٭ أقر مجلس الأمن الدولي أمس الأول بالإجماع الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة ال «5+1» الذي وصف بأنه «شامل» بلا أدنى مسوغ. ٭ كلمات مندوبي الدول الخمس الدائمة ترواحت بين الشكوك والتحذيرات والترحيب فور إقرار الاتفاق.. فبينما اتسمت لهجة مندوبي روسيا والصين بروح التسامح والتفاؤل، كانت كلمات كل من مندوبي الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا تفصح عن شكوك عميقة عن مدى التزام إيران بما وقع عليه وزير خارجيتها في جنيف. ٭ لم يمض طويل وقت بين إشراع الأقلام لرسم التوقيعات على مسودة الاتفاق ذات المائة صفحة، حتى خرج مرشد الجمهورية على خامنئي مؤكداً على مواقف إيران المعهودة تجاه المنطقة العربية قائلاً: إن الاتفاق النووي لن يدفع بلاده إلى التخلي عن حلفائها في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين والدفاع عن حقوق المضطهدين في كل مكان.. ما يعني أن الاتفاق بالنسبة له سيكون بمثابة إطلاق يد نظام ولاية الفقيه لتصدير «الثورة»، تُقرأ الفتنة والاقتتال الطائفي بين أبناء الأمة العربية. ٭ رئيس الحرس الثوري محمد علي جعفري، أعلنها صريحة وداوية بأن إيران ترفض وضع أي قيود على التسلح الإيراني، وأعتبر ما ورد في الاتفاق من بنود تتصل بالتسلح بمثابة تجاوز ل «الخطوط الحمراء» .. فإيران مهتمة بشكل خاص ببناء ترسانة للصواريخ البالستية القادرة على حمل الرؤوس النووية.. بما يكشف عن نواياها المستقبلية برغم توقيع الاتفاق على برنامج مازالت تعلن أنه للاغراض السلمية. ٭ الولاياتالمتحدة وبرغم أنها مثلت الرافعة الكبرى لإنجاز الاتفاق إلا أنها عبّرت عن شكوكها في مدى التزام إيران ببنود الاتفاق، وأعلنت عن ذلك بوضوح على لسان الرئيس باراك أوباما ومندوبتها في مجلس الأمن سامنتا، مؤكدة أن العقوبات الاقتصادية التي من المقرر أن تُرفع تدريجياً، ستعود إلى العمل فور صدور ما يؤكد عدم الإلتزام بسلمية البرنامج والمواد الانشطارية المستخدمة من جانب منظمة الطاقة الذرية .. وبلغ الأمر بأوباما أن يعلن أن الخيار العسكري ليس مستبعداً إذا ما مضت إيران في برنامجها للتسليح النووي.. وإن كنا لا نعول كثيراً على تصريحات أوباما ومصداقيتها.. (الحالة السورية نموذجاً). ٭ محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني، الذي مهر الاتفاق بتوقيعه، أعلن من جانبه أن إيران لم تقدم أية تنازلات أو امتيازات للأطراف الأخرى خلال المفاوضات، لكنه لام أوباما على تصريحاته حول عدم استبعاد الخيار العسكري، واعتبرها مخالفة لروح الاتفاق الذي يستهدف صناعة السلام. ٭ في مسألة الحلفاء أو الأصدقاء في المنطقة عرباً واسرائيلين فإن الولاياتالمتحدة بدأت تتحرك من أجل طمأنهتم بأن الأتفاق لن يكون بمثابة «ضوء أخضر» لطهران للعربدة في المنطقه، حيث طار وزير الدفاع آشتون كارتر إلى اسرائيل والتقى وزير الحرب الصهيوني في بداية جولة تشمل عدداً من الدول العربية ذات الصلة، والتي يشكل الاتفاق لها مصدراً للقلق والهواجس تجاه النوايا الإيرانية. ٭ تلك النوايا التي عبر عنها الأمير بندر بن سلطان في مقال له في إحدى الصحف اللبنانية الناطقة بالانجليزية عندما ذكر أن الاتفاق يفتح الطريق أمام إيران لتصنيع السلاح النووي ويخل بميزان القوى العربي - الإيراني .. وقال الأمير بندر ذلك، بشكل غير رسمي، لكنه يمثل وجهة نظر مهمة داخل الأسرة الحاكمة على أية حال.. بالرغم من قبول السعودية المبدئي بالاتفاق .. مع التأكيد على ضرورة ضمان إلتزام إيران ببنود الاتفاق والزامها من جانب المجتمع الدولي بما وقعت عليه وكف يدها من التدخل في الشؤون العربية. ٭ وفي كل الأحوال فإن الاتفاق يمثل بداية مرحلة جديدة تسير فيها إيران على ذات الطريق، طريق المغامرة والتفرد بمنطق الجهاد وولاية الفقيه و «التقية» أي خداع الأعداء، ويجتهد فيه المجتمع الدولي من جانبه لمنع إيران من نيل بغيتها في الحصول على السلاح النووي عبر التفتيش .. التفتيش الذي ليس بالضرورة أن يكون حاسماً أو صادقاً، كما علتمنا تجربة العراق.. ويطل - للأسف - العامل الأكثر ردعاً لنوايا إيران هو موقف العدو الإسرائيلي.. الذي يضع العرب في موضع عبر عنه شاعرهم القديم بأنه «من نكد الدنيا على المرء.. أن يرى عدواً ليس من صداقته بدُّ»!