين تواجدت (آخر لحظة) بمكتب مدير عام وزارة الصحة د. صلاح عبد الرازق للاستفسار عن سبب إيقاف دعم القسم بالمستشفى وإلى أين وصلت طلبات مديره بميزانية التسيير وصيانة القسم، وما رأي الوزارة في انقطاع إضاءة غرفة العمليات أثناء العملية فضلاً عن عدم توفيرها لبعض المعدات لمواصلة العمليات المتوفقة لذاك السبب، رغم تواجد التخصصات، ولكن جميع هذه المحاولات لم تثمر بسبب الاجتماعات المتواصلة وعدم وجوده بمكتبه، الشئ الذي دفعني للاتصال به هاتفياً عدة مرات في محاولة أخرى ولكنه لم يستجب لهاتفه ولم يرد على الرسالة، ولم تقف الملاحقات الهاتفية حتى كتابة التحقيق، مما يضع عدة استفهامات أهمها هل تخلت الوزارة عن إبقاء القسم مرجعياً، خاصة وأن تعطيل الدعم لمدة تجاوزت السنة عمل على توقف عدد من العمليات، فهل ستحرك الوزارة ساكناً لإنقاذ المرضى المنتظرين أم يبقى الحال كما هو عليه وتستمر معاناتهم.